خبراء الصحافة والإعلام يقتلون ميثاق الشرف "القومي" قبل وضعه.. ويؤكدون: "فكرة هزلية".. وأبو زيد:"محكمة الإعلام" هي الحل
صلاح عيسى: أمن العرب أهم بند مرشح لميثاق الشرف "القومي"
فاروق أبو زيد: أنس الفقي حقق فشلا ذريعا عند محاولته وضع ميثاق "موحد"
أبو زيد: صحافة كل دولة محكومة بنظامها
بعض الدول العربية لا تمتلك مواثيق داخلية ولن تقبل ميثاقا عاما
وكيل المجلس الأعلى للصحافة: فكرة هزلية غير قابلة للتنفيذ
سامي عبد العزيز: العالم لا يلتزم بـ"الشرف" رغم المواثيق
"الشرف".. كلمة عجز العالم العربي تحديدا عن أن يحققها في صحافته المقروءة والمرئية.. إلى حد بات يخلق مشكلات بين الدول بعضها البعض.
رئيس الوزراء المصري المهندس ابراهيم محلب بادر بدعوة "الصحفيين العرب" في عيد اتحادهم إلى وضع ميثاق قومي موحد يحكم الصحافة العربية بقوانين وعقوبات موحدة، فهل نستطيع تنفيذ الفكرة، وهل تؤتي ثمارها؟.. هذا ما يعرضه التقرير التالي:
في البداية رحب الكاتب الصحفي صلاح عيسى، وكيل المجلس الأعلى للصحافة، بفكرة وضع ميثاق شرف صحفى "إقليمي" وقومي عربي موحد، مشددا على ضرورة أن ترفع الحكومات يدها عنه تماما، وتلقي بمسئوليته كاملة على النقابات والاتحادات الصحفية؛ لاسيما فيما يخص وضع ضوابط الميثاق وطريقة تنفيذ العقوبات.
وأوضح "عيسى" - في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" - أنه يمكن أن توكل مهمة وضع الميثاق القومي إلى اتحاد الصحفيين العرب بمصر، حيث به ممثلو النقابات الصحفية العربية في كل مكان، لافتا إلى أن احتواء الميثاق على نصوص قانونية يجبر الجميع على الالتزام به، ومع تطبيق أول عقوبة سيلتزم الجميع بشكل فعلي.
وأشار إلى ضرورة، أن تكون هناك جهة إعلامية تقابل اتحاد الصحفيين العرب لتضع ميثاقا للشرف الإعلامي العربي أيضا، وتختص وزارة الاستثمار وما يقابلها في البلاد العربية بتطبيق النصوص وتوقيع العقوبات اللازمة على المتجاوزين.
بينما اعترض بشدة الدكتور فاروق أبو زيد، عميد كلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، وقال إن الفكرة أشبه بالخيال، وتنفيذها مستحيل خاصة أن صحافة كل دولة وإعلامها يكون محكوما بالنظام الذي تخضع له الدولة.
وأوضح "أبو زيد" في تصريح خاص لـ"صدى البلد" أن صحافة الأنظمة السلطوية تختلف عن الدول الديمقراطية، والتي تختلف بدورها عن الأنظمة المختلطة، وما يمكن أن تلتزم به دولة يستحيل إقناع الدولة الأخرى به.
وأضاف: كما أن كثيرا من الدول العربية لا توجد بها مواثيق شرف داخلية لعدم وجود نقابات صحفية وإعلامية حيث إن هذه المؤسسات الصحفية هي من يضع المواثيق وليست الحكومة، والدولة التي لا يوجد بها ميثاق شرف داخلي يستحيل أن تلتزم بميثاق عام.
وأكد أن الوثيقة المعروفة بوثيقة أنس الفقي كانت تعرض لميثاق شرف صحفي وإعلامي موحد، عرضها وزير الإعلام آنذاك على جامعة الدول العربية ورفضت الدول تنفيذها وفشلت فشلا ذريعا.
واقترح أن يتم استحداث "محكمة الإعلام" على غرار محكمة الأسرة والطفل والمحاكم المتخصصة الأخرى؛ لتكون وظيفتها تحقيق التوازن بين حرية الصحافة والإعلام وحرية المجتمع.
وأكد "أبو زيد" أن القضاء بات الحل الوحيد لإحداث التوازن المطلوب في ظل تجاهل ميثاق الشرف الصحفي، وعدم العمل به على الرغم من أنه من أفضل المواثيق الموضوعية في العالم.
وأوضح أن نقابة الصحفيين لا تطبق الميثاق؛ لأسباب أولها، إنها تنظر للصحفي المصري على أنه "غلبان" - بحسب قوله –، ولا يحتمل ضغطا جديدا فوق الضغوط المادية التي يواجهها، والسبب الثاني يتمثل في الانتخابات، حيث إن مجالس النقابة المتتالية تفضل عدم تطبيق الميثاق؛ حتى لا تخسر أصوات الجمعية العمومية في المواسم الانتخابية، وحتى تكسب ود الصحفيين ودعمهم.
ولفت إلى أن مواثيق الشرف الصحفي لا يتم تفعيلها في الدول النامية والتي تعد مصر واحدة منها.
وأشار إلى أن إنشاء محكمة للإعلام سيخلص مصر من كل آفات الصحافة والإعلام، وسيضبط إيقاعها بشرط أن يتم التقاضي سريعا، بحيث تصدر الأحكام على المتجاوزين في غضون شهرين أو ثلاثة لا أكثر.
وفي السياق ذاته قال الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام، ووكيل المجلس الأعلى للصحافة إن وضع ميثاق شرف صحفي موحد لكافة الدول العربية فكرة هزلية وغير قابلة للتنفيذ في أي زمان ومكان؛ نظرا للاختلافات الداخلية بين الدول العربية وبعضها فيما يخص سياسات كل دولة على حدة.
وأشار - "مكاوي" في تصريح خاص لـ"صدى البلد" - إلى أن الجامعة العربية أقرت ميثاقا في وقت سابق بمبادرة مصرية سعودية، إلا أنها فشلت فشلا ذريعا في التنفيذ؛ بسبب الاختلاف والتنوع الكبير بين سياسات الدول.
وأضاف، إنه من الأولى أن تركز الجهود على إيجاد ضوابط لتفعيل ميثاق الشرف الصحفي داخل مصر أولا.
واتفق مع الرأيين السابقين الدكتور سامي عبد العزيز، العميد السابق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، وقال: إن استحداث ميثاق شرف صحفي وإعلامي موحد، فكرة طرحت بالفعل في أحد اجتماعات الوزراء العرب بالجامعة العربية سنة 2010، وهي فكرة جيدة إلا أنها لن تؤتي النتيجة التي تهدف إليها الإدارة المصرية.
وأوضح "عبد العزيز" - في تصريح خاص لـ"صدى البلد" - أن مواثيق الشرف موجودة في مصر والعالم كله، إلا أنه لا توجد ضوابط لتطبيقها، والأمر متروك تماما للضمير المهني، مما يفسر عدم الالتزام بما يرد في المواثيق.
وطالب "عبد العزيز" جميع ملاك ورؤساء مجالس إدارات القنوات الإعلامية الخاصة تحديدا، بأن تصدر قواعد منظمة للعمل، وان تتخلص فورا من كل عنصر يثبت خروجه على هذه القواعد مهما كانت نجوميته.
وكان رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب قد دعا لميثاق شرف إعلامي عربي موحد للتأكيد على حرية التعبير من ناحية والالتزام بالشرف والأمانة فيما يتم نشره واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشئون الداخلية من ناحية أخرى.
جاء ذلك خلال حضور "محلب"، احتفالية اتحاد الصحفيين العرب باليوبيل الذهبي، كما يأتي بعد ساعات من نصيحة الرئيس عبد الفتاح السيسي لوسائل الصحافة والإعلام في مؤتمر صحفي جمعه بالرئيس السوداني عمر البشير، عندما قال: "نخلى بالنا كلنا من كل كلمة بنقولها، لأجل العلاقات بين الدول تستمر وتزيد وتقوى، وده محتاج لفهم ومسئولية".