مايكل برزان لـ"صدى البلد": الحركات المتطرفة تتبع نفس أسلوب الإخوان.. ومصر استعادت مسارها بإسقاط الجماعة

مايكل برزان صاحب كتاب "الإخوان المسلمين تحقيق حول آخر أيدولوجية شمولية":
الإخوان تجار حروب وتعصب وليس لديهم أي خبرة في إدارة الدول
الديمقراطية لم تكن سوى وسيلة لقيادات الجماعة للوصول إلى السلطة
قطر تدعم الإخوان لأسباب استراتيجية تتعلق بحروب الغاز والبترول
القرضاوي لا يمكن الاعتماد عليه في عالم اليوم
قطر أكبر المانحين للتنظيم وأموال الجماعة موزعة على 80 دولة خارج مصر
الإخوان اعتقدوا أن السلطة صارت بأيديهم وسقوطهم أحدث صدمة في المنطقة كلها
الغرب اكتشف أن الإخوان لا يقبلون التعايش مع الآخر
الحركات الإسلامية المتطرفة تتبع نفس أسلوب الإخوان
لمصر دور كبير في تحديث العقليات في المنطقة العربية
ليس لدى شباب الجماعة رؤية مختلفة تجاه العنف أكد المؤلف والمخرج الفرنسي مايكل برزان، صاحب كتاب "الإخوان المسلمون آخر النظم الشمولية"، أن مصر استعادت مسارها إلى الحرية بإسقاط جماعة الإخوان المسلمين، والتي لم تكن الديمقراطية بالنسبة إلى قياداتها سوى وسيلة للوصول للسلطة فقط.
هكذا بدأ برزان حديثه مع "صدى البلد" قائلا: "لم يتوقعوا الأمر أبدا، اعتقدوا أن السلطة صارت بأيديهم بحكم حتمية قدرية، لكنهم أصبحوا اليوم في السجون وأحدث سقوطهم صدمة في المنطقة كلها وأصبح شركاؤهم في حركة حماس معزولين، وفي مصر أعيد إصدار الإجراءات القانونية التي اتخذها الرئيس عبد الناصر في 1954: منع الجماعة و مصادرة كل الممتلكات وتجميدها ومنع كل ما تديره من بعيد أو قريب".
وإلى نص الحوار:
كيف ترى مستقبل جماعة "الإخوان المسلمين" في أعقاب قرار لجنة قضائية بمجلس النواب الأمريكي بإدراج الجماعة على لائحة المنظمات الإرهابية؟
عقب سقوط محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين في مصر واندلاع حالة الارهاب الممنهج في البلاد من قبل أنصار الجماعة، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا العظمي – اللتان كانتا تدعمان نظام الإخوان المسلمين لتولي مقاليد السلطة في عدة دول - في اتخاذ الحيطة والحذر الشديد من هذه الحركة وما يمكن أن تمثله أيديولوجيتها، وتم وضع المنظمات الرسمية التابعة للجماعة في بلادهم تحت المراقبة، وهذا يُعد رد فعل طبيعيا ومحبذا من قبل أمريكا وبريطانيا، ولكنه في نفس الوقت متأخر جدًا، بطريقة أو بأخرى، حيث كان يتوقع الإخوان المسلمون في الغرب مثل هذه الأمور، وظهر هذا من خلال إعلان عدم الانتماء إلى الجماعة في السنوات الأخيرة والتخلي عن الارتباط بالتنظيم الأم في مصر.
وفي فرنسا على سبيل المثال نفى اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا " UOIF" أن يكون جزءا من الإخوان المسلمين أو منتميا لها منذ خمس أو ست سنوات.
ومن الواضح أنه لم يعد ينخدع أحد بعد في حقيقة الجماعة، حيث إنه ظهر للسلطات في الغرب كيف أن الإخوان المسلمين جماعة لا تسعى ولا يقبلون بالتعايش مع الآخر على الرغم من أنهم زرعوا أنفسهم بشكل دائم في المشهد النقابي في الثلاثين عامًا الماضية، ونحن نشهد على تمدد الشبكات المترامية الأطراف التي تجمع بين عشرات أو حتى المئات من الجماعات والاتحادات الإنسانية والدينية في مصر والشرق الأوسط والدول والمجتمعات الغربية.
ولذلك أصبح من الصعب جدا الرؤية الواضحة في هذا السديم -الفراغ - حيث استطاعت الجماعة أن تجعل نفسها تقريبا ضرورية للحكومات، حيث يظهر أعضاؤها أنفسهم دائما بأنها معتدلون وهذا بالتأكيد هو نفس ما يظهر في المنظمات المتطرفة الحالية والتي تتزعم المشهد مثل "داعش" التي تحاول إغراء عدد كبير من الشباب في الدول الغربية.
ولقد فشلت حكومات هذه الدول، إما نتيجة تجاهل منها أو سذاجة في إيقاف التدريب الذى يتلقاه الأئمة من خلال الاتصال المباشر بجماعة الإخوان المسلمين، ومن المفارقات أنه منذ أن قامت جماعة الإخوان المسلمين المزج بين الدين والسياسة، وعلى الفور قامت الحركات الإسلامية المتطرفة باتباع نفس النهج.
ما هي سبل مواجهة انتشار أفكار جماعة الإخوان المتطرفة في مصر والمجتمعات العربية؟
لا شك أن جماعة الإخوان تجار حروب وتعصب وليس لديهم أي خبرة في إدارة الدول، ومن الواضح أنهم كانوا يسعون لسحب مصر والمنطقة بالكامل إلى الهاوية، وأحد أهم أسباب الفوضى فيها، ولمواجهة أفكارهم لابد من التنمية الاقتصادية ودمج مصر واقتصادها بالمجتمع الدولي، واستثمار شعبية قيادتها المتمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومتابعة تأثير ذلك كله ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، هي أفضل الضمانات، على ما أعتقد، للحد من نفوذ وأفكار جماعة الإخوان في المجتمع المصري، ولكن كل هذا، بطبيعة الحال، يستغرق وقتا.
ونريد أن نرى مصر وهي تتقدم بكفاءة وتساهم بشكل أكثر كفاءة في تحديث المنطقة والعقليات التي تعيش فيها وتستعيد القيادة وتصبح قوة ضاربة في العالم وتقدم رسالة سلام وقوة واستقرار.
هل تعتقد أن لدى شباب الجماعة رؤية مختلفة تجاه العنف؟
التاريخ لا يمل من تكرار نفسه، ومنذ فترة قريبة ووقت ليس بالطويل كان ينظر إلى خيرت الشاطر ومحمد مرسي باعتبارهما من جيل الشباب الذين تصدوا لجيل محمد مهدي عاكف.
وعلى الرغم من وجود اختلاف في التكتيك بين الأجيال، إلا أن الجسم - الجماعة - والاستراتيجية العامة ورؤية الأهداف على المدى الطويل لا تختلف بأي حال من الأحوال وليس هناك فرق على الإطلاق، ولذلك لا يوجد أي تطوير أو تجديد أو محاسبة للمخطئين في الجماعة، بل على العكس تماما كل ما هنالك هو صراع بين المحافظين والمعتدلين للوصول للسلطة داخل الجماعة.
ومن الواضح أن هذه الخلافات والمعركة الداخلية لا تضمن سلامة استمرار التنظيم، ولكن يمكن أن نقول بعد هذا إن جماعة الإخوان لن تختفي بين عشية وضحاها، ويجب أن نضيف أنها الآن في وضع حرج ومقلق في مصر وعلى نطاق أوسع، في العالم العربي والخلافات أضافت بوضوح للأزمة التي تمر بها الجماعة ومسار انهيارها في مصر، ولكن رغم كل هذه الصعوبات فإن الأفرع الغربية من الجماعة كان لديها رؤية أوضح واستقرار أكبر، وهذا التناقض الذي اتبعته الأجنحة الغربية في الجماعة لم تتوقعه قيادات الجماعة ولكنه بات حقيقة واقعة الآن.
هل تأثرت ميزانية الجماعة في أعقاب تجميد أموالهم في مصر؟
لا أقلق كثيرا على مصادر تمويل الجماعة، فمساهمات أعضاء الجماعة مستمرة بخصم جزء من رواتبهم كل شهر لصالح الجماعة، وفي ظل وجود مانحين كبار مثل قطر ووجود النسبة الأكبر من أموال الجماعة في الخارج موزعة على 80 دولة خارج مصر وشبكة المصالح التي تغطي العالم بالكامل واستحواذها على العديد من مصادر التمويل المحلي والأجنبي لا يمكن يكون الإخوان على حافة الإفلاس المالي.
وما أسباب دعم قطر وتركيا للجماعة واستضافة قياداتها على أراضيهم؟
سبب ذلك يعود لأسباب أيدلوجية أولا، حيث إن رؤية قطر قريبة للغاية من رؤية الإخوان المسلمين بما يجعلها حليفا غنيا يعتمد عليه، ونفس الأمر بالنسبة لتركيا أردوغان التي يعد حزب العدالة والتنمية فيها فرعا لجماعة الإخوان المسلمين ثم لأسباب استراتيجية تتعلق باستثمارات مالية ضخمة في حروب الغاز والبترول، وفي النهاية البحث عن دور قيادي بتزعم جبهة ضد الشيعة للتصدي لإيران.
كيف ترى تأثير الشيخ القرضاوي وتصريحاته على صورة الإسلام في الغرب؟
القرضاوي هو نجم تنظيم الإخوان، والذي تجتمع وتتفق عليه الجماعة، وهو أمير الجماعة بلا منازع وقاعدته، وتأثيره ليس لها نظير بالنسبة لأعضاء الجماعة وعند هذه النقطة تحديدا، أريد أن يتذكر الجميع رؤاه البغيضة حول الإسلام، والتي عفا عليها الزمان، والتي تؤثر لمدى أبعد من دائرة واحدة كالإخوان المسلمين إلى جماعات أخرى.
وبعد وفاة حسن الترابي شهر مارس الجاري، والذي كان أسطورة أخرى لجماعة الإخوان المسلمين، أصبح القرضاوي بلا جدال أو منازع هو الزعيم الوحيد والمرجعية للمنظمة في بعدها الدولي.
ويكفي الاستماع لخطبه وقراءة تصريحاته حول الخلافة، ودعواته لقتل الشيعة وتحقير النساء، إلخ.. ويمكن لأي شخص في الغرب يسمع هذا الكلام أن يقول إن هذا من صحيح الدين، ولكن هذا ليس صحيحا؛ وإنما هو الأيديولوجية العدوانية والظلامية لجماعة الإخوان المسلمين، وبأسوأ طريقة ممكنة، وأعتقد أننا يمكننا أن نقيس مدى تأثير هذه التصريحات والخطب ودورها المهم في خلق حالة العداء وسوء الفهم الشديدة للعالم الإسلامي واتساع الهوة بينه وبين العالم الغربي.
ولا يجب أن ننسى هذا الدور الكارثي الذي لعبه، والذي لا نزال ندفع ثمن تصريحاته وخطبه وأفعاله حتى يومنا هذا بما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك إنه نوع من القادة لا يمكن الاعتماد عليهم بأي حال من الأحوال في عالم اليوم.