الخبير الاقتصادى العالمى محمد العريان :الأمن والتمويل والنمو الاقتصادى ثلاثة حلول أمام السيسي لعلاج الأزمة الاقتصادية

كتب محمد العريان الخبير الاقتصادى العالمى مقالا فى موقع "بلومبرج" الإخبارى الأمريكى تحت عنوان " الثورة المصرية يمكن إنقاذها" قال فيه إنه فى أواخر الشهر الحالى، فإن انتخابات الرئاسة الجديدة سوف تمنح مصر فرصة أخرى لتنفيذ وعود الثورة المصرية التى أطاحت بالرئيس الأسبق حسنى مبارك منذ ثلاث سنوات.
وأشار العريان إلى أنه كي ينجح الرئيس الجديد فإن عليه أن يتحرك بسرعة على ثلاث جبهات: الأمن والتمويل والنمو الاقتصادى، وأنه سيفعل ذلك فى سياق تحقيق أهداف الثورة "عيش، حرية، عدالة إجتماعية".
وأضاف أن المهمة الأولى تتمثل فى التصدى للموجة الأخيرة من العنف التى حصدت العديد من الأرواح، وجردت العديد من المواطنين من إحساسهم بالأمان وتسببت فى تراجع المكانة الدولية للبلاد، ودمرت السياحة وقوضت الأنشطة الاقتصادية الرئيسية وتسبب فى عجز مؤلم فى كميات السلع الغذائية.
وقال العريان إن المهة الثانية تتمثل فى أنه يجب معالجة عجز الميزانية والعجز التجارى، وأنه حتى لو حققت الحكومة هدفها بتقليص عجز الموازنة إلى 14% من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام القادم، فإن هذا العجز الكبير مازال يهدد بتفاقم التضخم، والذى يستهدف الفقراء على وجه الخصوص.
وتابع أن العجز التجارى يتطلب الكثير من الاقتراض من الخارج، الأمر الذى يجعل مصر تعتمد بشكل كبير على مساعدات من الدول الصديقة مثل الإمارات والسعودية والكويت.
وقال إن المهمة الثالثة تتمثل فى أنه ينبغي على الحكومة إيجاد وسيلة لتعزيز النمو الاقتصادى بشكل دائم، وإن كانت حتى الآن بطيئة جدا فى استيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل. وقال إنه على الرغم من أن التحديات التى تواجه مصر كبيرة، إلا أنها لديها القدرة على التغلب عليها.
وأوضح أنه خلال مشاركته فى العديد من جهود الإصلاح خلال 15 عاما من العمل فى صندوق النقد الدولى، فإن العديد من الدول التى تمتلك إمكانات أقل من مصر تمكنت من التغلب عليها وعلى أوضاع أكثر صعوبة. وأضاف أن المفتاح للرئيس القادم والذى من المرجح أن يكون المشير عبد الفتاح السيسي يتمثل فى الاستفادة من الشعور المتزايد بالمواطنة والوعى الوطنى اللذين أطلقتهما ثورة يناير 2011. وأضاف أن المكاسب الأساسية للثورة مازالت موجودة، على الرغم من أن مصر كافحت بقوة حتى الآن فى اتخاذ أصعب محور لمعظم الثورات، المتمثل فى الانتقال من تفكيك الماضى القمعى إلى بناء مستقبل واعد.
وأضاف العريان أنه بعد أن حكمهم نظام قمعي لعدة عقود، فإن الغالبية العظمى من المصريين لديهم إحساس عظيم بالملكية والفخر ببلدهم، وأنهم يتوقون بحق لمزيد من الديمقراطية والعدل والازدهار. وأضاف أنه على الجبهة الأمنية، فإن على الرئيس الجيد الخلط بين الحزم والسياسات الجديدة للمصالحة مع خصومه، وتجنب العودة إلى الماضى القمعى.
وفى الوقت نفسه، فإنه فى حاجة إلى خطة اقتصادية عاجلة، وهى مرتكز أساسى مفقود منذ سنوات. وأوضح أنه بالإضافة إلى مؤشرات الاقتصاد الكلى المعتادة، فإن هذه الخطة يجب أن تحدد بوضوح الأهداف فى مجالات معينة مثل العمل والصحة والتعليم ومحو الأمية ومعدلات وفيات الأطفال بطريقة قابلة للقياس وشفافة.
وأكد أنه فى سبيل تحقيق ذلك، يمكن الاستعانة بالقروض منخفضة الفائدة وطويلة الأمد من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى والمنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبى والحكومات، والأهم أن تكون هذه القروض دعما لبرنامج مصري. وتابع أن القطاع العام ليس أمامه خيار فى هذه المرحلة سوى أن يلعب دورا حاسما فى تحسين الظروف أمام الشركات المحلية والمستثمرين الأجانب. وأضاف أن هذا يستلزم معالجة تمويل الحكومة وإصلاح النظام الضريبي وتحديد شبكة الأمان الاجتماعى وإصلاح الإطار المؤسسى وتخفيف القيود البيروقراطية.