ثروت عاشور يكتب: الثورة والمثقفون والمؤامرة..

هيا بنا سويًا نعود للوراء وبالتحديد ليوم 25 يناير: مجموعة من الشباب تخرج للتظاهر رافعين شعارهم على استحياء "عايزين عدالة اجتماعية"، حاول هؤلاء الشباب الاعتصام فى ميدان التحرير، لكن الشرطة فرقتهم بخراطيم المياه.
العامة من الناس يتحدثون عن المظاهرات مجمعين على أن الشباب لن يعيدوا الكرة مرة أخرى، فالأمن سيمنعهم، فالجميع لدية قناعة أن الدولة لديها القدرة على إجهاض أى مظاهرات.
اليوم الثانى يخرج الشباب بأعداد متزايدة وبنفس الشعار "عايزين عدالة اجتماعية"، تأتى الأخبار من السويس "أن هناك إطلاق نار من قوات الأمن"، وهناك أنباء مؤكدة عن سقوط قتلى، يزداد المشهد سخونة والأعداد تزداد من حين لآخر..
الشباب الذى خرج للتظاهر لا ينتمى لأى حزب ولا لأى تيار سياسى، شباب رفض البطالة فتحرك للمطالبة فى حقه فى خيرات بلده، هنا بدأ بعض الشباب المنتمى لبعض الحركات فى الصعود للمظاهرات كشباب الإخوان و6 إبريل وغيرها من الحركات السياسية كالوفد وكفاية، لتصبح الثورة خليطًا من جموع الشعب المصرى.
مع ازدياد قمع الأمن للمظاهرات بدأت الشعارات تتصاعد حتى وصلت من عدالة إلى ضرورة تنحى الرئيس!!، فالدماء الشريفة التى سالت دفعت المتظاهرين إلى التصميم على تغيير النظام بأكمله..
بعد معناة تنحى الرئيس فى مشهد تاريخى يصعب تكراره، هنا أراد البعض القفز على ثورة الشباب لخطفها مستغلين عدم وجود قيادة للمتظاهرين وضعف قوتهم السياسية، فـ6 إبريل قالت إنها صاحبة الثورة "وهذا غير صحيح على الإطلاق"، الإخوان صرحوا بأنهم شاركوا من أول يوم للثورة "ودا منافى للحقيقة" فهم انضموا إلى المظاهرات بعد قيامها، كفاية والوفد وغيرها حاولوا خطف مبادرة الثورة، لكن محاولتهم باءت بالفشل، فالثورة كانت ربانية..
أسقطت الثورة النظام وأركانه وتبقى جزء من هرم السلطة يسعى ليل نهار لإجهاض الثورة وتشويهها مستخدمًا كل الوسائل لتحقيق ذلك الغرض، فهو يستخدم المال لاستقطاب البلطجية لترويع المواطنين لزعزعة الأمن ونشر الفوضى فيدفع المواطن البسيط للترحم على أيام العهد البائد، فليس لديهم أى مانع فى حرق البلد من أجل إجهاض الثورة.
من أخطر الأساليب التى تستخدم لتشويه الثورة تلك الطبقة المثقفة من أبناء مصر التى تؤمن بنظرية "الموأمرة" فهم يرون فى الشباب صفة الخيانة وأنهم مدعمون - أى الشباب - من الخارج وهدفهم هو إسقاط النظام وقلب الحكم ومن ثم الاستيلاء عليه لأهداف استعمارية تعيدنا إلى العصور الوسطى مرة أخرى، تلك الطبقة المثقفة لديهم قناعة بتك النظرية ويستخدمون فى تحليلهم للأحداث تصرف أو حوار لشباب يبنون عليه حتمية الموأمرة، رغم أن الثورة قامت من دون تخطيط وبشكل عفوى".