قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

تعرف كيف جمع القرآن الكريم في كتاب واحد ومن قام بذلك؟


القرآن الكريم كتاب الله عز وجل أنزله رب العالمين حتى يعلم الناس صحيح دينهم.. نجده حاليا بن أيدينا داخل نسخ عديدة بشكل جذاب وواضح وبعدة كتابات لكن كيف جمع كلام الله الذي نزل على رسول الله ومن الذي جمعه .
*كيفية جمع القرآن في عهد أبي بكر:
استثقل زيد بن ثابت المهمة، إلا أنه حينما شرح الله له صدره باشر بها، وبدأ بجمع القرآن بوضع خطة أساسية للتنفيذ، اعتمادا على مصدرين هامين، وهما:
1- ما كتب أمام الرسول صلى الله عليه وسلم وبإملاء منه، وكان زيد نفسه من كتاب الوحي.
2- ما كان محفوظا لدى الصحابة، وكان هو من حفاظه في حياته صلى الله عليه وسلم.
وكان لا يقبل شيئا من المكتوب، حتى يتيقن أنه: مما كتب بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك بشهادة شاهدين عدلين [11]. وأنه مما ثبت في العرضة الأخيرة، ولم تنسخ تلاوته.
يدل على ذلك ما أخرجه ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: قدم عمر، فقال: من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأتنا به، وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شاهدان [12].
كما يدل عليه ما أخرجه ابن أبي داود أيضا، لكن من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر قال لعمر وزيد: "اقعدا على باب المسجد، فمن جاء كما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه" [13].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (المراد بالشاهدين: الحفظ والكتابة) [14]. وقد ذهب العلامة السخاوي رحمه الله إلى أن المراد بشاهدين: رجلان عدلان يشهدان على أنه كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أنه من الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن [15]. وقال أبو شامة: وكان غرضهم أن لايكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، لا من مجرد الحفظ.
ولم يعتمد زيد على الحفظ وحده، ولذلك قال في الحديث الذي أوردناه عن البخاري سابقا، إنه لم يجد آخر سورة براءة إلا مع أبي خزيمة، أي: لم يجدها مكتوبة إلا مع أبي خزيمة الأنصاري، مع أن زيداً كان يحفظها، وكان كثير من الصحابة يحفظونها كذلك، ولكنه أراد أن يجمع بين الحفظ والكتابة، زيادة في التوثق، ومبالغة في الاحتياط.
على هذا الدستور الرشيد تم جمع القرآن في صحف بإشراف أبي بكر وعمر وأكابر الصحابة، وأجمعت الأمة على ذلك دون نكير، وكان ذلك منقبة خالدة لا يزال التاريخ يذكرها بالجميل لأبي بكر في الإشراف، ولعمر في الاقتراح، ولزيد في التنفيذ، والصحابة في المعاونة والإقرار.
وقد قوبلت تلك الصحف التي جمعها زيد بما تستحق من عناية فائقة، فحفظها أبو بكر عنده مدة حياته، ثم حفظها عمر بعده حتى شهادته، ثم حفظتها أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها بعد وفاة والدها، حتى طلبها منها عثمان رضي الله عنه ليستنسخ منها مصاحفه اعتماداً عليها، ثم ردها إليها إيفاء بالعهد الذي أعطاها إياه، فلم تزل عندها حتى أرسل إليها مروان بن الحكم حينما ولي المدينة فأبت، ثم لما توفيت رضي الله عنها سنة 45هـ، حضر مروان بن الحكم جنازتها، ثم طلب من أخيها عبد الله بن عمر رضي الله عنه فبعث بها إليه فأخذها مروان وأمر بإحراقها [16].
مزايا هذه الصحف:
وامتازت هذه الصحف بميزات مهمة، منها:
أولاً: جمع فيها القرآن الكريم على أدق وجوه البحث والتحري، وأسلم أصول التثبت العلمي.
ثانياً: اقتصر فيها على ما تنسخ تلاوته.
ثالثاً: ظفرت بإجماع الصحابة رضي الله عنه عليها، وعلى تواتر ما فيها.
رابعاً: كان هذا الجمع شاملاً للأحرف السبعة التي بها نزل القرآن تيسيرا على الأمة الإسلامية [17].
أما ما ورد في بعض الروايات [18] بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أول من جمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي -على وهنها وضعفها- تثبت أن عليًا أو بعض الصحابة كان قد كتب القرآن في مصحف، وهي مصاحف فردية، ليست لها تلك الثقة ولم تنل حظها من الدقة والتحري، والجمع والترتيب، والاقتصار على ما لم تنسخ تلاوته، والمزايا التي ذكرناها سابقا، ولم يحجر أبو بكر على أحد جمع وكتابة مصحف لنفسه، فكتابة القرآن أمر مسموح لجميع المسلمين، وكان الصحابة يكتبونه لأنفسهم، منهم أبي بن كعب [19]، وابن مسعود، وغيرهما من الصحابة، وإذا كان بعض المصاحف قد سبق في الوجود على صحف أبي بكر، فإن جمع أبي بكر هو الأول من نوعه على كل حال [20].
لماذا سمي بالمصحف؟
بعد أن أتم زيد جمع القرآن الكريم أطلق على هذا المجموع "المصحف"، فقد روى السيوطي عن ابن أَشْتَةَ في كتابه المصاحف من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: "لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق، قال أبو بكر: التمسوا له اسما، فقال بعضهم: السِّفْر. وقال بعضهم: المصحف، فإن الحبشة يسمونه المصحف، وكان أبو بكر أول من جمع كتاب الله وسماه المصحف" [21]. وعلى أي حال فإن المصحف يطلق على مجموع الصحائف المدون فيها القرآن الكريم، أما القرآن فهو الألفاظ ذاتها.
*وسائل جمع القرآن:
لم تكن وسائل الكتابة وأدواتها متوفرة وميسرة في عصر الصحابة وما قبله، فكان الناس يستخدمون لتسجيل أفكارهم وأشعارهم ومعاهداتهم ووثائقهم وسائل مختلفة من الأحجار والجلود والعظام والأخشاب وما إلى ذلك من الأشياء المتوفرة لديهم، وذلك لندرة الورق، وهذه الوسائل نفسها هي التي استخدمها الصحابة لكتابة الوحي في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فمما ورد ذكره في روايات مختلفة نستطيع أن نعرف بها تلك الوسائل، وهي كالآتي:
العسب (هو جريد النخل)، واللخاف (وهي الحجارة الرقاق)، والرقاع (وقد تكون من جلد أو ورق)، والأضلاع (وهي عظام الجنبين)، والأكتاف (وهو ما فوق العضد)، والأقتاب (الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه)، وقطع الأديم (وهي الجلد المدبوغ)، والقضم (وهو الجلد الأبيض يكتب فيه، وقيل هي الصحيفة البيضاء)، والظرر (وهي حجر له حد كحد السكين)، والقراطيس (وهي الصحيفة الثابتة -من أي شيء كانت- التي يكتب فيها)، والألواح (وهي كل صحيفة عريضة من خشب أو عظم كتف إذا كتب عليه)، والصحف (وهي قطعة من جلد أو قرطاس كتب فيه)، والكرانيف (جمع كُرْنَافَة، بالضم والكسر، وهي أصول الكَرَب -السعف الغلاظ العراض، تبقى في الجذع بعد قطع السعف).
هذه الأشياء هي التي ورد ذكرها في كتابة القرآن الكريم في عهد الصحابة رضي الله عنهم.
نتائج الجمع وفوائده:
كان من نتائج الجمع في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
- أن سجل كامل القرآن الكريم وقيد بالكتابة.
- زال الخوف من ضياعه بوفاة حملته وقرائه.
- حفظ كله في موضع واحد، بعد ما كان مبعثراً في أماكن متفرقة.
- أجمع الصحابة كلهم على ما سجل فيه.
- أصبح بمنزلة وثيقة وسجل يرجع إليه وقت الضرورة.
- زالت شبهة بدعة الجمع من أذهان كثير من الصحابة.