الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرئيس والوحدة الوطنية ؟!


من المؤكد أن وحدة أي دولة هي حائط الصد المنيع لها في مواجهة أي خطر داهم يستهدف وحدتها وأمنها القومي وسيادتها ، وبدون الوحدة لا يمكن لأي دولة مهما كانت قوتها أن تنجح في مواجهة التحديات التي تقابلها على كافة الاصعدة والمستويات ، ولعل كلمة السر في حالة التشرذم والتفتت والتقسيم التي يعاني منها العالم العربي اليوم هي "الطائفية" ، التي هي نقيض الوحدة ، فالطائفية هي مقبرة الدول مهما بلغت قوتها، وقد استطاعت الحركة الصهيو امريكية إتمام مخططها لتقسيم العالم العربي والإسلامي إلى دويلات على اسس طائفية وعرقية ومذهبية عبر استخدام الملف الطائفي بإثارة النعرات المذهبية بين السنة والشيعة تارة ، وبين المسلمين والمسيحيين تارة اخرى ، و.. .. و..

على غرار ما حدث في لبنان والعراق وسوريا ، إلا أن هذه الحرب بالوكالة لم تنجح حتى الآن في مصر بسبب تماسك المصريين بكل مكوناتهم ووعيهم بخطورة الطائفية وتداعياتها الكارثية ، وخطر الطائفية والمذهبية هي انها وسيلة لتفتيت الدول باستخدام جماعات منظمة وأفراد لمحاربة واستهداف الدول بالوكالة ، وهي حرب متطورة من حروب الجيل الرابع يستخدم فيها مرتزقة وجماعات متشددة دينيا وربما ميليشيات تدعي الدفاع عن الدين لتعبئة البسطاء وشحنهم ضد طائفة معينة من أتباع الدين الواحد أو بين اتباع دين ودين آخر أو عرق وعرق آخر ، وتتميز هذه الحرب بأنها غير مكلفة لانها تعتمد على دفع اتباع الأديان والمذاهب الى التقاتل الذي يصل الى حرب اهلية يستخدمها العدو في انهاك الجيوش الوطنية والاجهزة الامنية واحلال المؤسسة الدينية بمؤسسات موازية، وبالنسبة لمصر فقد اثبتت ثورة 30 يونيو 2013 أن مصر عصية على التفتيت والتقسيم وأن مخطط التقسيم والتفتيت والطائفية سيفشل فشلا ذريعا في مصر ، ولكن هذا الامر مرهون بهيبة الدولة والمؤسسات الدينية التي يجب ان تتصدى بحسم وحزم لكل دعوات الطائفية والمذهبية والتقسيم التي تخدم المخطط الصهيو امريكي ، فلقد كان مخططا لمصر في عهد جماعة الإخوان الإرهابية إثارة حرب طائفية كان مخططا لها بعناية ضد الاقباط والشيعة ، وقد رأينا هذا واضحا في الجريمة البشعة التي هزت الضمير الجمعي المصري بذبح القيادي الشيعي حسن شحاته في بلدته استنادا الى مذهبه الديني ، بل وكان مخططا اجلاء الاقباط من مصر باستهدافهم على الهوية الدينية.

وقد رأينا لاول مرة في التاريخ في عهد الاخوان يحاصر الاخوان الكاتدرائية المرقسية وهي رمز بابا الاسكندرية ، ولولا نجاح الثورة وانحياز الجيش للشعب في 30 يونيو لرأينا سيناريو اخطر مما نشاهده الآن في سوريا والعراق في مصر ، والحق أقول أن الملف الطائفي كان احد اهم الاسباب الجوهرية لاسقاط شرعية نظام الرئيس المصري الاسبق محمد حسني مبارك ، حيث كانت تتهاون الحكومة مع الملف الطائفي، وتنتهج سياسة إفلات الجناة من العقاب في جرائم العنف الطائفي ، وتلجأ إلى جلسات الصلح العرفي كبديل عن القانون، وتطيح بحقوق الاقباط في بناء الكنائس وهو حق شرعي يكفله القانون بل ويكفله الإسلام الصحيح وليس تعاليم فقهاء التطرف وشيوخ الوهابية.

كما رأينا ايضا استهدافا للشيعة والتحريض ضدهم بل وتكفيرهم ، واهدار حقوقهم ، وانني ارى أن الملف الطائفي الآن في عهد الرئيس السيسي يواجه تحديات خطيرة ابرزها ظهور جماعات أو حركات لا تمثل الازهر الشريف ووسطيته تؤجج الطائفية والمذهبية في مصر ، وتقاوم اي مساع للتقارب بين السنة والشيعة التي اكد الدكتور احمد الطيب مرارا ان الشيعة والسنة هما جناحا الامة الإسلامية بل وصلى بجوار المرجعية الدينية الشيعية في العاصمة الاندونيسية جاكرتا ، وهذه الجماعات التي تهدف الى اثارة حرب طائفية ومذهبية في مصر بين السنة والشيعة تخدم المخطط الصهيو امريكي ولا تخدم الاسلام.

كما ان الملف الطائفي في عهد الرئيس السيسي اصبح يستخدم الآن وخاصة في صعيد مصر لاسقاط الرئيس السيسي وشرعيته، حيث رأينا عدة جرائم ارتكبها متشددون ضد الاقباط مثل حرق الكنائس أو العقاب الجماعي للاقباط واستهداف منازلهم وممتلكاتهم وكنائسهم على خلفية شائعة بناء كنيسة، وكذلك تعرية سيدة قبطية في سابقة تحدث لاول مرة في التاريخ الحديث في عهد الرئيس السيسي ، ومن المفجع أن الحكومة ما زالت تنتهج للآن نفس سياسة الانظمة السابقة التي اسقطها الشعب بثورتين في التعامل مع جرائم العنف الطائفي ضد الاقباط، حيث ما زالت الحكومة تتبع سياسة جلسات الصلح العرفي الذي يهدر حق المجني عليهم ويفلت الجناة من العقاب بل ويحصن مسئولين حكوميين مشاركين بالصمت او التواطؤ في الجرائم التي تحدث ضد الاقباط وممتلكاتهم وكنائسهم ، مع ان الرئيس السيسي نفسه اعلن واعتذر عن حرق الكنائس ورفض استخدام مصطلح مسلم ومسيحي بل "مصري " وطالب بعقاب الجناة بالقانون، إلا انه من الواضح ان الحكومة تعمل بمعزل عن الرئيس وتناقض توجهاته الوطنية في هذا الملف ، وهذا امر خطير سيؤدي الى مزيد من جرائم العنف ضد الاقباط وايضا شحن الاقباط ضد الرئيس وهو امر يخدم المخطط الصهيو امريكي لتفتيت مصر لا محالة.

وبالتالي فانني من هنا اطالب الرئيس السيسي بعدم التعامل بتهاون مع الملف الطائفي لان الملف الطائفي إن ترك فهو قادرعلى ان يسقط دولة بأكملها وليس شرعية رئيس فقط ، كما ادعو الرئيس السيسي ان يوجه الحكومة بسرعة اصدار قانون دور العبادة الموحدة ، وايضا تشجيع ودعم اي دعوات للتقارب والتعايش بين الأديان والمذاهب لان هذا الامر سيصب في صالح وحدة الدولة المصرية لامحالة ... وليعلم الرئيس السيسي أن المصريين وحدهم هم فقط القادرون على حماية شرعية نظامه وليس دولة معينة او جماعة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط