قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

تفسير الآيتين 2و3 من سورة «الكهف» للشعراوى


قال الله تعالى فى كتابه العزيز "قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا* مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا" {الكهف:2،3}.
قال الإمام الراحل محمد الشعراوى أمام الدعاة فى تفسيره للآيات الكريمة، إن المقصود من قوله تعالى "قَيِّماً" هو القرآن الكريم، وقيِّم يعني مستقيم، وهذه الآية كأنها تأكيد للآية السابقة لها قوله "وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا" لأن الاستقامة والعِوَج قد لا يُدرك بالعين المجردة وتحتاج إلى ميزان دقيق يكشف لك مدى العِوَج أو الاستقامة، وقيل أن القَيِّم هو المهيمن على ما دونه، فالقرآن إذن لاعِوَج فيه، وهو أيضاً مُهيمن على الكتب السابقة وله الوصاية عليها.
وأوضح إمام الدعاة أن قوله "لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ" هذا بيان للعِلّة في الإنزال، والإنذار هو التخويف بشَرٍّ قادم، والمنْذَر هنا هم الكفار لأنه لا يُنذَر بالعذاب الشديد إلا الكفار، ولكن سياق الآية لم يذكرها ليترك مجالاً للملَكَة العربية وللذّهْن أنْ يعملَ، وأنْ يستقبلَ القرآن بفكر مُتفتح وعقل يستنبط، وليس بالضرورة أن يعطينا القرآنُ كلّ شيء هكذا على طرف الثُّمام أي قريباً سهل التناول.
وأشار الشعراوى إلى أن الله تعالى ضَخّم من شأن العذاب ووصفه بأنه شديد وأضافه إلى نفسه تعالى فى قوله "مِن لَّدُنهُ"، ليتناسب العذاب مع المعذِّب وقوته، فإنْ كان العذاب من الله فلا طاقة لأحدٍ به، ولا مهربَ لأحد منه، والمقصود من البشارة فى قوله "وَيُبَشِّرَ المؤمنين" هى البشارة بالخير المنتظر في المستقبل، ونلاحظ أن الله تعالى في البشارة ذكر المبشَّر "المؤمنين" ولم يسكت عنهم كما سكت عن الكفار في الإنذار، فهذا من رحمة الله بنا حتى في الأسلوب، والبشارة هنا بالأجر الحسن لأنه أجر من الكريم المتفضّل سبحانه.
وأضاف أن معنى قوله " مَاكِثِينَ" أي باقين فيه بقاءً أبدياً، وكان لابد أنْ يوصَف أجر الله الحسن بأنه دائم، وأنهم ماكثون فيه أبداً لأن هناك فرقاً بين أجر الناس للناس في الدنيا، وأجر المنعِم سبحانه في الآخرة، لقد أَلِفَ الناس الأجر على أنه جُعِل على عمل، فعلى قَدْر ما تعمل يكون أجرك، فإنْ لم تعمل فلا أجرَ لك، أما أَجْر الله لعباده في الآخرة فهو أجر عظيم دائم، فإنْ ظلمك الناس في تقدير أجرك في الدنيا، فالله تعالى عادل لا يظلم يعطيك بسخاء؛ لأنه المنصِف المتفضّل، وإنِ انقطع الأجر في الدنيا فإنه دائم في الآخرة لأنك مهما أخذتَ من نعيم الدنيا فهو نعيم زائل إما أنْ تتركه وإما أنْ يتركك.