التهمت النيران كل شئ فى حريق الرويعى بالعتبة، و لم تترك قماشا ولا خشبا كما لم يسلم منها الحديد، جميع المحلات أصبحت ركاما، والبضائع أصبحت رمادا، إلا شقة بالعقار 13 والتى تجملت بالمصاحف والآيات القرآنية التى تزين جدرانها لتقف حاجزا أمام زحف النيران، وتجعل الحريق يعود مرة أخرى للخلف وتبقى هى سالمة من الحريق، لكنها لم تسلم من أيادى المغتصبين الذين نهبوا ما وقفت أمامه النيران عاجزة.
شقة بالدور الثانى العلوى بالعقار 13 بمنطقة الرويعى، مدخل العقار به أكوام من الرماد، سلمه تشقق رخامه وكاد أن ينصهر بعدما اعوج حديد "الدرابزين" من شدة النيران التى حولت ما بالعقار إلى أكوام من الرماد، إلا هذه الشقة التى صمدت وبقيت لم تمسها النيران .
فى البداية قال محمد عبدالعزيز، البالغ من العمر 57 عاما، وصاحب الشقة التى حارت بسببها العقول: "كنت أجلس يوم الأحد فى تمام الساعة الثانية عشر ليلا، وإذ بحريق يشب فى أحد المحلات وسرعان ماينتقل من فرش إلى آخر ومع تصاعد الأدخنة أصبح من المستحيل أن نكمل ليلتنا فى الشقة خاصة وأن معنا أبناء أخى وهم أطفال صغار، وقررنا عدم المبيت بالمنطقة بأكملها، وأغلقنا الشقة وتوجهنا إلى بيت حماة أخويا منير ليرتاح الأطفال من هول الحريق وما شاهدوه".
ويستطرد :"وفى التالى عدت لأشاهد مالذى وصلت إليه الأمور فوجدت النار التهمت جميع الشقق والعقارات، ولم يبق من بينها سوى شقتى التى لم تمسها النار بسوء، ولكنها لم تسلم من بطش من سولت لهم أنفسهم وقاموا بسرقة الشقة فلم يقفوا ويعتبروا لماذا بقيت هذه الشقة وسط النيران، رغم احتراق جميع الشقق المجاورة ولم تمنعهم حرمة المصاحف الموضوعة فى كل مكان والآيات القرآنية التى تتجمل بها الجدران بل تطاولوا وقاموا بسرقة ونهب الأموال التى وجدوها داخل الشقة.
ووصف عبدالعزيز حالة وأخوه منير فى شقتهم لبيان ما يميزهم عن غيرهم من أصحاب المحلات والمخازن والشقق بالمنطقة والتى التهمت النيران عقاراتهم " إن الفضل فى نجاة شقتنا هو بركة القرآن، لأننى دائما ما أعتبر علاجى وراحتى النفسية فى القرآن الكريم الذى أقرأ فيه وأتدبر معانيه ولم أضعه فى بيتى استكمالا للديكور أو زينة، كما أن أخى منير يجلس مع أبنائه دائما يحفظهم القرآن فجميع المصاحف التى فى الشقة رغم كثرتها إلا أنها كانت مستخدمة لقراءة وحفظ القرآن.
وأضاف:" هذه المعجزة التى لو حدثت مع غيرى وحكى لى الكثيرون ما صدقتها السبب الوحيد لها هو حفظ الله تعالى لكتابه الكريم، وكأنه سبحانه يذكر عباده بأن الابتعاد عن القرآن فيه الهلكة والقرب من الله ومن القرأن فيه النجاة وأكبر دليل على ذلك عناية الله وحفظه ليست للشقة ولكن للمصاحف التى يقرأ فيها القرآن داخل الشقة".
وعن سؤاله أن غالبية المحلات والعقارات التى اشتعلت بيها النيران تشتمل على مصحف أو أكثر فلما ترجع السبب لذلك؟ قال "مفيش اختلاف بينى وبين الناس فى جميع المحلات والعقارات التى احترقت فجميعنا يضع المصاحف ولكن الفرق الوحيد هو أننى لم أتخذها للزينة فحسب بل أقراء فيها يوميا وأخصص لنفسى وردا من القرآن كل يوم، أما البقية ألهتهم التجارة عن قراءة القرآن واتخذوا المصاحب للزينة فقط".