الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بالفيديو والصور.. مبادرة «بلاها شبكة» تصارع العادات والتقاليد.. تجار الذهب يسعون لإفشالها.. والمرأة حجر عثرة فى طريقها.. والمبادرون: ندرس فرض شروط جزائية للمخالفين

صدى البلد

  • مبادرة إلغاء الذهب بين تحدى العادات والتقاليد وأحلام الشباب
  • مبادرة" بلاها شبكة" نفذتها القرى المجاورة وأخفقت فى تنفيذها صاحبة المبادرة
  • المؤيدون للمبادرة:
  • هدفنا تيسير وتخفيف تكاليف الزواج والحفاظ على الاستقرار الاجتماعى
  • ندرس وضع شروط جزائية على المخالفين للمبادرة بعد إقرارها
  • المرأة القنائية تقف حجر عثرة أمام مبادرة "بلاها شبكة"
  • تجار الذهب يسعون لإفشال المبادرة خوفا من ركود بضاعتهم
  • الرافضون للمبادرة:
  • نرفض إلغاء الذهب حتى لا تتسبب المبادرة فى "رخص" الفتاة فى نظر زوجها
  • الذهب مفخرة وكنز للفتاة تستند عليه وقت الحاجة
  • الحرب لابد أن تكون على النيش ونفقات حفل الزفاف وليس على الذهب
  • وكيل أوقاف قنا: الأحناف اتفقوا على ألا يقل الذهب فى الصداق عن 3 جرامات
كعادة كل شىء جديد على المجتمع الصعيدى، حظيت مبادرة إلغاء الذهب أو تخفيف تكاليف الزواج كما يطلق عليها أبناء نجع الجديدة التابع لقرية دنفيق بمركز نقادة، بحالة من الجدل ما بين مؤيد بشدة للمبادرة والتى يرى فيها خروجًا من عنق الزجاجة التى تكاد تعصف بالشباب، وما بين معارض بشدة ظنًا منه أن المبادرة تسعى لهدم العادات والتقاليد التى تربى عليها لعقود وقرون عتيقة، فيما يقف فريق آخر فى منتصف الطريق مطالباً بتقنين وضع المبادرة وتعديل لبعض بنودها بما يحافظ على عادات وتقاليد راسخة وفى نفس الوقت يحقق أحلام الشباب والفتيات بالزواج دون عراقيل وقيود ضخمة فرضتها الأيام والأسعار التى لا ترحم.

العادات والتقاليد لم تكن وحدها التى تعوق تنفيذ المبادرة حتى الآن، فقد أظهرت المرأة الصعيدية، خاصة كبار السن، موقفاً معارضاً للمبادرة لكثير من الأسباب، من أبرزها عدم ضياع مستقبل ابنتها أو نظرة الأهالى لها على أنها أقل من قريناتها فى العمر.

"إلغاء الذهب مرفوض وبشدة"، بهذه الجملة بدأ حميد أمين عطية الشكلي، موجه مكتبات بإدارة نقادة التعليمية ويعمل بالكويت، حديثه عن مبادرة إلغاء الذهب التى أطلقها شباب القرية، وقال: "أرفض تماماً إلغاء الذهب، والشرع لم ينص على ذلك، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) قال التمس ولو خاتم من حديد أو فضة فى صداق العروس، فلا لإلغاء الذهب، فهو لا يمثل عائقا مثلما يمثل النيش والأجهزة المنزلية التى تتجاوز أضعاف سعر الذهب، فعلى سبيل المثال العروس ملزمة بإحضار 100 فوطة و100 ملاية سرير وتعبئة النيش بما لا يقل عن 10 آلاف جنيه بأواني المطبخ، وفى النهاية تكون الحصيلة أضعاف سعر الذهب".

وأضاف الشكلى: "لا نريد إلغاء المبادرة لكننا نسعى إلى التخفيف، لأن زينة البنت فى ذهبها وشراء الذهب يتم أحيانا بالود والتراضى وقد يؤدى إلغاء الذهب وتسهيل الزواج بهذا الشكل إلى التقليل من شأن الفتاة أو "ترخيصها" فى عين زوجها، وقد يجعله يقول لها أنا أخذتك "ببلاش" ويفرط فيها بسهولة، وحتى تكون هناك كرامة للفتاة وفرحة البنت بالذهب الذى تحصل عليه، لكننى فى النهاية مع التخفيف، فبدلاً من شراء ذهب بـ50 ألفل نحضر بـ25 ألفا فقط، وإلغاء الكثير من الاحتياجات غير الأساسية التى ترهق الأسرة".

شاركه الرأى مهدى أمين عطية، إخصائى سلامة مهنية بشركة المياه، وقال: "المبادرة لكى يتم تفعيلها لابد من مراعاة العادات والتقاليد التى تتم خارج القرية، فلابد من تعميمها لعدم الاصطدام بالوضع خارج القرية، لذا أطالب بعمل تخطيط جيد للمبادرة من خلال استشارة أصحاب الخبرة وكبار العائلات والقرى للوصول إلى حلول ترضى جميع الأطراف".

أما على حسن شكلى، مزارع، فيرى أن المبادرة فيها نوع من المبالغة، فى قرار إلغاء الذهب، رغم أن عادات القرية لا تتشرط على الشباب فى تكاليف الزواج، لكن الشباب والفتيات هم من تسببوا فى زيادة التكاليف، بتقليدهم الأعمى للآخرين، وعدم النظر للمستوى الاقتصادي الذى يعيشون فيه، لافتًا إلى أن بعض الزوجات الحاليات كان مهرهن "نخلة" فى بعض الأحيان وكانت الأمور بسيطة وغير معقدة مثلما يحدث حاليا.

ويدافع بشدة عن المبادرة أحمد منصور، موظف، وأحد أصحاب المبادرة قائلاً: "المبادرة لم نطرحها للتنفيذ على أرض الواقع حتى الآن حتى يحكم البعض عليها بالفشل، فهى مازالت فى طور الإعداد ولم يمض على إطلاقها أكثر من أسبوع، ومازلنا نجود وننقح فى بنود وتفاصيل المبادرة لكى تتناسب مع كل الفئات وبما لا يجعلنا نصطدم مع كبارنا من الرجال والسيدات أو العادات والتقاليد التى نشأنا عليها".

وأضاف: "الاتجاه حالياً يتم لتقنين مصاريف الزواج وهناك اتجاه آخر لإلغاء المهر، لكن حتى الآن لم يتم الاتفاق على البنود النهائية، فى حين أننا جميعاً متفقون على الحد والتخفيف من تكاليف الزواج، وندرس وضع شروط جزائية تطبق فى المنطقة للمخالفين لتعاليم وبنود المبادرة، لضمان التزام الجميع بها".

وأشار منصور، إلى أن المبادرة تتعرض لمحاربة شديدة من فئات متعددة منها المرأة نفسها، التى تصر على الاحتفاظ بالعادات والتقاليد القديمة، إضافة لتجار الذهب الذين يحاولون إفشال المبادرة من خلال شائعات وأقاويل كاذبة خوفًا من ركود تجارتهم.

وأوضح شريف حراجى، بكالوريوس تجارة خارجية، أن "المبادرة يتم تطبيقها لدى ثلثى أهالى المنطقة منذ فترة، نظرًا للظروف الاقتصادية للأهالى، وما تم حالياً هو مبادرة لتخفيف العبء والحرج عن الكثير من الأهالى الذين لا يستطيعون شراء الذهب بالأسعار التى تخطت الحدود المعقولة لمعظم الأسر، ونتمنى أن تعمم الفكرة والمبادرة فى مصر كلها، من أجل التخفيف على الشباب، ونسعى من خلالها لتخفيف جميع تكاليف الزواج بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية الحالية، لأن الكثير من الشباب تزوج بعد سن الأربعين نظراً لضيق الحال، ولم يكن لدى الكثير من الأهالى مقدرة على شراء الذهب، فكان لابد من مبادرة للتخفيف عن كاهل الأسر".

وقال حراجى: "المبادرة هدفها أن يشعر الجميع بالمساواة فى حفلات الزفاف بأن تقتصر الشبكة على " دبلة – محبس – خاتم"، وبعد الزواج فليفعل ما يشاء ويحضر ما يستطيع، لكننا نحتاج لتدعيم الفكرة بتطبيقها على أرض الواقع فى البداية"، لافتاً إلى أن نجع الجديدة ضمن 14 نجعا تضمها قرية دنفيق وبها حوالى 100 منزل ينتهى نسبها جميعًا لسيدنا أبوبكر الصديق، وتم استحداث المبادرة للتخفيف من أعباء الزواج التى تعانى منها الأسر.

وفى المنطقة الوسطى بين القبول والاعتراض، يقف المهندس عرفة محمد كامل، من أصحاب المبادرة قائلاً: "المشكلة بدأت مع زيادة التكليف والغيرة من قبل الأهالى، وإصرارهم على تقليد بعضهم البعض، لذا نسعى لأن نقنن وضع المبادرة ونعالج أوجه الاختلاف التى بيننا حول المبادرة، لكى نضمن أن تعمم ويتم تنفيذها على أرض الواقع".

وأضاف أنه مازال له بعض التحفظات على بعض البنود، وتابع: "أسعى مع زملائي لتعديلها وتقنينها، خاصة فيما يتعلق بالزواج من خارج المنطقة سواء بالنسبة للشاب أو الفتاة".

وقال حراجى أمين شكلى، يعمل بالكويت، إنه يتفق مع رأى الشباب، لكن مع تقنين وضع الذهب وعدم إلغائه بشكل كامل، لافتاً إلى أن هناك أمورا أخرى متعلقة بالزواج لابد من النظر إليها بعناية لأنها تتسبب فى إنفاق مصاريف لا حصر لها مثل النيش و "الردة"، وهى عادة أو عرف يكون قبل الزواج يقوم فيها والد العروس بالذهاب للعريس وتقديم هدايا فيما لا يقل عن 5 آلاف جنيه، ردا على حضوره أول مرة لخطبة الفتاة.

وأضاف: "نتمنى أن يكون هناك اتفاق بين العريس والعروسة يتم فيه الاستغناء عن الكماليات والاهتمام بالاحتياجات الأساسية، أما الذهب فمن الصعب الاستغناء عنه كليةً، حتى لا تصبح المبادرة مثل مبادرات تم إطلاقها فى قرى مجاورة ولم تنفذ".

من جانبه، قال الشيخ محمد الطراوى، وكيل وزارة أوقاف قنا: "قبل أن نتحدث فى مبادرة لإلغاء الذهب أو تتعلق بالزواج، لابد من الرجوع لإطار الأسرة تحت رعاية الإسلام، الذى تتناوله الكثير من المؤلفات سواء فيما يتعلق بالخطبة أوغيرها من الأمور، لأننا سوف نجد ما ينظم حياتنا وييسر أمورنا، فالتخفيف والتيسير من تعاليم الإسلام، وقد نص القرآن الكريم على أن المرأة "آية" حينما قال "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً"، كما ورد فى السنة النبوية المطهرة، وإن أعظم النساء هى أيسرهم مهرا".

وطالب بالإخلاص فى تطبيق هذه المبادرات والعمل وفق مظلة الشريعة وبعيدًا عن أى أغراض أو أهواء، لافتًا إلى أن الأحناف اتفقوا على ألا يقل الذهب فى الصداق عن 3 جرامات، ولابد أن تركز المبادرات على محاربة الاحتياجات غير الأساسية التى ترهق الأسر وتعرقل الزواج وكذلك نفقات وتقاليع حفلات الزفاف التى لا تتناسب مع طبيعتنا وتعاليم ديننا.

كانت نجع "الجديدة" قد أعلنت منذ أيام عن مبادرة لإلغاء الذهب فى الزواج للتخفيف عن كاهل الأسر وتيسير الزواج للشباب والفتيات، وتجرى مفاوضات حتى الآن للاتفاق على البنود الرئيسية للمبادرة لتطبيقها خلال أيام.