سياقات تفسيرية جديدة في آية "اقرأ"

أوضحت الدكتورة إلهام محمد فتحي أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر في تفسير قوله "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"، أنها أول ما نزل من القرآن الكريم، وأول رحمة رحم الله بها عباده، وأول خطاب وجّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقرأ هى أول مانزل من القرآن والأمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأضافت أن هذه الآية نزلت على النبى وهو يتأمل فى غار حراء جاء في صحيح الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي غار حراء (حراء جبل بمكة) يتعبد فيه الليالي ذوات العدد، ثم يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها، حتى فجأه الوحي وهو في الغار إذ جاءه الملك فقال له: اقرأ، قال ما أنا بقارئ، قال:فأخذه ثانية فغطّه حتى بلغ منه الجهد، ثم أرسله فقال: اقرأ، قال ما أنا بقارئ. قال فأخذه ثالثة فغطّه حتى بلغ منه الجهد فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ.
وقالت: إن الرواة قالوا: فرجع ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زمّلونى زملونى، فزملوه حتى ذهب عنه الرّوع فأخبر خديجة الخبر، ثم قال: قد خشيت على نفسي، فقالت له: كلّا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق. ثم انطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى (ابن عم خديجة) وكان امرأ قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، وكتب بالعبرانية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمى، فقالت خديجة: أي ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: ابن أخي ما ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على عيسى، ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أومخرجي هم؟ فقال ورقة: نعم، لم يأت أحد قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركنى يومك أنصرك نصرا مؤزّرا، ثم لم ينشب أن توفّي، رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم.
وتابعت: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) أي صر قارئا بقدرة الله الذي خلقك وإرادته بعد أن لم تكن كذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن قارئا ولا كاتبا، وقد جاءه الأمر الإلهي بأن يكون قارئا وإن لم يكن كاتبا، وسينزل عليه كتابا يقرؤه، وإن كان لا يكتبه.
وقصارى ذلك - إن الذي خلق الكائنات وأوجدها، قادر أن يوجد فيك القراءة، وإن لم يسبق لك تعلمها.
ولفت إلى أنه قيل فى معناها اقرأ ما سيوحَى إليك مصاحباً قراءتَك ( اسمَ ربك ) . فالمصاحبة مصاحبة الفهم والملاحظة لجلاله ، ويكون هذا إثباتاً لوحدانية الله بالإلهية وإبطالاً للنداء باسم الأصنام الذي كان يفعله المشركون يقولون : باسم اللاتتِ ، باسم العزى ، كما تقدم في البسملة . فهذا أول ما جاء من قواعد الإسلام قد افتتح به أول الوَحي وعدل عن اسم الله العَلم إلى صفة {ربك} لما يؤذن وصف الرب من الرأفة بالمربوب والعناية به، مع ما يتأتى بذكره من إضافته إلى ضمير النبي صلى الله عليه وسلم إضافة مؤذنة بأنه المنفرد بربوبيته عنده رداً على الذين جعلوا لأنفسهم أرباباً من دون الله فكانت هذه الآية أصلاً للتوحيد في الإسلام.