اختلف العلماء في حكم صلاة الوتر، ولكن الراجح عند جمهور الفقهاء أنها سنة مؤكدة عن النبي ﷺ، يثاب المسلم على فعلها ولا يعاقب على تركها ، ويجوز أداء صلاة الوتر بعد صلاة العشاء وحتى طلوع الفجر، مع استحباب تأخيرها إلى آخر الليل لمن غلب على ظنه الاستيقاظ، لما ثبت عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:
«من خاف أن لا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل» [رواه مسلم].
أما عن كيفية أداء الوتر إذا كانت ثلاث ركعات، فلها صفتان ثابتتان عن النبي ﷺ
الصورة الأولى: أن تُصلَّى ثلاث ركعات متصلة، دون تشهد بعد الركعة الثانية، ويكون فيها تشهد واحد في الركعة الثالثة، ثم التسليم، لما رُوي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
«كان النبي ﷺ يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن» [رواه النسائي والبيهقي، وإسناده حسن].
الصورة الثانية: أن تُصلَّى ركعتان أولاً يُسلَّم بعدهما، ثم تُتبع بركعة واحدة مستقلة، ويُسلَّم بعدها، وهو ما ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، حيث كان يفصل بين الشفع والوتر بتسليمة، وأخبر أن النبي ﷺ كان يفعل ذلك أيضًا [رواه ابن حبان].
والأمران جائزان، وقد فعلهما النبي ﷺ، ولهذا فالمصلي مخير بين الصورتين حسب الأيسر له، وكلاهما سنة مشروعة.
ما هي صلاة الشفع؟ وما عدد ركعاتها وحكمها؟
تعريف صلاة الشفع
صلاة الشفع هي الصلاة الزوجية التي تُصلى مثنى، ولذلك سميت "شفعًا" لأن "الشفع" في اللغة هو العدد الزوجي، بخلاف "الوتر" الذي يعني العدد الفردي ، فكل ركعتين زوجيتين تُعدّ شفعًا، وليست صلاة مستقلة بذاتها أو اسماً على عبادة مخصوصة، بل هي وصف لما يُؤدى قبل الوتر.
ولهذا يجوز أن تُسمى الركعتان الأوليان في الوتر "شفعًا"، ويجوز أيضًا اعتبارها جزءًا من الوتر إذا صليت متصلة به.
عدد ركعات الشفع والوتر
جاء عن النبي ﷺ أنه كان يوتر على هيئات متعددة، وأكثر ما ثبت عنه أنه كان يوتر بإحدى عشرة ركعة، يُسلّم من كل ركعتين ثم يختم بواحدة ، وقد أوتر أحيانًا بثلاث عشرة، وأحيانًا بتسع، أو سبع، أو خمس، أو ثلاث، أو حتى واحدة فقط، وكلها واردة وثابتة في السنة.
فصلاة الشفع – بمعناها العام – يمكن أن تكون ركعتين فقط قبل ركعة الوتر، أو أكثر بحسب ما يصليه المسلم من قيام الليل.
فمثلاً: من صلى ثماني ركعات قيامًا ثم ركعتين شفعًا وركعة وترًا، فقد أوتر بإحدى عشرة ركعة، وهو الأفضل والأكمل اتباعًا لسنة النبي ﷺ.
حكم صلاة الشفع والوتر
الوتر سنة مؤكدة عند جمهور العلماء، وليس فرضًا، وهو من أعظم السنن التي حافظ عليها النبي ﷺ ولم يتركها حضرًا ولا سفرًا، أما الشفع فتابع للوتر، ولا بأس بصلاة ركعتين فقط شفعًا ثم ختمهما بواحدة وترًا.
وأقل الوتر ركعة واحدة بعد صلاة العشاء وسنتها، ومن زاد فهو أفضل وأكمل، وكلما زاد المسلم في قيام الليل والشفع كان ذلك أفضل ما لم يشق على نفسه.