باولو لا مؤاخذة ريجيني !

وكأن هذا المدعو "باولو" هو أول من مات فى ظروف غامضة وكأنها المرة الاولى التى تقف فيها الشرطة المصرية موقف المناضل المظلوم الباحث عن نزول عدالة السماء على استاد باليرمو، وكأن العالم كله قد فرغ من مشاغله ومشاكله "وبلاويه واللى فيه " وتفرغ للشأن الداخلى المصرى الذى اعتدنا اننا لا نقبل التدخل فيه - إلا من الحبايب والمقربين واولى الامر والسمع والطاعة- !..
حقا وصدقا كم أتمنى ان تكون الداخلية بريئة هذه المرة من دم باولو بن ريجينى ليس ايمانا منى بطهرها ولكن حزنا وخوفا ان يكون هذا ما وصل اليه حالها تصديقا لما قاله السيد السكرتير الفيلسوف المؤرخ الكبير، حين قال فى حوار تليفزيونى على مرأى ومسمع من العالم ان التعذيب موجود منذ عهدٍ بعيد وليس بالجديد ولكنه أيام مبارك كان يتم باحترافية .._على حد قوله _ "وكأنهم لابسين جوانتى" لا يتركون اثاراً وراءهم، أما الان فإنه فيتم بفجاجة وغشم ... أيو والله قالها السيد الفيلسوف وكأنه يترحم على أيام زمن التعذيب الجميل !!!
كما أننى أيضا لا يعنينى من قريب أو بعيد باولو ابن أم باولو وعن أم باولو بالتحديد أتحدث فتلك المرأة المكلومة بنت المكلومة، صرحت منذ يومين بتصريح مختصر آثار حفيظتى ورفع ضغطى وأيقظ جرحا عميقا بداخلى حين قالت " انهم قتلوا ابنى كما لو كان مصريا تماما " !! جملة بألف معنى جعلتنى اتذكر تلك السنوات العجاف التى راح فيها خيرة الشباب المصرى دون دية ولا ثمن ولا عقاب فالطرف الثالث دوما كان هو المتهم الحاضر الغائب !!
أم باولو ليست كأم خالد سعيد تلك المرأه التى رفعوها الى مقام القديسات حين كان الجميع يلقون أقلامهم أيهم يكفل مجيدة، ثم ما لبسوا أن ألقوها من على قمة جبل الثورجيه حين صارت الثورة جرماً لا يغتفر !! ..
كما أن باولو ريجينى نفسه ليس بخالد سعيد الذى كان يكفى فقط ان تذكر اسمه حتى تحصل على صك الوطنية قبل ان يصبح مجرد التلميح له من قريب او بعيد عارا يلاحقك ويهدد مسيرتك الوطنية والاعلامية ما جعل اصدقاء اعلاميين يعلنون توبتهم من ذنب يناير ويتبرأون منه تماما أو كما كتب احدهم مقالا بعنوان "خالد لا مؤاخذه سعيد" وهو نفسه الذى كتب على نفس الجريده وفى نفس المكان قبلها بسنوات قليله مقالا بعنوان "خالد سعيد ايقونة الثورة".
أما ما جعلنى أتوقف أمامه طويلا لأتأمل مدى التمسك المصرى بالبيروقراطية المتأصلة بداخلنا والتى تجرى فينا مجرى الدم فى الشرايين هو ذلك الخبر الذى يقول ان "مصر قدمت للمدعى العام الايطالى ملفا يحتوى على 2000 صفحة" !! مستخدمين فى ذلك النظريه المصريه الاصيله "يدينى ويديك طولة العمر" !
أتمنى بل واحلم ان نجد حلا سريعا يفك طلاسم هذا اللغز البايخ وايا ما كانت النتائج سيكون خيرا الف مره لمصر من الوقوف فى موقف المتهم المدان العاجز عن الدفاع عن نفسه فالاعتراف بالحق فضيلة واظهار الحق قمة الفضائل فاذا استطعنا اثبات حقنا وبراءة داخليتنا امام العالم فقد تكون تلك هى اول نقطه يجب ان نبنى عليها الثقه من جديد بين شعب لم يجد من يحنو عليه وداخلية انكسرت لسنوات فعادت لتنتقم _بلا تعميم_.
فى المقال السابق حينما تحدثت بسخرية عن ان "الشعب الايطالى لا يؤمن بالقضاء والقدر وأن الموت بيد الله وحده وانه لا يمكن الاعتراض على حكمته سبحانه فقد تعددت الاسباب والموت واحد وعليه طالبتهم ان يذكروا محاسن موتاهم ويترحموا عليه ويكتفوا بالدعاء للمغفور له ريجينى ومن الممكن ان يصرفوا شيك تعويض من بنك ناصر بقيمة خمسة الاف جنيه مصرى او مايعادل خمسمائة يورو" كنت بالطبع ساخرا وليتنى ما فعلت فقد فوجئت بكم التصديق على كلامى والثناء على وطنيتى ولذا ايقنت انه حقا، كما قال الحبيب المصطفى " إن من البيان لـسِحرا" وايقنت ايضا ان من الشعب من هو مهيأ وعلى أهبة الاستعداد لأن يعيش مسحورا فقررت ان لا استخدم فى هذا المقال اسلوب التوريه خشية ان يخرج علينا غدا هذا الذى ينصر اخاه ظالما او مظلوما _على طريقته الخاصه_ فيكتب مقالا بعنوان "باولو لا مؤاخذة ريجينى" !