وسطية «الأزهر» و«تطرف» الدواعش

في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، من إرهاب وعنف وتطرف، وابتداع في الدين، وإساءات من التكفيريين للدين الإسلامي الحنيف، الذي يقوم على الاعتدال والوسطية، وفي وقت ابتعدنا فيه عن متابعة ومراقبة الوضع الديني في مجتمعاتنا، تسلل المتطرفون ودعاة التدين إلى مجتمعنا، بعدما ابتعد فيه الأزهر عن أداء رسالته المبتغاة في نشر الدعوة الإسلامية الصحيحة، ومنهجها الواضح البعيد عن المغالاة والتشدد والتطرف والابتداع، فتملكوا من عقول الكثير من شبابنا المخدوع، مع غياب الداعية المستنير الذي يعلم الشباب صحيح الدين، فعاثوا في الأرض فسادا.
وفي ظل هذه الحالة من الانفلات، ظهر تنظيم "داعش" الإرهابي، ومن قبله تنظيم "القاعدة"، وغيرهما من الجماعات الإرهابية المتطرفة، التي ترتدي عباءة الإسلام، حاملة السلاح في وجه الجميع، فكفروا حكام الدول العربية والإسلامية، وكفروا أنظمة الحكم، واعتبروا الديمقراطية كفرا، وأساءوا للشيوخ ورجال السياسة، وحرموا الفن والإبداع، واستباحوا الدماء والأعراض، وأعادوا زمن الجواري، في انتقاص لحق المرأة المسلمة، لم يحدث من قبل في تاريخ الدين الإسلامي وعلى مر العصور.
وأمام تصاعد هذه الأحداث كان من الواجب على دعاة وشيوخ الأزهر الشريف، أن يتحركوا لمواجهة تلك الهجمة الصهيو أمريكية على الدين، لإظهار الحق للشباب المخدوع، والذي انساق وراء تلك الافتراءات من مرتزقة النزاعات التي يسمونها كذبا بالجهاد، والعصابات المجرمة، المتسترة بعباءة الدين، ليستعيد الأزهر أداء مهمته التاريخية وواجبه الديني تجاه حفظ العقيدة الصحيحة، وحمايتها من أن ينحرف بها مثل هؤلاء المرتزقة.
وما يزيد من دقة وخطورة الموقف الذي نواجهه، في عالمنا العربي والإسلامي، والذي يتوجب على الأزهر التصدي له بكل قوة، ونشر رجاله في جميع ربوع العالم الإسلامي، ليبين حقيقة هؤلاء الكاذبين، ويوضح الصورة الصحيحة للإسلام، تلك الصورة الوسطية السمحة، فيدعوا إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بالقنابل والمتفجرات كما يفعل الدواعش القتلة، الأمر الذي يثقل الأمر على علماء الأزهر الأجلاء، لمجابهة الإساءات التي وجهها أولئك المجرمين للدين الإسلامي، دين السماحة والرحمة، والذي حولوه في وجه العالم لدين يسفك الدماء ويقتل الأبرياء ويذبح الأسرى، ويحرقهم أحياء، وهي سابقة خطيرة في التاريخ الإسلامي.
ومن أجل المعركة المصيرية بين الحق والباطل، بين حق الأزهر وباطل الدواعش، ينبغي للأزهر أن يتصدى للخطوط الأمامية للمواجهة الفكرية لتنظيم "داعش" الإرهابي وباقي التنظيمات المتطرفة، ونفى انتساب الدواعش للإسلام والمسلمين، وتكذيب دعايتهم التي يزعمون فيها كذبا وافتراء أنهم يرفعون راية الإسلام ويدافعون عن المستضعفين من المسلمين، كما يدعون زورا أن الجيوش العربية وقوات الأمن مرتدون كافرون، ويحلون إراقة دمائهم، لا لشيء إلا أنهم حملوا على عاتقهم مسئولية حماية الأمة من تطرفهم وإرهابهم.
وفي هذا السياق دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي، رجال الدين في شتى البلدان العربية والإسلامية، لثورة دينية لمواجهة الفكر المتطرف، لتعلن انطلاقة البدء لثورة الأزهر على العنف والإرهاب والتطرف، لتنور عقول الشباب وتحارب التطرف بوسطية الأزهر المعروفة، دفاعا عن صحيح الدين، وحماية لمجتمعاتنا من التطرف وسفك الدماء، والذي انتشر مؤخرا باسمه، زورا من عصابات "داعش" و"القاعدة"، وغيرها من الجماعات الإرهابية المتطرفة.
وحفظا لموقع المسلمين في التعايش والتفاعل السلمي الآمن مع الجميع، من المهم أن نفتح مجالات للحوار مع الأديان الأخرى، لتقريب وجهات النظر ومحاربة الأفكار المغلوطة والمتشددة، والتي تضرب أمن واستقرار المجتمعات، وذلك بالتوازي مع نشر الدعوة الوسطية بين شبابنا الذي تعتبره التنظيمات الإرهابية صيدا سهلا بالنسبة لها، خاصة أن الشباب يمر بحالة نفسية سيئة منذ أن ينهي مراحل تعليمه، وقبل أن يحصل على فرصة عمل مناسبة وكريمة.
ونحن إذ ندعو الأزهر الشريف ليخوض حربه ضد الإرهاب والتطرف بكل قوة، نناديه أن يستعد لها جيدا، ولتكن البداية بأن يستبعد من بين صفوفه كل من يثبت ولاءه أو رضاءه عما تفعل تلك الجماعات الإرهابية، فالأزهر كما يعج بالعلماء الأجلاء الذين نجلهم ونقدرهم، يضم بين جنباته أيضا بعض الأيادي التي تسللت إليه في غفلة من الزمن، من المحسوبين على الأزهر وولاءهم لغيره من الجماعات التي تؤمن بالعنف وحمل السلاح وغيرها من الأفكار المتطرفة، ما يصب في صالح المعسكر الصهيو أمريكي، ويزيد من ضعف وتفكك الأمة، وهو ما لا يمكن أن يقبله الأزهر أو يسمح بمروره.