الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المفتي: يجب على كُلِّ أهل بلد متابعة إمامهم في رؤية الهلال

صدى البلد

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنه يجب على كُلِّ أهل بلدٍ متابعةُ إمامهم في رؤية الهلال من عدمها؛ وذلك بشرط إمكان الرؤية بالحساب الفلكي.
وشدد علام، على أن رؤية الأهلة قد تختلف في بعض الدول عن بعضها نتيجة لاختلاف المطالع بينها؛ مشيرًا إلى أنه إذا استحالت رؤية الهلال في بلد كانت دعوى رؤيته في بلد آخر غير ملزمة لهم، إلا أن الحج هو حيث يحج الناس، وهذا واحد لا اختلاف فيه؛ جمعًا لكلمة المسلمين، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «يَومُ عَرَفةَ اليَومُ الذي يُعَرِّفُ النّاسُ فيه» رواه أبو داود في "المراسيلِ"، والدارقطني في "السنن"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وقال: هذا مرسل جيد.
وأضاف المفتي أن الإمام الشافعي رضي الله عنه روى عن مسلم بن خالد عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: رجل حج أولَ ما حج فأخطأ الناسُ بيوم عرفة، أيُجزِئُ عنه؟ قال: «نعم؛ إي لعمري إنها لتُجزِئُ عنه»، قال: وأحسبه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فِطرُكم يومَ تُفطِرُون، وأَضحاكم يومَ تُضَحُّون» وأُراه قال: «وعَرَفةُ يومَ تُعَرِّفُون»، وفي روايةٍ من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: «عَرَفةُ يَومَ يُعَرِّفُ الإمامُ». ومن المقرر أن رؤية المشرقي حجة على المغربي، لا العكس. وهذا السؤال تتعلق به قضيتان: إحداهما: عِلْمِيّة، والأخرى: عَمَلِيّة.
وأوضح علام: فأما العِلْمِيّة: فهي ما تقرر شرعًا من أن القطعي مقدَّم على الظني؛ أي أن الحساب القطعي لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة، ولذلك صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية سنة 1964م، واتفقت المؤتمرات الفقهية كمؤتمر جدة وغيره على الاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية مع الاعتماد على الرؤية البصرية الصحيحة، وهذا يعني أن الحساب ينفي ولا يثبت، وأنه يُعَدُّ تهمةً للرائي الذي يدعي خلافه.
وتابع: أن الإمام التقي السبكي قال في "فتاواه": "لأَنَّ الْحِسَابَ قَطْعِيٌّ وَالشَّهَادَةَ وَالْخَبَرَ ظَنِّيَّانِ، وَالظَّنُّ لا يُعَارِضُ الْقَطْعَ فَضْلا عَنْ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ، وَالْبَيِّنَةُ شَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ مَا شَهِدَتْ بِهِ مُمْكِنًا حِسًّا وَعَقْلاً وَشَرْعًا، فَإِذَا فُرِضَ دَلالَةُ الْحِسَابِ قَطْعًا عَلَى عَدَمِ الإِمْكَانِ اسْتَحَالَ الْقَبُولُ شَرْعًا؛ لاسْتِحَالَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَالشَّرْعُ لا يَأْتِي بِالْمُسْتَحِيلاتِ، وَلَمْ يَأْتِ لَنَا نَصٌّ مِنْ الشَّرْعِ أَنَّ كُلَّ شَاهِدَيْنِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ صَحِيحًا أَوْ بَاطِلاً" ثم قال بعد ذلك: "قَدْ يَحْصُلُ لِبَعْضِ الأَغْمَارِ وَالْجُهَّالِ تَوَقُّفٌ فِيمَا قُلْنَاهُ وَيَسْتَنْكِرُ الرُّجُوعَ إلَى الْحِسَابِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلاً وَيَجْمُدُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدَانِ يَثْبُتُ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لا خِطَابَ مَعَهُ، وَنَحْنُ إنَّمَا نَتَكَلَّمُ مَعَ مَنْ لَهُ أَدْنَى تَبَصُّرٍ، وَالْجَاهِلُ لا كَلامَ مَعَهُ".
وأسار إلى العلامة القليوبيّ نقل في "حاشيته على شرح المحلي على المنهاج" عن العبّاديّ قوله: "إذا دلّ الحساب القطعيّ على عدم رؤية الهلال لم يُقبَل قولُ العدول برؤيته، وتُرَدُّ شهادتُهم"، ثم قال القليوبي: "وهو ظاهرٌ جليٌّ، ولا يجوز الصّوم حينئذٍ، ومخالفةُ ذلك معاندةٌ ومكابَرَةٌ"ـ.
وأكد أنه إذا نفى الحساب القطعي طلوع الهلال فلا عبرة بقول من يَدَّعِيه، وإذا لم ينفِ ذلك فالاعتماد حينئذٍ على الرؤية البصرية في إثبات طلوعه من عدمه.
ولفت إلى أن من القطعيِّ أيضًا أنَّ شهر رمضان لا يكون أبدًا ثمانية وعشرين يومًا ولا يكون كذلك واحدًا وثلاثين يومًا؛ بل هو كبقية الشهور القمرية: إما ثلاثون يومًا أو تسعة وعشرون يومًا؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» يَعْنِي ثَلاَثِينَ، ثُمَّ قَالَ: «وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» يَعْنِي تِسْعًا وَعِشْرِينَ؛ يَقُولُ مَرَّةً ثَلاَثِينَ، وَمَرَّةً تِسْعًا وَعِشْرِينَ. متفق عليه، وفي روايةٍ رواها ابن خزيمة في "صحيحه" والحاكمُ في "المستدرك" وصححها على شرط الشيخين: «إنّ اللهَ قَدْ جَعَلَ الأَهِلَّةَ مَوَاقِيتَ؛ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَشْهُرَ لا تَزِيدُ عَلَى ثَلاثِينَ»، وقد نقل الإجماعَ على ذلك الإمامُ ابن رُشْدٍ في "بداية المجتهد" وغيرُه.
وأكمل: وأما العملية: فعلى المكلَّف في مثل هذه الحالات أن يضع في اعتباره أمرين: الأول: أن لا يزيد شهر صومه على ثلاثين يومًا ولا يقل عن تسعة وعشرين يومًا، والثاني:أن لا يتعارض ذلك مع الحساب الفلكي القطعي.
وأما إذا رُؤِي مثلاً هلالُ شوال في مصر ولم يُرَ في البلد الأخرى أو بالعكس مع كون الرؤيتين داخلتين في نطاق الإمكان الفلكيّ ومع صحة عدد أيام الشهر، فإن الصائم يتبع حينئذ هلال البلد الذي هو فيها؛ صيامًا أو إفطارًا؛ إذ لا محظور حينئذ من زيادةٍ على الشهر أو نقصٍ فيه أو مخالفةٍ للحساب القطعي.
يذكر أن دار الإفتاء المصرية، تستطلع مساء غد الثلاثاء، هلال شهر المحرم وغرة العام الهجري الجديد 1437 هجرياً، من خلال لجانها الشرعية المنتشرة على مستوى الجمهورية.