أمريكا العد التنازلى (2) معركة النفط

فى الوقت الذى يظن فيه كثيرون أن امريكا هى المستفيد الأول والمتحكم الأكبر فى عملية خفض اسعار النفط
... سيكتشف الجميع أن امريكا أعادت نفسها الى استيراد النفط، بعد ان استطاعت خلال
العامين الماضيين تحقيق الاكتفاء الذاتي، حتى ظهر أن أمريكا استطاعت ان تهدد عروش
الدول المنتجة للنفط، لكن اليوم فإن أمريكا عادت الى عصر ماقبل انتاج النفط الصخرى
... ببساطة أمريكاستعود من جديد لإستيراد النفط من كندا ومن بحر قزوين ومن الخليج ايضاً، وستستحوذ الصين على جزء من حصص شركات النفط الأمريكى التى تنقب فى امريكا نفسها،
بعد ان بدات الشركات الصينية في الدخول بقوة الى كندا وهى الفناء الخلفى لأمريكا، وستخرج السعودية مسيطرةعلى حصص أكبر من النفط العالمى
... وسيضطرالاتحاد الاوروبى الى العودة الى النفط والغاز الروسي.
لن يطول الوقت حتى تخرج أمريكاخاسرة من سباق أسعار النفط خاصة بعد إعلان
98% من شركات انتاج النفط الصخرى الامريكى (عالى التكلفة) في مقدرتها على مواصلة الانتاج
... وللعلم تعتمد امريكا منذ 3 سنوات على انتاج النفط الصخرى وكان هذا احد اسباب انخفاض اسعار النفط خلال الأعوام الماضية.
كان أوباما يظن أنه يعاقب روسيا بأسعار النفط
... ثم بدأت الأوبك تصرعلى تخفيض السعر اكثر وأكثر،فإذا بالنفط الصخرى الذى تعتمدعليه امريكا فى الانتاج والاكتفاء الذاتى يتعرض لخسائر كبيره جعل
98% من شركات تعلن عدم قدرتهاعلى الاستمرار فى الانتاج خلال شهر أو شهر يننظر الإرتفاع في تكلفة
انتاج النفط الصخرى ... وأخيراً ستعود أمريكا الى استيراد النفط.
دخلت أمريكا بإدارة أوباما مغامرة غير محسوبة وقصيرة النظر، إذ أن امريكا
التي كانت تسعى الى تحقيق الاكتفاء الذاتي من النفط عبر انتاج النفط الصخرى(
المرتفع التكلفة) وتوسعت في انتاجه حتى اقتربت من التصدير، بدأت تعانى من انخفاض
انتاج الشركات الامريكية وتحقيقها لخسائر كبرى مع استمرار انخفاض أسعار النفط حتى
أن عدد من هذه الشركات قد يعلن افلاسه إذا استمرت أسعار الخام في الانخفاض، ويبدو
واضحاً أن السعودية أعلنت الحرب على صناعة النفط الصخرى الأمريكى، خاصة مع اقتراب قطاع النفط الصخرى الامريكى من الإفلاس وبالرغم
من تأثر موازنات الدول المنتجة للنفط بانخفاض أسعاره، إلا أن احتياطيات هذه الدول
النقدية ستمنحها القدرة على الصمود لسنتين أو ثلاث سنوات، في حين ستضطر الولايات
المتحدة الى ضخ المزيد من الدولارات للسوق مما يؤدى الى ارتفاع التضخم
وانخفاض أسعار صرف الدولار.
وعلى جانب اخر سيؤدى ذلك الى
انحسار الاستثمارات عن النفط الصخرى والذى رفع حجم انتاج أمريكا خلال السنتين
الماضيتين باكثر من 4.5
مليون برميل، وهنا
ستضطر الحكومة الأمريكية الى دعم الشركات
المنتجه مما سيرتب عليه مشكلة ديون على الحكومة الأمريكية وتضخم أكبر، أو ستضطر
أمريكا الى الاعتماد على النفط الوارد من كندا كما ستضطر أمريكا الى العودة الى
الاستيراد، ولا شك أن أكبر المستفيدين على المدى البعيد ستكون السعودية التي رفعت
الإنتاج لتستحوذ على نصيب اكبر من السوق الدولى وهذا ما يحدث الآن خاصة أن توحد دول
الأوبك على عدم خفض الإنتاج يوحى بأن الدول المنتجة قررت خفض الأسعار وتحمل مخاطر
انخفاض العائدات في الوقت الحالي في مقابل تدمير كافة الاستثمارات الأمريكية في النفط
الصخرى الذى كان أحد أسباب انخفاض أسعار النفط خلال السنتين الماضيتين، بالإضافة
الى استغلال الصين الفرصة والاتجاه للتنقيب عن النفط على الفناء الخلفى لأمريكا،
وربما سنجد الصين تستحوذ على حصص كبيره من شركات الخام في كندا.