قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

سيدة لمحكمة الأسرة: زوجي ذهب ينقب عن الاثار فأصابته «لعنة الفراعنة» وفقد عقله


في طرقة طويلة ساكنة كسكون أهل القبور، تقبع فى الدور الأول بمجمع محاكم الأسرة بمصر الجديدة، جلست الزوجة العشرينية فى حلة سوداء متواضعة، بجوار والدتها العجوز، وطفلتها التى تخطو أولى خطواتها فى عامها الخامس، بدا عليهم جميعا الإنهاك من عناء الانتظار.
وتقاوم الطفلة الصغيرة النعاس خوفا من العقاب، وأمها تائهة بين حبها لرجل تركها واختفى منذ 4 سنوات ورغبتها فى البقاء فى عصمته حتى تلقى ربها، وحاجتها لورقة طلاق تحصل بها على معاش تنفق منه على طفلتيها، والسيدة العجوز تصب لعناتها على أهل زوج ابنتها الذين أقنعوه بأن التنقيب عن الأثار طريقه للخلاص من الفقر لتصيبه" لعنة الفراعنة"- بحسب اعتقادها- ويفقد عقله ويحتار الأطباء فى علاجه، ولم ينهى هذا المشهد البائس سوى صوت حاد يبشرالزوجة العشرينية بقرب مثولها أمام القاضى ليلقى على مسامعها الحكم فى دعوى الخلع التى أقامتها ضد زوجها الغائب.
تقول الزوجة العشرينية فى بداية حديثها لـ"صدى البلد": "لم أتخيل أن أقف يوما فى ساحات المحاكم طالبة الخلاص من من ذقت طعم الحب على يده، وعشت معه أجمل أيام عمرى فى شقة صغيرة فى بيت أمى، راضية بالجنيهات القليلة التى يجنيها من عمله كحلاق، قبل أن ينقلب حاله، ويبخ أهله سموم الطمع فى قلبه وعقله، ويقنعوه بأن التنقيب عن الأثار والمتاجرة فيها سيكون سبيله للخروج من دوامات الفقر، وجنيه للأموال دون عناء، لتصيبه لعنة الفراعنة فى أولى عملياته عقابا له على عبثه بجثامينهم ومحتويات مقابرهم، وتفقده عقله، فيصير شخص تائه لايشعر بما يدور حوله، يسيح فى الشوارع على غير هدى، وبين الحين والأخر تنتابه نوبات هياج".
تتثاقل الكلمات على لسان الزوجة العشرينية وهى تواصل حديثها:"عرضته على أطباء نفسيين ومتخصصين فى المخ والأعصاب، والجميع حار فى علاجه، واكتفوا فقط باعطائه مهدئات، لكنها هى الأخرى لم تفلح فى اسكات نوبات هياجه، وبدون أى مقدمات استيقظت ذات يوم ولم أجده بجوارى، هرعت إلى أهله لعلهم يأتونى بخبرعنه، فقالوا لى إنهم لايعلمون عنه شيئا، سألت عنه الأصدقاء والمعارف لكن دون جدوى، اسودت الدنيا فى عينى ، فماذا سأفعل من بعده وأنا بلا مال ولاسند، عدت إلى والدتى العجوز وأنا أجر أذيال الخيبة، حاملة على كتفى طفلة لم تكمل عامها الأول وأخرى فى الثالثة من عمرها".
تعود الزوجة برأسها إلى الخلف وهى تكمل روايتها:"تعاقبت الشهور والسنين، وأنا انتظر زوجى الغائب، وأدعو الله فى كل ليلة أن يعود إلى حضنى، لم اترك باب إلا و طرقته حتى انبرى نعلى، بحثت عنه فى السجون والمستشفيات واقسام الشرطة، سألت عنه فى المشرحة ولم أجده، استعلمت عنه فى وزارة الخارجية لعله قد سافر دون علمى لكن دون جدوى، وكأن الارض قد انشقت وابتلعته، قالوا لى أنه ربما قد لقى ربه، لكن لا امتلك دليلا حتى على هذا، ياليتى لم أغفل عنه، بالتأكيد كنت سامنعه من المغادرة، وسأضع نصب عينيه مصير الصغيرتين اذا ماحدث مكروه له، وحالى الان وانا تائة فى أروقة المحاكم ".
تدخل الزوجة الشابة فى نوبة بكاء هستيرية وهى تختتم حكايتها:"وبعدما ضاقت بى الدنيا، وزادت الأعباء على والدتى العجوز، طرقت أبواب محكمة الاسرة - كما نصحنى البعض- لأقيم دعوى طلاق بحجة أن زوجى مفقود منذ سنوات كى أحصل على معاش للمطلقات، يكفينى أنا والصغيرتين شر العوز والحاجة، لكن شهور قليلة حالت دون إقامة الدعوى، حيث يشترط القانون مرور 4 سنوات بالتمام الكمال لاعتبار الزوج مفقود، ليصبح الطريق الوحيد أمامى أن اخلعه رغما عنى، وبالفعل عدلت الطلبات لخلع بدلا من طلاق، كم كنت أود أن أموت وأنا زوجة له!، كل ما اتمناه أن يخبرونى بمكان رفيق دربى إذا كان حيا يرزق كى تهدأ النار المستعرة فى صدرى وأرحم من لوعة الإنتظار، وإن كان ميتا فليأتونى بجثمانه كى أواريه الثرى، وأقف أمام شاهد قبره ألعن الطمع الذى جعله يعبث مهنته ويعبث بالأثار، وأدعو ربى أن يخسف الأرض بمن لعب على أوتارفقره".

تلتقط أم الزوجة العجوز أطراف الحديث من ابنتها البائسة وتقول بنبرة تملأها الحسرة:" كان زوج ابنتى شاب على خلق، ماهر فى صنعته، يعشق التراب الذى تسيرعليه زوجته، لم يهينها يوما أو يلقى على مسامعها كلمة تجرحها، لولا أنه ترك عقله لأهله، فعبثوا به وأرشدوه إلى طريق التنقيب على الأثار، حتى فقده عقله بعدما أصابته لعنة الفراعنة، وصار يسير فى الشوارع كالمجاذيب، يعتدى على العالمين ويسبهم بدون سبب، ولم يفلح الأطباء فى علاجه، ليختفى دون أى مقدمات تاركا ابنتى الشابة وفى رقبتها طفلتين بلا سند ولاعائل".