سكان المقابر .. ملف هام تخشى الحكومات المصرية المتعاقبة الاقتراب منه برغم الوعود البراقة التي نسمعها من يوم لآخر من المسئولين بالاهتمام بهذه الفئة وتوفير أماكن معيشية تليق بهم وتحترم آدميتهم ، والحق أقول أنه لمن العار والخزي أن يوجد "سكان مقابر " في مصر بعد ثورتين قام بهما الشعب المصري من أجل العيش والحرية والكرامة الإنسانية.
ووفقا لتقارير حكومية رسمية وتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن عدد سكان المقابر في مصر يقدر عام 2011 كان واحد ونصف مليون نسمة في القاهرة فقط ، وهذا الرقم في رأيي غير دقيق لأن العدد يفوق بكثير العدد الذي أعلنت عنه الحكومة المصرية ، هذا بجانب عدد سكان المقابر في المحافظات الأخرى بالجمهورية.
ومن المؤكد أن وجود مثل هذا الرقم المرعب يؤكد على أن هذه الحكومات فشلت فشلا ذريعا في احترام إنسانية وكرامة المواطنين المصريين الأحياء الذين لم يجدوا مفرا ولا سبيلا سوى مزاحمة الموتى ، كما أن وجود هذه الظاهرة في مصر تنتهك بلا هوادة حرمة الأموات ، مما يؤكد أن الحكومات المتعاقبة لم تهين المصريين وتنتهك آدميتهم وكرامتهم أحياء وأموات.
ولعل حق المواطن في سكن يأويه هو حق من حقوق الإنسان الذي أقرته المواثيق والأعراف الدولية والدستور ، وهو ما يتطلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بسرعة التدخل شخصيا بتكليف الحكومة باختراق هذا الملف الخطير ، واتخاذ التدابير اللازمة والحاسمة بسرعة إخلاء المقابر من السكان الذين يعيشون فيها بطريقة غير آدمية ، وتدبير المسكن المناسب لهم.
واقترح على الرئيس بأن ينشئ منطقة سكنية كاملة بالمرافق والخدمات ومراكز التدريب المهني لسكان المقابر بأسعار رمزية ، خاصة أن ملف سكان المقابر ملف خطير وربما تمتد خطورته لتمس الأمن القومي ، خاصة أن أغلب سكان المقابر من الأميين والعاطلين ، كما أنهم بعيدين عن رقابة الأجهزة الأمنية ، وهو ما يسهل ارتكاب كافة الجرائم بها بقلوب مطمئنة.
كما يمكن أن تكون المقابر وكرا للمطلوبين أمنيا والهاربين من يد العدالة وتجار السلاح والأثار والمخدرات والعملة والاعضاء وغيرهم من يخططون أو يرتكبون جرائم إرهابية التي تستهدف أمن مصر واستقرارها ووحدتها وجيشها وشرطتها في هذا التوقيت ، فسكان المقابر هم ضحايا لحكومات فاشلة أدت بهم إلى هذا المصير ، وهم يمثلون قنبلة موقوته بسبب غياب الرعاية والتوعية والتعليم والرقابة الأمنية ، وبالتالي يجب وبسرعة أن يكلف الرئيس السيسي بسرعة إخلاء هذه المناطق مع توفير البديل أولا ، وأن يكون قرار الإخلاء اجباريا لأن أمن مصرخطا أحمر ، لان هناك بعضا من الساكنين في المقابر لا يريدون أن يخرجوا منها حتى يستمروا في جرائمهم وتجارتهم غير المشروعة ولكي لا تضيع مكاسبهم.
ويجب أن تسارع منظمات المجتمع المدني ورجال الأعمال الوطنيين والبنوك وكل مصري شريف والمصريين بالخارج في دعم هذا المشروع انطلاقا من دورهم الوطني والمسئولية الإجتماعية لرجال الأعمال ، وفي نفس الوقت يجب أن يكون هناك قانون صارم يجرم السكن بالمقابر ، وكلي ثقة في أن المصريين قادرون على ضرب أروع الأمثلة في رعاية هذا الكم المهول من سكان المقابر واحترام آدميتهم وإنسانيتهم ، وأقول للرئيس أن هذا المشروع سيكتب في تاريخ انجازاتكم الوطنية وسيؤكد بحق رعايتكم للإنسان واحترامكم لحرمة الموتى ، فبادر بهذا المشروع وكلنا معك ووراءك.