الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من فوضى الشارع إلى فوضى الشواطئ


الفوضى الفكرية وتداعياتها السلوكية والأخلاقية مازالت تتغلغل فى نفوس المصريين ، التلوث البصرى والتلوث السمعى والتلوث الغذائى والتلوث الأخلاقى يحاط بنا من كل الجوانب بشكل خانق فى المنزل فى الشارع فى العمل أين المكان الذى نستعيد فيه هدوءنا وراحة بالنا.
 
نتوقف فى الشارع لساعات طوال بسبب ميكروباص يقف بعرض الشارع لإنزال الركاب وإذا عاتبت السائق تسمع مالايرضيك ، تفاجأ بتوك توك فجاءة يسير امامك فى الاتجاه المعاكس يركبه طفل صغير ، وأحيانًا أخرى تجد عربة كاروه يركبها بعض الصبية الصغار ممن يدمنون المواد الطيارة لايدركون أين هم يسيرون فى عرض الشارع وأصبح الحمار الذى يجر العربة هو الأخر لايدرى أين يسير ومتى يتوقف ، ناهيك عن عدوانية سائقى العربات الملاكى والطبقية فى التعامل وأولوية المرور قبل أصحاب السيارات القديمة أو الموديلات السابقة لموديل السنة الحالية المظاهر والعدائية والطبقية وكل أشكال العنصرية والتمييز فى التعامل اللاأخلاقى.

يحاط بنا قبح من جميع الاتجاهات فى شكل وألوان المبانى وواجهات المحلات والإعلانات المعلقة على جانبى الطريق والقمامة الملقاة على جانبى الطريق.
 
وعندما تسير على قدمك فى أسواق روكسي أو شارع فؤاد لمشاهدة محلات الملابس تصدم لطريقة العرض وكمية البضاعة المكدسة بالفترينة والألوان غير المتناسقة التى تصيبك بالتشتت والصداع والتلوث البصرى الحاد ، ناهيك عن أسلوب التعامل مع البائعين داخل المحلات وغياب أبسط درجات الذوق من حيث طريقة الأستقبال كذبون وغياب الابتسامة وحضور التكشيرة ببراعة على وجوه العاملين بالمحل ناهيك عن طريقة الحديث واللغة المستخدمة ولغة الجسد التى توحى بعدم الأهتمام ، وفى كثير من الأحيان يتركك ويتحدث مع ذبون أخر دون أى أستئذان أو أعتذار وكأن التصرف عادى جدًا ، ومن الغريب أن هذه السلوكيات فى البيع والشراء تجدها فى كبرى المحلات وأيضًا لدى البائعين المتجولين فى الشارع المخالفين أصلًا للقانون ، ناهيك عن غياب التسعيرة كل محل يبيع بالسعر الذى يحلو له حسب المنطقة وروادها كلًا على هواه.

تذهب الى مؤسسات الدوله لكى تقضى مصلحه أستخراج جواز سفر أو بطاقة أو رخصة سيارة وبداخلك ضغط شديد وأستنتاج مسبق للمشقة والفساد الذى سوف تراه وتسمعه بأذنك وتشعر أنك أسير أو سجين لدى الموظف وكالعاده أذا أردت أن تنجز فعليك بالونجز ، تخرج من تلك المؤسسات منهك متعب تجد سايس السيارات فى أنتظارك بوجهه العابث فى أنتظار عشرة جنيهات وينظر لك بتوعد وعدائية أذا لم تدفع الأرضية وفى الغالب الأعم الدفع مسبقًا على الخدمة الجليلة التى قام بها وجعلك تقف فى شارع البلد ، ثم تبدأ فى رحلة الحرب الكبرى للرجوع الى مسكنك فى ظل فوضى المرور العارمة والضجيج الصاخب الذى يلازمك طوال تلك الرحله تذهب للمنزل تجد تلوث أخر فى أنتظارك على قنوات التليفزيون فوضى فكرية عارمة بين القناة الفلانية والقناة العلانية تشاهد جميع أنواع التلوث صوت وصورة شكل ومضمون لغة وشبه ثقافة وأنحياز وعدم موضوعية وهجوم وعدائية وصراخ وعويل لاتخرج بشئ مفيد لاتتعلم شيئا يغير من مفاهيمك أو سلوكياتك.
 
تذهب لقضاء عطلة ثلاثة أو أربعة أيام على أحد الشواطئ ، تجد نفسك محاطا بفوضى سلوكية وتلوث أشد شراسة وفتكًا ، سواء على الشواطئ أو داخل صالات الاستقبال أو صالات الطعام ، أصوات عالية صاخبة كأنك فى سوق للبضاعة ، نظرات عدائية ، أو ضحك مصطنع ليس من القلب ، حركات بهلوانية لاتعبر عن فرح أو أستمتاع ، غياب تام للهدوء وشحن الطاقة الداخلية ، ملابس لاتناسب الشواطئ وسلوكيات لاتناسب اماكن الترفيه والأستمتاع فوضى بمعنى الكلمة ألفاظ نابية وعدائية ، فجأة تشعر بأغتراب نفسي شديد وتسأل نفسك ماذا حدث للمصريين ؟ أين سلوكيات ثورة 25 يناير و30 يونيه ؟ هل أصبحت الفوضى تعبير عن الحرية ؟ هل الانفلات الأخلاقى أصبح تعبير عن الحرية ؟ أين المجلس القومى للأخلاق ؟

أرى كمتخصص فى علم النفس وتعديل السلوك ، أن الشعب المصرى يحتاج الى نهضة فكرية ثقافية تعليمية بشكل مكثف وسريع ، ثورة لتعديل السلوك واستعادة الأخلاق والوعى الجمعى ، من خلال حملة لاستعادة الانضباط فى كافة أوجه حياتنا ، فى المؤسسات الحكومية تطبيق العقوبة والإثابة الفورية ومكافحة الفاسدين والمفسدين ، تغيير فورى للمناهج بالكامل دون الترقيع فى الكتب فالموضوع يحتاج الى إعادة بناء من الأول وجديد وليس ترقيع للكتاب المدرسي لابد من تعليم يساير التعليم الدولى بمعنى الكلمة ، فتح منابر ثقافية لعامة الشعب من خلال الندوات واللقاءات الفكرية الثقافية وإقامة الحفلات لتذوق الموسيقى والفنون فى الميادين العامة وفتح دار الأوبرا للجمهور العام طوال السنة ، إقامة منتديات ثقافية وفكرية داخل مدراسنا وجامعاتنا طوال العام الدراسي ، الأاتمام بالفنون رسم تصوير موسيقى تمثيل غناء وغيرها من الألوان المختلفة من الفنون لأن الفنون تهذب الأخلاق ، الأهتمام بالبرامج الهادفه فى تليفزيون الدولة الرسمى كما كنا نفعل فى الزمن الجميل ، لابد أن يكون لدينا أستبصار أن سلوكيات المصريين أصبحت فى فوضى عارمة ، فوضى لايمكن التعايش معها.
 
بل لابد من رسم هدف قومى واضح لخلق نمط سلوكى إيجابى للمصريين فى العقود القادمة نسعى إليه من الآن ، حتى نشعر أن مصر أم الدنيا بجد وليس شعارا رنانا فقط.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط