الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خلق جو عام تشاؤمي للمصريين


أصبحت ألاحظ بشكل ملفت للنظر أن هناك من يبث جواً عاماً من التشاؤم فى نفوس المصريين، فبحكم عملى واشتغالى بالبحث العلمى والعلوم النفسية والإنسانية، نهتم بملاحظة الشأن العام، وملاحظة سلوك البشر، وتصرفاتهم، وتناولهم للموضوعات المختلفة، ولاحظت فى الشهور الأخيرة، عند حضورى لمناسبات مختلفة "لقاءات علمية، ندوات، تجمعات فى النوادى والمقاهي، الأفراح..." وغيرها من اللقاءات التى نتجمع فيها، ونتطرق لأمور كثيرة منها ما هو مهنى، والأسرة والأهل وأيام زمان وغيرها من الموضوعات التى تشعرك بصحة أفكارك، أو تجعلك تراجع بعضاً منها أو تجعلك تغيرها برمتها.

 ولكن ما لاحظته فى الشهور الماضية حتى الآن، أن فى وسط المجالس واللقاءات الاجتماعية، تجد من يتواجد فى وسط المجموعة لكى يبث روح التشاؤم والطاقة السلبية فى وسط المجلس، تجد من يحول دفة النقاش والحوار البناء، إلى نقاش عن سلبيات المجتمع ويتطرق لسرد سلبيات الحكومة، بشكل يجعل البسطاء من حولك يظنون أنه خبير استراتيجى أو من صناع القرار فى مصر، تجده يتكلم بكلام الحافظ وليس المتعمق فى الفهم، ينشر لك الأخبار المأساوية، وتدهور أحوال الناس المعيشية، وانتشار الفقر فى كل مكان، وسوء الحالة الصحية للمصريين، وتعداد الحوادث على الطرق، ويسرد لك قصصاً مأساوية حدثت له ولأطفاله ولأحد أقاربه ويستزيد بتلك القصص عبر موقع الفيس بوك، وأصبح يتحمس ويتحمس كلما صدق على كلامه بعض من المجموعة المستمعة إليه، ويظل طوال الجلسه ينظر ويشرد فقط فى السلبيات والنواقص، حتى يشعر أن الجو العام فى الجلسة أصابه عدوى التشاؤم وانتقلت للجموع، وعندما ننظر إلى هؤلاء الأشخاص نجد أنهم ينتقلون بين جموع الحاضرين لنقل عدوى التشاؤم وسط جموع البشر، بتدريب ليس بالهين، يتمتعون بالمداهنة، وسياسة النفس الطويل، وعدم الاشتباك مع الطرف الآخر حتى لو أخطأ فى حقه، لديهم ابتسامة صفراء ، يرشي بها من ينظر له نظرة الفاهم لما يدور بعقله، يتحدث بصوت خافت، كما لو أنه يقول لك سرًا أو معلومة لم يعلمها غيره، يثير لديك الشكوك.

والمجهولية تجاه مستقبلك ومستقبل أبنائك فى هذا البلد ، يتحدث عن الأزمة الاقتصادية بمنطق المحلل والخبير الاقتصادى ، يعرض لك الصور من على جهازه المحمول مليئة، بمشاهد لحوادث سيارات وغرق عبارات ومناظر للجرحى، بشكل مدروس لإثارة مشاعرك وتدعيم لحديثه، يشعرك أن حياتك أصبحت فى خطر وأن الوضع العام أسوأ ما يكون.

وبالنظر لتحليل تلك الشخصيات تجدها من حيث الشكل، ممتلئ الجثة عريض لديه كرش ممتلئ قوى البنيان، ملابسه عادية، وتجد أن حالته المالية فى أحسن الأحوال ولديه استقرار مادى كبير، وعلى الرغم من ذلك يشكوى ضيق العيش، وسوء الحالة العامة لأسرته، وهذا ما يجعلك تستعجب، بل وتستنكر ما يقوله استنادًا على وضعه الراهن.

هذا بالنسبة لما نشاهده على أرض الواقع، فى أكثر من واقعة كنت شاهد عيان عليها، ناهيك عما نشاهده عبر لجان الفيس بوك الالكترونية، فهناك من يتعمد تشويه صورة مصر وبث الشائعات وتضليل الرأى العام وخاصة فئة الشباب وإعادة فتح ملف المطالب الفئوية من جديد، والألتراس، وغيرها من التجمعات الشبابية والعمالية، بأساليب منظمة، ومتلاحقة بشكل يومى.

وأجد أن الدولة بمؤسساتها عليها دور كبير جدًا فى تلك اللحظات الحرجة التى تمر بها مصر الغالية، على الدولة سرعة التحرك لإشراك الشباب والفئات العاملة فى الأنشطة والفاعليات التى تنشط الترويج للسياحة فى مصر، وشعار صنع فى مصر، وإقامة الندوات واللقاءات التثقيفية، والبعثات للسفر إلى الخارج من خلال شباب الجامعات، تفعيل دور الأحزاب السياسية على أرض الواقع لرفع الثقافة السياسية لدى المواطنين، لكسر حدة المجهولية لدى المواطنين، وتوعيتهم بمجريات الأمور على الصعيدين الداخلى والخارجى، تفعيل دور الإعلام بشكل منطقى وحيادى، والمؤسسات التعليمية والرياضية والدينية، تفعيل دور رجال البرلمان كل نائب فى دائرته عليه التحرك لخدمة أهالى الدائرة وإقامة الندوات التثقيفية لأهالى الدائرة.

وعلى الحكومة القيام بنشاط مكثف وملموس ويسلط عليه الإعلام الضوء، من خلال ضبط أسعار السلع فى السوق والرقابة على الأسواق بصورة دورية، تحرك الأجهزة الرقابية لمكافحة الفساد على كبار المسئولين أولًا ، الرقابة على المستشفيات وتلبية احتياجات المواطن البسيط فى العلاج، الرقابة على المدارس ومنع تجاوزات كل عام من الحدوث، الرقابة بشكل مُشدّد على الأحياء ورؤساء المدن لتفعيل الخدمات ومنع الفساد ، التخلى نهائيًا عن شعار دعونا نعمل فى صمت بل دعونا نعمل فى العلانية، لأن شفافية الأعمال مطلوبة فى جميع المراحل الحالية والآتية.
 وللحديث بقية
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط