أعلنت هيئة الطيران المدني في تايوان أن عددًا من رحلات الترانزيت الدولية ألغت العبور عبر الأجواء التايوانية خلال الساعات الماضية، نتيجة التدريبات العسكرية الصينية المكثفة الجارية في محيط الجزيرة، في تطور يعكس التأثير المباشر للتصعيد العسكري على حركة الطيران المدني في شرق آسيا.
وقالت الهيئة، في بيان رسمي صادر في تايبيه، إن شركات طيران عدة اختارت تغيير مساراتها الجوية أو تعليق العبور المؤقت عبر المجال الجوي التايواني، التزامًا بإجراءات السلامة، على خلفية المناورات الصينية التي تتضمن إطلاق ذخيرة حية ونشاطًا مكثفًا للقوات الجوية والبحرية قرب مضيق تايوان.
وأكدت السلطات التايوانية أن المجال الجوي المدني لم يغلق رسميًا، وأن حركة الملاحة الجوية مستمرة، إلا أن بعض شركات الطيران فضلت اتخاذ تدابير احترازية بسبب التحذيرات الملاحية والإخطارات العسكرية الصادرة بالتزامن مع التدريبات.
تأثير مباشر على الطيران المدني
وتعد الأجواء التايوانية من أكثر المسارات الجوية ازدحامًا في العالم، إذ تشكل نقطة عبور رئيسية لرحلات الترانزيت بين شمال شرق آسيا وجنوبها، وكذلك الرحلات المتجهة بين أوروبا وأستراليا. ويؤدي أي اضطراب في هذا المجال إلى زيادة زمن الرحلات وتكاليف التشغيل، فضلًا عن الضغط على مسارات جوية بديلة تمر فوق الفلبين أو بحر الصين الجنوبي.
وأوضحت الهيئة أن السلطات تعمل بتنسيق مستمر مع شركات الطيران والمنظمات الدولية المعنية بالطيران المدني، لضمان سلامة الأجواء واستمرارية الحركة الجوية، مع متابعة التطورات الميدانية أولًا بأول.
تصعيد واسع
يأتي هذا التطور في ظل مناورات عسكرية صينية واسعة النطاق دخلت يومها الثاني، وشملت نشر مدمرات وفرقاطات ومقاتلات وقاذفات وطائرات مسيّرة، إضافة إلى إطلاق صواريخ حية في مياه قريبة من تايوان، ضمن ما وصفته بكين بأنه تدريب على “محاصرة الجزيرة ومنع التدخل الخارجي”.
وتعتبر الصين تايوان إقليمًا تابعًا لها، وتؤكد مرارًا أنها لا تستبعد استخدام القوة لفرض “إعادة التوحيد”، في حين ترفض تايبيه هذه المطالب وتتمسك بوضعها السياسي القائم، بدعم غير مباشر من الولايات المتحدة وحلفائها.
وخلال السنوات الأخيرة، لجأت بكين إلى تكثيف الضغوط العسكرية والنفسية على تايوان، عبر مناورات تحاكي فرض حصار بحري وجوي، وهو ما تعتبره تايبيه محاولة لتغيير الوضع القائم بالقوة، وتهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي.
تداعيات إقليمية ودولية
ويرى مراقبون أن اضطراب حركة الطيران المدني يمثل أحد أخطر التداعيات غير العسكرية للتصعيد، إذ يمتد أثره إلى سلاسل الإمداد والتجارة العالمية، خاصة في منطقة تُعد مركزًا رئيسيًا للاقتصاد العالمي وصناعة أشباه الموصلات.
كما يثير التصعيد مخاوف من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة أوسع في حال وقوع أي حادث غير محسوب، سواء في الجو أو البحر، ما قد يستدعي تدخل قوى دولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة.