قفزت أسعار الفضة إلى مستويات قياسية جديدة خلال تعاملات اليوم الأربعاء، مسجلة ارتفاعًا تجاوز 4% في بورصة السلع المتعددة في الهند، لتواصل موجة صعود قوية لفتت أنظار الأسواق العالمية.
وجاء هذا الارتفاع في أعقاب صدور بيانات ضعيفة عن سوق العمل الأمريكي، أعادت إحياء التوقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ما أدى إلى تراجع الدولار وزيادة الإقبال على المعادن النفيسة، بحسب ما نقلته منصة "ماركت واتش" الاقتصادية.
وارتفعت الفضة في التعاملات الفورية بنسبة 2.8% لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 65.63 دولار للأوقية، في أول مرة تتجاوز فيها الفضة حاجز 65 دولار، في المقابل، ارتفع الذهب الفوري بنسبة 0.4% إلى 4,321.56 دولار للأوقية، مدعومًا بضعف الدولار الأمريكي.
وجاءت موجة الصعود عقب بيانات أمريكية أظهرت ارتفاع معدل البطالة إلى 4.6% في نوفمبر، ما عزز التوقعات بمزيد من التيسير النقدي، وساهم ضعف سوق العمل، إلى جانب النبرة التيسيرية التي تبناها الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي بعد خفضه الأخير للفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية هذا العام، في تعزيز الطلب على الأصول غير المدرة للعائد.
كما ساهمت التوترات الجيوسياسية في دعم الأسعار، بعدما أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض حصار على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات التي تدخل أو تغادر فنزويلا، في خطوة زادت الضغط على الرئيس نيكولاس مادورو وسط تصاعد النشاط العسكري في المنطقة، وأدى هذا التصعيد إلى زيادة الطلب على الملاذات الآمنة وتعزيز الزخم الصعودي للفضة.
وقال متداول عملات مقيم في سنغافورة إن «بيانات البطالة دعمت بالفعل المعادن النفيسة وأضعفت الدولار، ما دفع المستثمرين إلى البحث عن فئات أصول أخرى تحقق عوائد أعلى كوسيلة للتحوط من المخاطر».
واستقر مؤشر الدولار بالقرب من أدنى مستوى له في شهرين، ما جعل السبائك المقومة بالدولار أكثر جاذبية للمشترين من خارج الولايات المتحدة، وأثار الصعود الحاد للفضة تساؤلات بين المستثمرين حول مدى ملاءمة التوقيت الحالي للدخول إلى السوق، ولا تزال آراء المحللين منقسمة، وإن كان معظمهم يتفق على أن الطبيعة المزدوجة للفضة، باعتبارها معدنًا نفيسًا وسلعة صناعية في الوقت نفسه، تمنحها وضعًا فريدًا في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وقال راجكومار سوبرامانيان، رئيس المنتجات ومكاتب العائلات في «بي إل ويلث»، إن الفضة باتت تلعب دورًا متناميًا في المحافظ الاستثمارية، موضحًا أن «الفضة تبرز كأداة تنويع استراتيجية للمستثمرين الهنود، إذ تتمتع بتقلبات أعلى من الذهب، لكنها توفر أيضًا فرص صعود أكبر خلال دورات السلع، مدعومة بارتفاع الطلب الصناعي وزيادة مشاركة المستثمرين الأفراد»، مضيفًا أن الطلب على الفضة في الهند بات مرتبطًا بشكل متزايد بنمو صناعات الطاقة الشمسية، والسيارات الكهربائية، والإلكترونيات، والبنية التحتية الرقمية.
وفي رؤية أكثر حذرًا، قال أبورفا شيه، رئيس رؤى الأسواق والبحوث في «سامكو سيكيوريتيز»، إن الأداء القوي للفضة قد يبدأ في فقدان زخمه، مضيفًا: «الفضة حققت بالفعل أداءً قويًا، لكن في ظل ارتفاع العوائد وتوقعات زيادة التضخم، نعتقد أن الذهب قد يتفوق على الفضة على المدى المتوسط، وأن المستثمرين الذين يبنون محافظ للمعادن النفيسة ينبغي أن يعطوا الأولوية للذهب في هذه المرحلة».
ورغم ذلك، لا تزال العوامل الهيكلية طويلة الأجل داعمة للفضة، وأكد إن إس راماسوامي، رئيس السلع وإدارة علاقات العملاء في «فينتورا»، أن ضيق المعروض وتغير هيكل الطلب قد يدفعان الأسعار إلى مستويات أعلى بكثير، وقال: «قد ترتفع الفضة إلى 100 دولار للأوقية، أي نحو 300 ألف روبية للكيلوجرام، لكن يجب على المستثمرين أن يتذكروا أن الفضة معروفة بموجات صعود حادة يعقبها هبوط قوي، وعندما يلحق المعروض بالطلب، سيكون ذلك بمثابة إشارة بلوغ ذروة الفضة».
وأضاف راماسوامي أن الفضة باتت مرشحة لأن تصبح «معدن الجيل القادم»، مدفوعة بزيادة الاستهلاك في قطاعات الإلكترونيات، والطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات، والسيارات الكهربائية، إلى جانب استفادتها من إدراجها ضمن قائمة المعادن الحيوية في الولايات المتحدة.