قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

نتألم لكى نتعلم


بعد كل ابتلاء يتعرض له الشخص منا , بعد كل طعنة غير متوقعة من عزيز , وبعد كل فقدان لنعمة تمثل لنا الكثير دوما ما نردد كلمات نقم وسخط على الدنيا وأقدارها قانعين بنتيجة حتمية أنها دنيا غادرة ... ولكنى أتشكك حقا فى هذه النتيجة وراودنى تساؤل يجول بخاطرى هل فعلا هى دنيا غادرة أم أننا أسأنا فهمها ؟
أعتقد أننا المخطئون , فنحن من نسىء فهمها , نحن من نعجز عن فهم فلسفتها , نحن من لا نتوقع سريان أحداثها ضد رغباتنا , نحن من نغفل المعنى الحقيقى للابتلاء و الحكمة منه , نحن من نخطىء فى تعاملنا مع ما أعطانا الله من نعم فلا نتقبل فقدانها .
قد نتعامل أحيانا مع أغلب النعم على أنها تحصيل حاصل , وجودها أمر طبيعى ومؤكد دون أن يخيل لنا أنها نعمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى فعندما يدرك الفرد ان شيئا ما هو نعمة وليس شيئا مضمون وجوده فبالتأكيد تختلف نظرته و تعامله معه .. سيقدره , سيحافظ عليه , سيشعر بما فقده وقبل كل ذلك سيعلم مدى لطف الله به الذى أعطاه و لم يحرمه , واذا وصل الى هذه النتيجة ان هناك من أعطاه الله وهناك من حرمه سيقنع أيضا أن من أعطاه الله قد يأخذ منه ما أعطاه له فى أى وقت , ولكن المشكلة تكمن فى عدم التوقع وعدم التصديق .
اذن لماذا لا نصدق هذه النتيجة ؟ لأننا لم نمر بتجربة الفقد , لم نحرم لنستشعر قيمة ما بأيدينا , ولذلك نبتلى فالابتلاء يجعل لدنيتا معنى , فلابد أن نتألم لكى نتعلم...
فالغدر رغم مرارته هو من يظهر لك معنى الوفاء , والظلم رغم ظلمته وقسوته إلا أن تذوقه يجعلك تعرف قيمة العدل وتتمسك به , فأحيانا نحتاج للألم لنعرف معنى الراحة وننعم بها , أحيانا نحتاج للخوف لنعرف معنى الأمان , أحيانا نحتاج للأخذ و المنع و الحرمان لنعرف معنى العطاء ,أحيانا نحتاج للحزن لنعرف معنى السعادة , نحتاج الى الظلام و مابه من عقبات , صعوبات , محن , عراقيل , وأوجاع لنعرف قيمة النور و ما يأتى به من خيرات.
فهذه هى الدنيا حلاوتها تتبع مرارتها ودون مرارتها لم ولن تشعر بحلاوتها , كل منحة تعطيها لك تتولد من محنة أصابتك بها , فلا تجذع من ابتلاءاتك و ان كثرت فما هى الا مقدمة لمنح سوف تسعد بها يوما ما .