الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أوقفوا "الزيطة" الإعلامية!


لم يكن مؤلف قصص الخيال والإثارة الشهير "دان براون" مُبالغًا عندما قال "إن وسائل الإعلام هي اليد اليمنى للفوضى" ، ولقد كان" جوزيف جوبلز" وزير إعلام " هتلر" محقًا عندما أطلق عبارته الشهيرة التي يرددها العالم اليوم عندما قال :" اعطني إعلامًا بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعي " .

وإذا نظرنا لحالة المشهد الإعلامي في العالم العربي اليوم بشكل عام وإلى مصر بشكل خاص ، سندرك للوهلة الأولى أن هناك حالة من الفوضى الإعلامية والتي يمكن أن نطلق عليها "زيطة إعلامية" اختلطت فيها الأصوات وتاه المعنى والهدف ؛ حيث اعتلى المنابر الإعلامية والصحفية التي في رأيي لها قدسية خاصة ، هواة ، وأصحاب المال والنفوذ ، وصار العديد من الإعلاميين والصحفيين أبواقا للسلطة وإمبراطوريات الفساد والإفساد وبعض قوى التطرف بل والإرهاب ، واصبحت المهنية والموضوعية والاحترافية تذبح ذبحًا كل يوم على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية والفضائيات ، وتحول الكثير من الإعلاميين والصحفيين إلى عبيد بمعنى الكلمة لمن يدفع أكثر، وغابت القيمة عن كثير من وسائل الإعلام في الغالب ، وتاه الناس وهم الأولى بالاهتمام وسط حطام التضليل والتطبيل والتبخير والتزمير والتحريض.

نعم ؛ هذا يحدث بالفعل ، فما نراه الآن من فوضى وزيطة إعلامية على الساحة لا يقل خطورة وجرما عن جُرم أولئك القوادين الذين يستقطبون ساقطات لارتكاب الرذيلة مقابل ربح رخيص.

وفي رأيي أن الإعلام والصحافة مهنة مقدسة يجب أن تكتب وفقًا لإرادة الشعب وليس لأهواء الحكومات أو المفسدين في الأرض من قوى الشر بأنواعها ، كما أنه لا يجب علينا مطلقا أن نلوم شعبا أو أمة على جهلها أو فقرها فقط بل يجب أن نوجه أصابع الإتهام للإعلام أولا يضبط متلبسًا كل يوم في تغييب الأمة وتجهيلها وإفقارها ، فالإعلام بكافة صوره وأشكاله مسئول عن تشكيل وعي ووجدان الامة واتجاهاتها وقيمها ، ومتى انحرف الإعلام عن هذا المسار فإنه أصبح سلاحًا فتاكًا ومصدرا لإشاعة الفوضى ، وأداة تحقق لاعداء الأمة اهدافها دون أن يطلقوا رصاصة!

وعندما ينفصل الإعلام عن واقع الشعوب ومعاناتها ليتفرغ للتجميل والتطبيل والتبخير والتبرير للانظمة الحاكمة، فإنه بلا شك يخلق فراعنة جددا ويصنع حكومات وانظمة فاسدة مستبدة لا ترى إلا نفسها ، ولا تسمع إلا صوتها ، وهو ما يعجل بسقوطها إن عاجلا أم آجلًا ، فمعلوم وثابت أن السلطة المستبدة لا تحب النقد ، وتطلق أذنابها وابواقها بالتشويه والتهديد لكل معارض وطني شريف ، فضل أن يقول أو يكتب الحق الخالص الذي يعبر عن هموم الأمة وتطلعات الشعب ، وفي وسط هذه الزيطة يجب أن توضع قوانين صارمة ومعايير دقيقة لوقف هذه الفوضى أولها أن يدرك الكاتب أو الصحفي أو الإعلامي أن حرية الرأي مكفولة بل ومقدسة إلا أنها لا يمكن أن تستخدم ستارا أو كذريعة للتطاول على الأوطان والأديان والمعتقدات والمذاهب ، أو انتهاك حرمة الحياة الخاصة للأفراد ، أو للحض على تحقير وكراهية طائفة معينة.
 
والحق أقول إن " حرية الإعلام والصحافة " يجب أن تكون مضبوطة ومحكومة بقيم المجتمع وأخلاقياته ، ويجب في ذات الوقت أن تكون حرية الإبداع والتفكير مسئولة ومقيدة بقوانين صارمة تجرم كافة اشكال التطاول والسب والخوض في الأعراض والتحريض على مؤسسات الدولة ورموزها الوطنية والدينية مع التأكيد على أن حرية الصحافة والإعلام ليس معناه أن تكون حرًا بلا رقيب ، وفي ذات الوقت تمارس حقك القانوني والإنساني في أن تنتقد بلا هوادة السلطة وتعري الفساد والمفسدين وأن تكتب وفقا لإرادة شعب وليس لإرادة حكومة أو على هوى جماعة إرهابية أو قوى متآمرة.

كما يتطلب وقف هذه الفوضى والزيطة الإعلامية أيضا إلزام المؤسسات الصحفية والإعلامية عبر تشريعات واجبة النفاذ عدم استغلال الصحفيين الجدد واستنزاف مجهودهم بلا مقابل ، فلقد تحولت بعض الصحف والفضائيات إلى مكاتب سخرة لمصمصة دماء الصحفيين واستنزاف طاقاتهم دون مقابل ، وهذه جريمة يجب أن تحاسب عليها المؤسسات الصحفية ، ونقابة الصحفيين أيضا ، لانها تدفع ببعض صغار النفوس من بعض الصحفيين للاسترزاق من المهنة بطرق تفتقر للمهنية والموضوعية والقيم الأخلاقية ، وأيضًا يجب وضع ضوابط مهنية ومادية وقانونية لتأسيس المواقع الصحفية الإلكترونية.

بعد هذا الكم المرعب من المواقع التي تظهر كل يوم وتغيب عن كثير منها المهنية والموضوعية والشكل القانوني والمؤسسي ، بل وهناك مواقع وبعض الصحف هدفها الابتزاز والتكسب من نشر الفضائح وانتهاك الخصوصية بلا رقيب ، ومطلوب أيضا لوقف هذه المهزلة أن تسارع الحكومة بسن تشريعات تضمن حياة كريمة للصحفيين والإعلاميين لانهم يشكلون وعيًا ، وأن تسارع أيضًا في تأسيس نقابة للصحفيين الإلكترونيين تضمن لهم حقوقهم وتجعلهم يكتبون في مأمن بعيدًا عن الملاحقة القانونية والتهديد ، أو ضم الصحفيين الإلكترونيين لنقابة الصحفيين بشرط أن يكون هؤلاء الصحفيون الإلكترونيون يكتبون في مواقع مرخصة من الدولة وتدفع ما عليها من التزامات سواء تأمينات او ضرائب ومرتبات وأجور صحفيين وتلتزم بالمعايير المهنية والضوابط الوطنية والأخلاقية وميثاق الشرف الصحفي للمهنة.

فعدم اعتراف الحكومة للآن بالصحفيين الإلكترونيين سواء بعدم ضمهم للنقابة أو عدم تأسيس نقابة لهم تضمن حقوقهم فضيحة بكل المقاييس بل وعار ويجب أن يتنبه الرئيس السيسي شخصيا ومجلس النواب لهذه القضية الحساسة ، خاصة أن الصحافة الإلكترونية هي الورقة الرابحة الآن وهي واقع لا يمكن إنكاره ، ودورها كان واضحا في دعم الدولة وثورة 30 يونيو 2013 ، وحشد الجماهير للاصطفاف حول الوطن في احلك الظروف والمناسبات، بل وهي التي ساندت الرئيس السيسي نفسه وساندت كل اعضاء مجلس النواب بنقل اخبارهم لحظة بلحظة ومساندتهم في حملاتهم الإنتخابية وتعرية بعض المرشحين المتهمين في جرائم أو قضايا وابعادهم عن المجلس،
وبالتالي يجب أن تكون الحكومة والرئاسة ومجلس النواب يقظين لهذه النقطة والمسألة الجوهرية، لان تجاهلهم لهذه القضية الهامة يجعلهم مسئولين بالصمت في هذه الجرائم والفوضى التي تشهدها الساحة الإعلامية ، وسيخلق كيانات أو نقابات موازية غير قانونية ولا مهنية للصحفيين يقوم عليها هواة لا ينتمون للمهنة بهدف الاسترزاق والسبوبة على حساب أمن مصر ووحدتها ، وهي كيانات يضطر الصحفي الى اللجوء اليها لإضفاء بعض من الشرعية عليه ، مع تأكيدنا على وجود كيانات واتحادات صحفية وإعلامية محترمة تلتزم بكافة المعايير القانونية والمهنية ويقوم عليها محترفون يتمتعون بالسمعة الطيبة والمهنية العالية.

وبالتالي فماذا يضير الحكومة من تأمين الصحفيين الإلكترونيين بالحاقهم بنقابة الصحفيين او تأسيس نقابة لهم طالما يعملون في مواقع تؤدي ما عليها من واجبات والتزامات نحو الدولة والمهنة طالما يمتلك الصحفي ارشيفا يؤهله للالتحاق بالنقابة ؟!!! يا سادة إن جزءا كبيرا من الفوضى والزيطة الإعلامية الني نراها الآن هو نتيجة تجاهل الحكومة لمطالب الصحفيين الإلكترونيين وعدم اتخاذ اجراءات جادة في هذا المجال وهو ما جعل بعض الهواه واصحاب المصالح الخاصة يقتحمون المجال ويستخدمون الصحافة الإلكترونية كمطية لتحقيق منافع رخيصة أو أبواق لتحقيق أغراض خاصة أو مصالح لقوى مخابراتية لها أذرع في الداخل ، وهو الامر الذي يجب أن يوضع في عين الاعتبار في قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد وإلا ستحدث كوارث مروعة ... أنقذوا مصر من مدعي الصحافة وبعض الدخلاء الذين لا يستطيعون التفريق بين الألف وكوز الدرة " كما يقولون " .. اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد.
[email protected]
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-