الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دعوة لتأسيس اتحاد عالمي لدعم السلام


ما أحوج البشرية في هذا الظرف العصيب الذي يمر به العالم إلى نشر قيم السلام وتأصيلها وترسيخها في سلوكيات الفرد ، ليخرج لنا جيل واع مدرك لأهمية السلام وضرورته الملحة في وقت تتصارع وتتسابق فيه الآن كثير من الدول نحو الحروب المسلحة التي تخلف وراءها القتل والتدمير وإراقة الدماء وتهجير الأبرياء والإعتداء على حرمة النفس البشرية التي تحرم الأديان السماوية بل والوضعية قتلها أو المساس بها.

فما يحدث من حروب في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وما حدث من مخططات جهنمية آثمة لاسقاط الشعوب والدول العربية وجيوشها عبر ثورات ما يسمى بـ " الربيع العربي " ، والصراعات التي تحدث أيضًا بين الدول الكبرى هي نتاج طبيعي لتغييب قيم السلام عن العالم .. فالسلام يتم ذبحه وطعنه كل يوم بسكين وخناجر قادة عميان وجماعات مستقطبة ، ومنظمات ممولة ، لتصريف اسلحتهم وتغيير جغرافية دول ، وطمس حضارات وإثارة نعرات تؤسس لحروب مذهبية طاحنة قادمة بلا محالة إن لم يتم تداركها بحكمة وحسم وضمير.

ومن الثابت أن تكلفة السلام في بناء الإنسانية والحضارة لا تقاس بل ولا تقارن بتكلفة الحروب والأموال الطائلة التي تنفق فيها وما تخلفه من خراب وتدمير وتعدِ على الإنسان صنعة الله وخليقته في الأرض ، ولك أن تتخيل تكلفة ثورات الربيع العربي فقط خلال الخمس سنوات الماضية وصلت إلى قرابة 614 مليار دولار وفقا لتقارير صادرة عن منظمة الامم المتحدة ، وخلفت وراءها اكثر من 14 مليون لاجئ ، بجانب ملايين الضحايا ، والآثار النفسية والإجتماعية المرعبة التي تنتج عن هذا الكم المخيف من الجور على الإنسانية والبنى التحتية والمعالم الحضارية والتاريخية ، وهو ما يؤكد أن هذه الثورات كانت حربا إرهابية شعواء اندلعت بلا هوادة لطمس هوية الدول العربية وإفقارها وتغيير جغرافيتها لصالح قوى وتحالفات.
 
لن أكون مبالغًا إذا قلت " تحالفات شيطانية" غابت عنها قيم السلام ؛ ولك أن تتخيل ماذا لو كانت أنفقت هذه الأموال لنشر قيم السلام والأمن والقضاء على الفقر والبطالة والجهل والجوع والمرض والأمية الدينية والأبجدية والبحث العلمي ؟!!! بالطبع لكان هذا العالم أفضل بكثير وأوفر حظا، من عالم يحوم عليه ويرفرف بين ارجائه شبح الحروب والدمار والعنف.
 
وفي رأيي أن ما لا يمكن أن يأتي بالحرب المسلحة يأتي بالسلام والحوار والحلول السياسية لأن الخراب والإرهاب سيطول الجميع من طبخ طبخة الحروب والإرهاب ومن ذاق مرارتها ، فالكل في الحروب خاسر ولكن بالسلام لم ولن يخسر أحد ، وفي الحقيقة من يتابع وعلى الأقل يتأمل أو يرصد كم يسيطر شبح بل ومجرد تعبير الحرب المسلحة والإرهاب على مفردات عالمنا العربي لسوف يجد عجبا؛ فلو بحثنا في محرك البحث الشهير " جوجل " عن كلمة "الحرب " فسنجد عدد النتائج "900.000.333 " .

ولو بحثنا عن النتائج التي ستظهر لنا عند البحث عن كلمة "السلام " سنجدها نحو " 305,000,000 " ، ولو قارنا عدد النتائج التي ظهرت سنجد الأمر مرعبا والفارق شاسعا والمؤشر خطيرا، وهذا الفارق الكبير يؤكد على انشغال الذهنية العربية بالحروب وقلقها من نتائجه وقلقها من اندلاع حروب اخرى ، لان الشعوب العربية هي التي تدفع الآن فاتورة الحروب من دماء ابنائها ومقدرات اوطانها ، في حين أن البحث عن السلام كقيمة ضعيف وهو ما يتطلب على الفور انتفاضة وصحوة في كل بلدان العالم وخاصة البلدان العربية المفعول بها دائما في هذه الحروب، للسعي نحو السلام ووضع حكامهم أمام مسئولياتهم التاريخية والإنسانية بأن لا يكونوا شركاء بالصمت أو التواطؤ في هذه الحروب التي تستهدف أوطانهم وامنهم ومحاسبتهم حسابا عسيرا على أي تقصير.
 
وعلى المؤسسات الدينية سواء إسلامية او مسيحية أن تعزز وتؤكد على قيم السلام وأهميته ونتائجه بتصحيح وتطوير الخطاب الديني وتنقيته من كل ما يعلق به من شوائب ونصوص يقدسها البعض لبعض رجال الدين الذين يخطئون حتى لا يأخذها البعض أداة وذريعة بل ومبررا لاستباحة حرمات النفس الإنسانية ومقدرات الأوطان،
كمايجب أن تتحالف المؤسسات الدينية العالمية معا كيد واحدة للدفاع عن السلام ونبذ الحروب المسلحة والتأكيد على انتهاج اسلوب الحوار والتأكيد على المشتركات الإنسانية والدينية كتكتيك للوصول للنتيجة الاستراتيجية والغاية الكبرى وهي السلام. 

والحق أقول أن مجرد استرسالنا في استخدام مصطلح الحرب أو الإرهاب مثل ما يردده بعض الساسة والمفكرين من عبارات كـ " اتحاد دولي لمكافحة الإرهاب" أو " مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب" أمر جيد إلا أنه لن يؤتي بالثمار المطلوبة ؛ لأن الإرهاب لفظ مشين وسبة على جبين الإنسانية ووصمة عار على جبين كل حاكم أو مسئول أو جماعة تورطت فيها بكافة السبل أو الاشكال تحت اي مبرر ولو كان يبدو صحيحا من وجهة نظرهم ، فالحروب اليوم تشن تحت ذريعة مكافحة الإرهاب ، والدول الكبرى تصرف منتجاتها من الاسلحة والصواريخ والقنابل للدول المستهدفة تحت حجة مكافحة الإرهاب.

ولكن لا حرب في السلام ، كما ان وسائل السلام وأدواته ونتائجه آمنة على الشعوب والاستقرار العالمي وتصون النفس الإنسانية بجانب أن تكلفة السلام أقل بكثير من تكلفة الحرب وما يستتبعها بالضرورة من خراب وكوارث، وأنني من هنا أطالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام ، يجتمع فيه قادة العالم ورموز المؤسسات الدينية بلا استثناء كمجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الاوسط وبابا الفاتيكان والأزهر الشريف ومنظمة المؤتمر الإسلامي ورجال الدين اليهودي والرموز المعنية بالسلام العالمي لانتشال العالم من شبح الحروب والإرهاب وفضح الداعمين للإرهاب والحروب ، والتأكيد على أن السلام كقيمة ومنهج ووسيلة إن غاب فإن شبح الحروب والإرهاب سيطول الجميع بلا استثناء ، وأن الفقر والعوز والمجاعة والجهل وغياب الخطاب الديني المستنير والتنمية المستدامة ومحاولات طمس هوية وحضارات الدول وجغرافيتها امر سيدفع فاتورته العالم كله بما في ذلك الدول الكبرى التي لم ولن تكون في مأمن بسبب بعدها عن إرساء قيمة السلام أو بسبب الانتقائية في تفصيل مصطلح " الحرب أو الإرهاب " أو " الحرب على الإرهاب " ضد شعوب دون غيرها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط