الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد الشافعي فرعون يكتب: دموع في عيون صاحبة الجلالة


الصحافة القومية المصرية فضلاً عن أنها سجل يومي للأحداث التي تمر بها مصر، فهي أيضًا ذاكرة للأمة، ومؤرخ حقيقي لها ولأحداثها، وموجه لحركة الثقافة والإبداع فيها.
وقد عانت الصحافة القومية المصرية على امتداد عمرها الطويل وما زالت تعاني، رغم بعض المحاولات المخلصة من بعض أبنائها للخروج من محنتها، والحد من معاناتها، إلا أن التيار المضاد المدعوم دائمًا من السلطة والنظام الحاكم كان أقوى، فباءت كل محاولات الإصلاح بالفشل.
نجح النظام الحاكم في مصر ومنذ فترة طويلة في جعل الصحافة القومية "بوقًا من أبواقه"، تسبح بحمده ليلاً ونهارًا، وتبرر له أقواله وأفعاله، وتستلهم الإبداع من فكره وتوجيهاته، ولتكون خط الدفاع الأول في حروب طواحين الهواء التي كان يخوضها النظام مع أعدائه بالخارج، ومعارضيه بالداخل، وتناست أنها ملك للشعب، وأنها يجب أن تكون لسانًا له، ومعبرًا عن معاناته وآماله وطموحاته.
وكانت مكافأة النظام لتلك الأبواق سخية، فقربهم إليه، وجعل منهم بطانته التي لا تخرج عن أمره، ولو كان مخالفًا للحق، ليستمر بعضهم في موقعه على رأس أعرق جريدة قومية في مصر لأكثر من (30) سنة، والبعض أقل من ذلك، وكأن مصر عقمت أن تلد غيرهم، وكأنما ندر في دنيا الصحافة المصرية أن تجد لهم مثيلاً، فانتشرت الشللية والمحسوبية وأصبحت الواسطة هي بطاقة الدخول الخضراء لكل من يريد الدخول إلى عالم الصحافة حتى ولو كان من غير أهلها، وتحولت هذه الكيانات الصحفية القومية العملاقة إلى عزب خاصة لمن يتولوا إدارتها، فكانت هداياهم بالملايين للنظام وأفراده وأنجاله وكل من ينتسب له ردًا للجميل.
وكما كانت مصر تدار لأكثر من (30) سنة لحساب قلة استحوذت على مقدراتها في غيبة الشعب وطمع نوابه (إلا ما ندر)، كانت الصحافة القومية أيضًا تدار لحساب قلة كل ما كان يميزها أنها فقط "بوق من أبواق النظام"، فكانت الرواتب والمكافآت والعمولات الشهرية لهم ولأتباعهم بالملايين.
في الوقت الذي يتقاضى فيه غالبية الصحفيين بعض مئات من الجنيهات لا تحقق لهم العيش الكريم، الأمر الذي أثر بالسلب على الموهوبين والمبدعين وإبداعاتهم، فمنهم من سلك نفس الطريق وأصبح بوقًا جديدًا أضيف إلى الأبواق الموجودة، ومنهم من لم يتحمل فسافر للعمل بالصحف العربية، ومنهم من آثر (لقلة الحيلة وهم كثير) الانزواء والرضى بالأمر الواقع والبحث عن حائط يسير بجانبه، وينتظر الفارس القادم الذي سيعيد إليه حقوقه، فلم نعد نرى مصطفى أمين جديدًا، ولا مثيل لفرسان الصحافة: أحمد بهاء، وأنيس منصور، وجلال الدين الحمامصي، وأحمد بهجت، وغيرهم من مبدعي الصحافة القومية في مصر، والذين أصبحوا أهرامًا تضاف إلى أهرام مصر التاريخية.