في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد التحركات الإسرائيلية داخل منطقة القرن الإفريقي، برز ملف صومالي لاند إلى الواجهة باعتباره إحدى أكثر النقاط حساسية وتأثيرًا على معادلات الأمن الإقليمي، وخاصة فيما يتصل بممرات الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب.
ومع تداول معلومات حول مساعٍ إسرائيلية لإقامة قاعدة عسكرية محتملة في الإقليم، برزت تساؤلات جوهرية حول انعكاسات هذا التحرك على الأمن القومي المصري والعربي، وعلى موازين القوة في شرق إفريقيا والمنطقة المحيطة بقناة السويس.
إقامة قاعدة عسكرية إسرائيلية في صومالي لاند غير شرعية وتمثل خرقًا صريحًا للقانون الدولي
أكد الدكتور عبد الله نعمة، الباحث في العلاقات الدولية والخبير الاستراتيجي، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد أن حكومة بنيامين نتنياهو تسعى إلى الهروب من أزماتها الداخلية عبر تصدير التوتر إلى جبهات إقليمية متعددة، مشيرًا إلى أن ما تقوم به إسرائيل في منطقة القرن الإفريقي، وخاصة في إقليم صومالي لاند، يمثل تطورًا بالغ الخطورة قد يدفع المنطقة نحو خيارات عسكرية مفتوحة.
وقال دكتور نعمة إن أي محاولة إسرائيلية لإقامة قاعدة عسكرية في صومالي لاند ستضع الأمن القومي المصري والعربي أمام اختبار استراتيجي خطير، موضحًا أن ذلك يمثل خطًا أحمر خصوصًا مع حساسية الموقع الجغرافي عند مدخل البحر الأحمر، وهو ما قد يفرض على القاهرة دراسة كافة السيناريوهات المحتملة.
وأوضح أن مصر تمتلك بالفعل وجودًا عسكريًا في الصومال بموجب اتفاقيات دفاع مشترك بين البلدين، وهو ما يمنح القاهرة بحسب وصفه الحق القانوني في منع إقامة قاعدة عسكرية إسرائيلية على أراضي الصومال، معتبرًا أن أي وجود عسكري إسرائيلي هناك سيعد “غير شرعي” ومخالفًا للقانون الدولي.
وأضاف الخبير الاستراتيجي أن حكومة نتنياهو تحاول عبر هذا التحرك إبقاء حالة التوتر السياسي والعسكري قائمة لإنقاذ نفسها من السقوط، مشيرًا إلى أن الخطوة تحمل عدة أهداف استراتيجية، من بينها:
- إنشاء قاعدة متقدمة لتهديد الحوثيين في اليمن من أقرب نقطة جغرافية
- التأثير على المصالح التركية في الصومال
- والأخطر وفق قوله التأثير المباشر على الأمن القومي المصري عبر التأثير على حركة الملاحة في مدخل البحر الأحمر
ولفت إلى أن هذا المشهد قد ينعكس بشكل مباشر على إيرادات قناة السويس، إلى جانب دعم الموقف الإثيوبي في ملف سد النهضة، وهو ما يجعل التحرك الإسرائيلي بحسب تعبيره جزءًا من ترتيبات إقليمية معقدة تستهدف موازين القوة في المنطقة.
مصر لن تكتفي بالمسارات الدبلوماسية.. ولديها ترتيبات دفاعية واستباقية لحماية أمنها القومي
وأكد دكتور نعمة أن القاهرة تمتلك من الأدوات القانونية والدولية ما يمكنها من حماية أمنها القومي من جميع الاتجاهات، مضيفًا:“مصر لا تكتفي بالخيارات الدبلوماسية فقط، بل ستكون لديها كافة التدابير الدفاعية والعسكرية الاستباقية لحماية مصالحها الحيوية.”
المواجهة لن تكون مصرية منفردة.. وسيكون هناك موقف عربي وخليجي داعم
وأشار إلى أن مواجهة أي وجود عسكري إسرائيلي في تلك المنطقة لن تكون مصرية منفردة، وإنما سيصاحبها موقف عربي وخليجي داعم، خاصة في ظل أهمية مضيق باب المندب للأمن القومي العربي بأكمله.
وختم عبد الله نعمة تصريحاته بالتأكيد على أن مصر تعتبر هذا التحرك تهديدًا وجوديًا مباشرًا لأمنها القومي، وأن القوات المسلحة المصرية على حد قوله معنية بحماية مصالح الدولة ومحاور نفوذها الاستراتيجية في البحر الأحمر وباب المندب.