الحقائق الغائبة من 25 يناير
خلال لقائه الطويل جدا مع خيرى رمضان على قناة "سي بي سي"، كشف الفريق أحمد شفيق القليل من المعلومات حول تورط عناصر ملتحية فى إطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين فى ميدان التحرير خلال ما عرف إعلاميا باسم موقعة الجمل، مشيرا إلى أن ضابطا من القوات المسلحة طلب من صفوت حجازى ومحمد البلتاجى إنزال هذا الشخص، أو سيقوم هو بذلك، فقام حجازى بإنزاله.
ما تحدث عنه الفريق أحمد شفيق ليس سوى قمة جبل الجليد الغاطس عما حدث فى مصر من الخامس والعشرين من يناير، أما باقى جبل الجليد الكامل فمعلوماته لا تزال بحوزة الأجهزة الأمنية، خاصة المخابرات، وبالطبع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى أدار أمور البلاد منذ 11 فبراير 2011، لكن لو حاولنا وضع بعض التفاصيل إلى جوار بعضها كما نركب صورة مقطوعة وممزقة، ربما نرى جزءًا أكبر من جبل الجليد المختفى أو الذى تمت تنحيته جانبا إلى حين.
من أجزاء الصورة المتفرقة بعض ما جاء فى شهادة اللواء عمر سليمان بصفته مدير المخابرات العامة، حتى اختياره نائبا للرئيس فى 13 يناير 2011، يقول سليمان فى شهادته إنه اعتبارا من شهر أكتوبر 2010 رصد جهاز المخابرات العديد من الاتصالات التى تدور بين الحركات المعارضة وعناصر خارجية، دارت حول تدريب المصريين على دورات تدريبية لكيفية حشد المتظاهرين، والاحتجاج ومواجهة الشرطة، من بينها دورة بولندا، وفى غضون يناير 2011 رصد الجهاز دورة أخرى بالقاهرة لمدة 3 أيام لنفس الهدف.
وأضاف عمر سليمان: "إنه أثناء متابعة النشاط الفلسطينى تبين وجود اتصالات بين حركة حماس وبدو سيناء، وخروج بعض المجموعات من خلال الأنفاق الموجودة بين غزة والحدود المصرية، وأنه تم الاتفاق على مد البدو بالأسلحة والذخائر، فى مقابل معاونتهم على إخراج عناصر من حركة حماس من السجون، وكان ذلك تحديدا يوم 27 يناير، وبالفعل هيأ البدو المناخ لعملية التهريب بضرب نقطة شرطة الشيخ زويد، وضرب عشوائى فى جميع المناطق المحيطة بالأنفاق عن طريق الأسلحة النارية، حتى لا تقترب الشرطة أو حرس الحدود، وتمت عمليات تهريب الأسلحة والذخائر والمفرقعات والألغام، وقامت كتائب عز الدين القسام فى الاتجاه الآخر من الحدود المصرية بنشاط عسكرى حتى لا تتدخل قوات حرس الحدود".
أما اللواء محمود وجدى، الذى تولى وزارة الداخلية بعد حبيب العادلى، فقد قدم للمحكمة صورة من الخطاب الذى ورد من وزارة الخارجية إلى وزير الداخلية فى ذلك الوقت بتاريخ 18 فبراير 2011 من مكتب تمثيل مصر فى رام الله نصه كالآتى: "السيد اللواء محمد حجازى مساعد وزير الداخلية.. تحية طيبة وبعد.. أتشرف بالإفادة أن مكتبنا برام الله نقلا عن مصادر من قطاع غزة، تلاحظ مؤخرا وجود العشرات من السيارات المهربة من مصر، التى مازالت تحمل لوحات شرطية وحكومة مصرية، وتمت مشاهدة سيارتين تابعتين للأمن المركزى داخل غزة".
وأشار وجدى إلى أنه تم اختطاف 3 ضباط وأمين شرطة عاملين بمديرية أمن شمال سيناء، ( لا يزالون مفقودين حتى الآن)، وأنه وفقا للمعلومات التى لديه فقد تم احتجازهم لدى حركة حماس، وأن هناك أسلحة فقدتها الشرطة من مختلف الأقسام تقدر بحوالى 1000 قطعة سلاح، وقال: "أثناء عملى كوزير تمت استعادة جزء من الأسلحة المفقودة، وتم ضبط عناصر بميدان التحرير ما بين عرب وأجانب"، وذكر وجدى فى شهادته أن عملية اقتحام السجون تمت عن طريق عناصر فلسطينية لتهريب ذويهم من أقسام شرطة هاجمها بلطجية.
وهناك أيضا وثائق "ويكليكس" التى أشارت إلى اجتماعات سرية عقدها مسئولون فى السفارة الأمريكية بالقاهرة قبل يناير 2011 مع معارضين مصريين ونشطاء فى منظمات حقوقية، وجماعات بعضها الآن فى ميدان التحرير، وشاركت السفيرة الأمريكية السابقة مارجريت سكوبى فى هذه اللقاءات، التى شملت أيضا صحفيين وكتابا فى صحف قومية وخاصة.
خلاصة بعض ما يتضح فيما تم تكوينه من هذه الأجزاء، أن جبل الجليد الغاطس عما حدث فى مصر من 25 يناير، يكشف عن غضب شعبي عارم على النظام السابق، لكن هناك إشارات على ضلوع جهات أجنبية، مثل حماس وذراعها العسكرية المسلحة كتائب عز الدين القسام فى مهاجمة السجون وأقسام الشرطة، ومعروف طبعا أن حماس هى فرع تابع لجماعة الإخوان المسلمين فى فلسطين.
بعض تفاصيل الصورة غير المكتملة حتى الآن تشير إلى تورط ناشطين إسلاميين، أو على الأقل معرفتهم بمن كانوا يطلقون النار من أعلى مبانى سكنية فى التحرير، وإلى تلقى شباب لدورات خارجية وداخلية على تنظيم المظاهرات ومقاومة الشرطة، وكل ذلك يعد خيوطا أو تفاصيل تقودنا إلى الصورة الكاملة، التى آن الأوان أن يعلن المجلس العسكرى عنها قبل أن يترك إدارة البلاد.. لأنه من حقنا أن نعرف من ثار من أجل الحرية والعدالة والكرامة.. ومن ثار بعد أن قبض أجرا.. ومن ثار لتنفيذ مخطط جماعته للسيطرة على البلاد.