قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

طموح تاريخي.. ألمانيا تسرّع خطى بناء "أقوى جيش أوروبي" بمشروع قانون جديد للتجنيد

طموح تاريخي: ألمانيا تسرّع خطى بناء "أقوى جيش أوروبي" بمشروع قانون جديد للتجنيد
طموح تاريخي: ألمانيا تسرّع خطى بناء "أقوى جيش أوروبي" بمشروع قانون جديد للتجنيد

ألمانيا تستهدف 460 ألف جندي واحتياطي بحلول 2035 لمواجهة تهديدات روسيا.

زيادة حادة في رواتب المتطوعين وخيار "التجنيد الإجباري" للرجال إذا فشلت الأهداف.

خطة التجنيد الجديدة تواجه معارضة يسارية رغم التحذيرات من هجوم روسي محتمل بحلول 2029.

تتحرك ألمانيا بخطوات حثيثة نحو تحقيق التزام المستشار فريدريش ميرز ببناء "أقوى جيش تقليدي في أوروبا"، حيث وافقت الحكومة الائتلافية على مشروع قانون إصلاحي شامل لتعزيز القوات المسلحة. تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التهديد المتصور من روسيا وتحذيرات إدارة ترامب بضرورة تحمل أوروبا لمسؤولية أمنها.

— أهداف التوسع والأرقام الجديدة

يهدف الإصلاح الجديد إلى زيادة أعداد القوات الألمانية (البوندسفير) بشكل كبير بحلول عام 2035. تسعى الحكومة لرفع العدد الإجمالي للجنود من حوالي 180,000 حالياً إلى 260,000 جندي نظامي، بالإضافة إلى 200,000 فرد احتياطي.

هذه الأرقام تمثل تحولاً جذرياً بعد عقود من الإهمال والتقليص.

— من التطوع إلى الإلزام: نموذج التجنيد الجديد

تركز المرحلة الأولى من الخطة على تعزيز التطوع عبر حوافز مغرية ،وتشمل هذه الحوافز زيادة الراتب الشهري للمجندين المبتدئين إلى 2,600 يورو (3,000 دولار)، بزيادة قدرها 450 يورو عن المستوى الحالي. ومع ذلك، يمنح مشروع القانون الحكومة خيار اللجوء إلى الاستدعاء الإجباري عند الضرورة في حال عدم تلبية الأعداد المستهدفة.

• آلية الإلزام: اعتباراً من العام المقبل، سيتلقى جميع الشباب البالغة أعمارهم 18 عاماً استبياناً حول اهتمامهم بالخدمة. سيكون الرد على هذا الاستبيان إلزامياً للذكور. واعتباراً من عام 2027، سيخضع الذكور في الثامنة عشرة من العمر لفحوصات طبية إجبارية.

— ضرورة أمنية وتحذيرات من روسيا

يأتي هذا التحول استجابة لتحذيرات القادة العسكريين. فقد صرح رئيس أركان الدفاع الألماني، الجنرال كارستن بروير، بأن الناتو يجب أن يستعد لهجوم روسي محتمل في غضون السنوات الأربع المقبلة، قد يحدث في وقت مبكر من عام 2029. وتؤكد "مينا أولاندر" من معهد "تشاتام هاوس" أن الموقع الجغرافي المركزي لألمانيا يجعلها ذات "دور رئيسي في الدفاع التقليدي عن أوروبا".

— خلاف سياسي وتطمينات من وزير الدفاع

جاء مشروع القانون الحالي بعد أسابيع من التجاذبات بين شريكي الائتلاف (الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي)، حيث تم التخلي عن فكرة "التجنيد بنظام القرعة". وقد رحب وزير الدفاع، بوريس بيستوريوس، بالاتفاق، مؤكداً أنه "لا يوجد سبب للقلق، ولا سبب للخوف" لأولئك المتأثرين. وأشار بيستوريوس إلى أن النموذج الألماني الجديد للتجنيد "حديث للغاية" وقد يكون مثالاً يحتذى به لحلفاء أوروبيين آخرين.

— معارضة شعبية ويسارية

على الرغم من الدوافع الأمنية، لا يزال المشروع مثيراً للجدل ويعارضه الكثيرون، وخاصة من اليسار السياسي، إعادة أي شكل من أشكال التجنيد الإلزامي. وأظهر استطلاع رأي أن 80% من ناخبي حزب "دي لينكه" اليساري يعارضون الفكرة. كما عبر شباب ألمان عن مخاوفهم بشأن إضاعة تعليمهم أو التورط في الحرب، حيث قال شاب (17 عاماً): "أنا أحب ألمانيا. لكني لا أريد أن أقاتل من أجل هذا البلد الآن".

— تاريخ الإهمال والتحول الجذري

عانت البوندسفير من نقص مزمن في التمويل لأكثر من ثلاثة عقود بعد الحرب الباردة، بسبب القيود التاريخية والعقلية السلمية التي سادت بعد الحقبة النازية. لكن الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 غيّر هذا الموقف جذرياً، حيث أعلن المستشار السابق أولاف شولتز عن "Zeitenwende" (نقطة تحول) بإنشاء صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو لتحديث الجيش، قبل أن يعمق المستشار الحالي ميرز هذا التحول بالتعهد بمضاعفة الإنفاق الدفاعي.

يمثل مشروع القانون الجديد لحظة تاريخية لألمانيا، حيث تتخلى علناً عن عقود من الإهمال العسكري لتتبنى دور القوة المركزية في الدفاع الأوروبي. وبينما يرى القادة أن هذه الخطوة ضرورية لـ "فهم بوتين للغة القوة"، يظل التحدي يكمن في إقناع جيل جديد يميل للسلام بتقبل الخدمة الإلزامية.

ومن المقرر أن يصوت البوندستاغ (البرلمان) على هذا الاتفاق بحلول نهاية العام، تمهيداً لبدء العمل به في 1 يناير 2026.