فى بروكسل .. الشيطان يعظ
عندما يأمرك الشيطان بالصلاة ويحدثك عن الأخلاق ويدعوك الى برالوالدين فمؤكد إننا امام مكيدة تستدرجنا الى الهاوية، هذا ما قفز الى ذهنى وانا اتابع بيان الجماعة الإرهابية من بروكسل وما أطلقوا عليه إعلان بروكسل.
وعندما يصدر إعلان من العاصمة البلجيكية بروكسل يتحدث عن ديموقراطية الفترة الإنتقالية على أسس رصينة وسليمة، تعاقدية وتوافقية، ببرنامج زمني مناسب يؤسس لفترة تشاركية سياسية ومجتمعية وشعبية، وتكمل قراءة ماسمى بإعلان بروكسل فتكتشف انهم يتحدثون عن إسقاط 30 يونيو والعودة الى 25 يناير أو بالتحديد الى يوم 11 فبراير 2011 والذى اعلن فيه عمر سليمان تنازل مبارك على السلطة، متجاوزين ثلاث سنوات ونصف هى اقسى فترة زمنية مرت بحياة المصريين، وحتى تكون الكلمات لها وجه يداعب أفكار البلهاء فهم يمحون السنة التى حكمت فيها جماعتهم الإرهابية.
كما يقفزون على السنة السوداء التى خرجوا علينا فيها بالسلاح بعد عزلهم عن حياتنا واذاقونا إرهابهم وعنفهم اصنافا والوانا، واسترخصوا دماءنا واستحلوا ارواحنا، وحرقوا الأرض تحت اقدامنا، ومازال الترويع يحرق قلوب الأمهات والزوجات، ومازال التهديد بالفوضى يغتال أمن الشيوخ والعجائز، ولا كلمة واحدة فى بيان بروكسل عن الإرهاب والعنف، وما الداعى إذا كانت قواعدهم الميدانية أقنعت شبابهم الواعى المتفتح ان كل الدم الذى سال خلال العام الفائت مؤامرة من الجيش والشرطة لتشويه صورتهم البديعة ووصمهم ظلما بالإرهاب.
وكأننا اما مؤلف هابط الفكر، فاشل التدبير صاغ لنا حلقات الموت والتغييب فى دراما عجيبة جميعها نتاج مؤخرته، ومازال مصرا على إنتاج المزيد.
ولكن لا وجه للغرابة إذا كان محمد محسوب وزير مرسى للشئون القانونية وشئون مجلسي الشعب والشورى هو الذى يقود المؤتمر الصحفى من بروكسل.
فقد جلس مع خلاصة المهمومين بالشأن المصرى وتدبروا أمر المصريين، وقررواعودة الجيش إلى ثكناته، والتخلص من مؤامرة 30 يونيو والعودة الى مبادىء يناير بحالة 11فبراير والبدء من لحظة 11 فبراير، ولا أدرى لماذا لم يتضمن إعلانهم أن يقول عمر سليمان قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وتكليف مكتب الإرشاد بإدارة شئون البلاد، بما ان الفكرة خارجة من مؤخرة مؤلف هابط فتحتمل الف وجه تحمل رائحة الحقد الأسود والإنفصال عن الواقع مع الإغراق فى الهلاوس الضلالية.
وتضمن بيان بروكسل بناء استراتيجية متكاملة للعدالة الانتقالية تقوم على اتخاذ كل إجراءات المصارحة الحقيقة والمصالحة المجتمعية، وتفعيل القصاص العادل وسرعة الوفاء لحقوق الشهداء والمصابين والمعتقلين، واتخاذ كل ما يلزم لبلوغ العدالة الناجزة والفاعلة في هذا المقام، مع تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حقوق الفقراء وأبناء الشعب الكادح، وعلى رأسها العمال والفئات المهمشة، وإنهاء الظلم الاجتماعي، وذلك من خلال برنامج اقتصادي يحقق التنمية المتكاملة لعموم الشعب المصري، وتمكين الشباب والمرأة من ممارسة أدوار قيادية مؤثرة تتناسب مع دورهم الطليعي في الثورة، من خلال سياسات حقيقية في إطار استراتيجيات متكاملة وآليات واضحة مع ضمان الحقوق والحريات العامة، والسعي إلى تحقيق دولة العدل، وسيادة القانون والمواطنة والحفاظ على كرامة الإنسان ... "سيدى"
كلام منمق وجميل وليس به ما يشى إنه خارج من مؤخرة المجتمعين فى عاصمة بلجيكا، والسياق الدرامى يستلزم مؤيدين للبيان فيطل علينا وجه أيمن نور من بيروت ويثمن تاره وينتقد تارة أخرى، ويعد المصريين المترقبين لطلته أنه يعد بيان أكثر توضيحا سيصدره قبل 30 يونيو القادم.
ولكن سياق الدراما يحتاج الى تأييد مطلق فيعلن الدكتور محمد على بشر، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، إن التحالف الداعم للجماعة ماض بقوة فى طريق استعادة ثورة 25 يناير ومكتسباتها والمسار الديمقراطى، وفقاً لرؤيته الاستراتيجية التى أعلنت من قبل.
وإذا كان السيناريو الهابط الفاشل يحتاج الى معترضين فيحدثنا من جحره تحت الأرض مصدر داخل تحالف دعم الإخوان حسب أحد المواقع، يقول فيه إنهم يعترضون على صياغة البيان والذى كان من المفروض ان يتضمن محاكمة الانقلابيين، ولكن التحالف يتواصل مع بعض الشخصيات العامة الوطنية وكيانات سياسية وشركاء فى ثورة يناير لمعرفة تفاصيل هذه المقترحات، مشيرا إلى أن هناك عددا كبيرا من قيادات التحالف رحبوا بالأفكار التى طرحها أيمن نور، وسنعلن فى بيان للتحالف موقفنا الرسمى خلال أيام... "هتروحوا من ربنا فين"
منتهى التغييب عن الواقع منتهى الإنفصام عن التاريخ والجغرافيا وحركة الكون، منتهى الخزعبلات والوساوس القهرية والهلاوس الضلالية، التى تحذف الواقع وتختصر الملايين، فى بيان يؤكد بين سطوره الخيانة، ولما يؤكد فقد برهنتم لنا عشرات المرات انكم تكرهون هذة الأرض وحرقتم علم مصر فى التحرير وزغردة قلوبكم عندما هزمنا فى ماتش كوره، ورفعت أيديكم أعلام القاعدة السوداء مثل ضمائركم الخربة، ووجدانكم الفاسد .. قاتلهم الله أني يؤفكون.