اليمن تنتظر «فاتورة» ما بعد العاصفة.. حرب شوارع في المدن.. والحوثيون وفلول «صالح» يفرون للجبال.. والصراع القبلي متوقع

- المقاومة الشعبية درع "عاصفة الحزم" على الأرض للتخلص من الحوثيين والفلول
- ميليشيات الحوثي تستهدف المدنيين لإرهابهم وصعودهم الجبال فرصة لطيران التحالف
- صراع القبائل يهدد اليمن من جديد.. وفواتير الخلاص من الحوثيين باهظة
- 800 قتيل و3000 جريح خسائر الحوثيين من عمليات "عاصفة الحزم"
- 12 ملاحظة على الأوضاع في اليمن بعد 10 أيام عاصفة قوات التحالف
يبدو أن اليمن الذى كان سعيدا سيكتب عليه ألا يعيش السعادة لفترات طويلة؛ لأن الصراع بات على أشده بين جميع الأطراف المتصارعة على كعكة ميراث مملكة سبأ القديمة، فالخيوط أصبحت متشابكة والكل يسعى للحصول على نصيبه من التركة اليمنية الممزقة.
فالحوثيون وفلول الرئيس المخلوع على عبد الله صالح من ناحية يقاتلون حتى الرمق الأخير، ولا يرغبون فى التسليم بسهولة رغم ضراوة هجمات قوات التحالف فى عاصفة الحزم.. والقبائل المناوئة للطرفين بدأت فى تشكيل كتائب للمقاومة الشعبية لمطاردة فلول الحوثيين وقوات على عبد الله صالح المترنحة من تأثير ضربات قوات التحالف وأطراف أخرى غير محسوبة على أحد شكلت هى الأخرى قوات للمقاومة الشعبية من أجل طرد الحوثيين وفلول صالح خارج المدن الكبرى.
فى ظل هذا الوضع الشائك تحولت معظم المدن اليمنية إلى ساحات مفتوحة لحرب الشوارع بين كل الأطراف المتصارعة وبات المدنيون هم من يدفعون الثمن.. ففى بعض المدن التى تعرضت لضربات عنيفة من قوات التحالف مثل صنعاء وعدن تكبد الحوثيون ومناصروهم لخسائر فادحة فروا على أثرها من بعض أماكن تمركزهم الرئيسية إلى الجبال المحيطة بهذه المدن وبدأوا فى توجيه نيران مدفعيتهم الثقيلة إلى الأحياء السكنية لإرهاب المدنيين.
صمود الحوثيين ومواليهم على قمم التلال والجبال اليمينة لن يطول كثيرا؛ لأنهم فى مرمى نيران طيران التحالف وهو ما سيعرضهم لخسائر كبيرة خاصة أنهم وقوات على عبد الله صالح يسيطرون على حوالى 70% من معدات الجيش اليمنى، ومع ذلك لم يستخدموا بعضها خاصة الطائرات الحربية؛ مما يعنى أن ضربات قوات التحالف المركزة أجهزت على معظم هذه المعدات وبات الحوثيون مكشوفين أمام طيران عاصفة الجزم، وهو ما قد يدفعهم إلى التفاوض على أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه وبقائهم داخل اللعبة السياسية فى اليمن.
السؤال المهم الذى يطرح الآن ما المستقبل الذى ينتظر اليمن حتى بعد نجاح قوات التحالف فى الإجهاز على الحوثيين وحرمانهم من المشاركة فى العملية السياسية كما حدث مع الإخوان فى مصر.. هل ستستقر اليمن؟؟
الإجابة بالقطع ستكون بالنفى؛ لأن اليمن على المدى القريب لن يشهد الاستقرار المنشود وسيكون حلبة للصراع السياسى بين شركاء اليوم، وسيصبحون فرقاء الغد لأن كل طرف من أطراف المعادلة السياسية سيبحث عن تحقيق المكاسب الخاصة به وستتحول اليمن فى حالة نجاح عاصفة الحزم إلى ساحة لتصفية الحسابات وجمع أكبر قدر من الغنائم لكل طرف من الاطراف.
إذًا اليمن السعيد سيستمر فى البؤس والشقاء والحرمان من السعادة المطلوبة لفترة لا يعلمها إلا الله، وسيظل الشعب اليمنى الذى يبلغ تعداده حوالى 26 مليون نسمة، ويعيش نصفه تحت خط الفقر وحوالى 45% منه بدون مياه شرب نقية عرضة لتقلبات المزاج السياسى للنخبة اليمنية من جهة ولوجهاء القبائل من جهة أخرى وللكثيرين من اليمنيين المتواجدين فى الخارج ويرتبون أنفسهم لمناصب سياسية فى اليمن بعد هدوء عاصفة الحزم وانقشاع غمة الحوثيين.
اليمن الذى يتميز بنظام قبلى معقد يختلف عن كثير من البلدان العربية الأخرى سيعانى وينزف كثيرا خاصة فى حال نشوب خلافات سياسية بين القابل على تقسيم غنائم ما بعد الحوثيين وفلول على عبد الله صالح، فالقبائل سيكون لها دور كبير فى دعم عاصفة الحزم على الأرض، ولكنها قد تكون نكبة على اليمن فيما بعد.. لما لا وبعض القبائل اليمينة مناطق نفوذ وسلطة فى بعض المحافظات اليمينة؛ وهو ما قد يغزى نعرة الانفصال ببعض مناطق اليمن فى حالة إقصاء بعض القبائل من معادلة تقسيم الغنائم.
فعلى الرغم من ان الشعب اليمنى تعداده فى حدود 26 مليون شخص إلا ان بعض الاحصائيات تؤكد ان هناك أكثر من 62 مليون قطعة سلاح فى يد أفراد الشعب أى تقريبا حوالى 3 أضعاف عدد السكان مما يعنى أن الامر مرشح للتصاعد ومخاطر الاقتتال القبلى قد تكون أحد السيناريوهات المتوقعة وهى ضريبة باهظة الثمن قد لا يتمكن اليمن من سداد فواتيرها على المدى القريب.
الحرب مستعرة وعلى أوجها بين كتائب المقاومة الشعبية التى تم تشكيلها ورجال الحوثى وصالح وهو ما يعزز استمرار نزيف الدم فى الشارع اليمنى وسقوط ضحايا من الطرفين بخلاف القتلى الذين سقطوا بنيرات طائرات عاصفة الحزم وهم كثر حيث كشفت إحصائيات وتقارير أمنية رفعتها أذرع الميليشيات الحوثية من الميدان إلى أعضاء اللجنة الأمنية الحوثية العليا عن مصرع 232 من قيادات الحركة الانقلابية وقيادات عسكرية موالية تعمل في إطار المشروع الحوثي.
وبحسب الإحصائيات قتل 28 من قيادات الميليشيات الحوثية من الصف الأول للحركة بينهم 15 قتلوا بقصف طائرات التحالف على مواقع عسكرية وأهداف متحركة و12 في عمليات ميدانية للمقاومة الشعبية في الضالع وعدن ومأرب والبيضاء ومناطق أخرى متفرقة.
وكشفت الإحصائيات عن مقتل 73 ضابطا برتب مختلفة بقصف طائرات التحالف للمواقع العسكرية في العاصمة صنعاء والقواعد العسكرية والجوية الأخرى في المحافظات، مشيرة إلى أن الهجمات التي نفذتها قوات التحالف ضمن عاصفة الحزم في الدقائق الأولى من العملية أسقطت غالبية هذه القيادات والتي تمتنع الحركة الحوثية عن الإعلان عنها.
وبينت الإحصائيات أن بقية القادة هم من الصف الثاني ومن قيادات الوحدات وقتلوا في عمليات ميدانية للمقاومة الشعبية ورجال القبائل في مناطق القتال وأخرى لقوات التحالف على مواقع عسكرية وعددهم 131 قياديًا.
وكشفت الإحصائيات عن إصابات تتجاوز الـ 3000 إصابة بين صفوف الميليشيات والوحدات العسكرية المتمردة على الشرعية منذ بدء المواجهات مع القبائل والمقاومة الجنوبية والجيش الموالي للشرعية.
وحسب الإحصائيات فإن عدد قتلى الميليشيات الحوثية أفرادًا وقيادات تجاوز 800 قتيل منذ بدء المواجهات الحوثية مع قبائل اليمن والمقاومة الشعبية وانتهاءً بغارات عاصفة الحزم.
وعلى الرغم من تضارب البيانات الصادرة من جميع الأطراف حول حجم الخسائر الواقعة على الأرض فى اليمن سواء فى صفوف المسلحين أو المدنيين أو رجال المقاومة الشعبية فإنها تشير إلى أن هناك مجموعة من الملاحظات جديرة بالرصد والتحليل وهذه الملاحظات هى:
•بداية من الصعب ميدانيا إحصاء أعداد القتلى والمصابين والخسائر المادية في ظل تواصل العملية العسكرية، لكن تم رصد ما يمكن اعتباره أبرز المشاهد في "عاصفة الحزم".
•عدم ظهور طائرات الجيش اليمني الذي يسيطر الحوثيون والموالون لصالح على أكثر من 70% منه، بحسب مراقبين، في سماء العمليات يدعو لقبول ما يقوله التحالف بأنه نجح في شل القوة الجوية التي كانت في يد تحالف "الحوثي - صالح"، التي استخدمها الأخير في 19 مارس الماضي، في قصف القصر الرئاسي في محافظة عدن، والذي كان يقيم به الرئيس هادي قبل لجوئه إلى السعودية.
•ضربات التحالف ركزت خلال الأيام الأولى على العاصمة صنعاء، التي تتركز فيها القوة العسكرية الأبرز للحوثيين والنظام السابق، ولكنها خلال اليومين الأخيرين من أسبوعها الأول تركزت وبشدة على معقل الحوثيين، في صعدة مع استمراها وبشكل متقطع على المحافظات الغربية والوسطى التي اجتاحها تحالف "صالح - الحوثي"، ونقلوا إليها أسلحة ومعدات ثقيلة.
•العاصمة صنعاء، نالت على مدار الأسبوع أيضا نصيبا من غارات التحالف التي استهدف بعض منها "دار الرئاسة" الذي سيطر عليه الحوثيون في 18 يناير الماضي، وما يتبعها من مخازن أسلحة، وغارات استهدفت معسكر ألوية الصواريخ في "فج عطان" وسط العاصمة، وقاعدة "الدليمي" الجوية العسكرية.
•تركيز الضربات الجوية العنيفة من قبل طيران التحالف على صعدة، مؤخرا بدا أنه يستهدف شل حركة الحوثيين على الحدود اليمنية السعودية بدرجة رئيسية، وهو ما أكدته تصريحات عسيري اليومية باستهداف تجمعات للحوثيين على الحدود الجنوبية للسعودية، وشمل القصف بلدات "كتاف"، و"رازح" الحدوديتين مع نجران السعودية، بالإضافة إلى غارات مماثلة على وسط المدينة استهدفت معسكرات ومخازن أسلحة تابعة للحوثيين، ومعسكر "الصيفي" ومطار صعدة، وموقع "الشرفة" بمديرية مران.
•وفي مأرب، شرق البلاد، استهدف طيران التحالف كتيبة للدفاع الجوي بالقرب من حقل "صافر" النفطي، بغارتين جويتين، فيما لم يتوقف سماع دوي المضادات الأرضية في المنطقة خلال الغارات.
•في الجنوب، ساند طيران عاصفة الحزم لجان المقاومة الشعبية الموالية للرئيس هادي، في محافظات الضالع، وشبوة، وعدن، وانهار اللواء "33 مدرع" بمدينة الضالع، بعد غارات "عاصفة الحزم" على عدة مواقع له، فيما تكمن قائده اللواء، العميد عبد الله ضبعان، من الفرار إلى جهة مجهولة، وعطلت الغارات على شبوة تقدم القوات الموالية لصالح والحوثيين باتجاه بلدة "بيحان".
•أما عدن فهي حالة خاصة بين محافظات الجنوب، فبها قوة من الموالين للرئيس هادي، والمعروفة باللجان الشعبية، وهي أيضا "عاصمة هادي المؤقتة" التي أعلنها بعد نجاحه في الفرار من قبضة الحوثيين في صنعاء في 21 فبراير الماضي، قبل أن يغادرها إلى الرياض.
•لا تزال عدن تشتعل بمعارك بين اللجان الشعبية الموالية لهادي من جانب، والحوثيين والعسكريين الموالين لصالح من جانب آخر، اتسعت لتشمل كل أغلب أرجاء المحافطة ومنها مديريات "دار سعد"، و"المنصورة"، و"خور مكسر"، وسط أنباء عن سقوط عشرات القتلى والمصابين من الجانبين، فيما يتهم التحالف الحوثيين بالاحتماء وسط الأحياء السكنية.
•وتعيش محافظة عدن، منذ أكثر من أسبوع، أوضاعا إنسانية صعبة بسبب "قتال الشوارع " الدائر فيها، والذي أجبر الناس على ما يشبه الإقامة الجبرية في منازلهم، واكتظت المستشفيات بالمصابين جراء المعارك.
•ومع نهاية الأسبوع الأول من عاصفة الحزم دخل تنظيم القاعدة على خط المواجهات ولكن من نافذة الانفلات الأمني الذي بلغ مداه، حيث أفاد شهود عيان، بمدينة المكلا، بمحافظة حضرموت، شرق البلاد أن مسلحين يعتقد في انتماؤهم لتنظيم القاعدة، هاجموا القصر الرئاسي، والبنك المركزي، إضافة إلى مبنى السجن المركزي بالمدينة، وسط سماع دوي انفجارات وإطلاق نار كثيف، وإطلاق المسلحين سراح سجناء يعتقد انتماؤهم لتنظيم القاعدة.