الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تيران وصنافير.. والبرلمان المصري !!


مع اقتراب موعد الحسم القضائي لملكية جزيرتي تيران وصنافير تحول الخلاف بين المؤيدين والمعارضين، إلى صدام تتزايد حدته يوما بعد يوم.

ومع شروع البرلمان بالنظر في اتفاقية الجزيرتين ينبئ تصاعد الخلاف بتطورات سلبية على مسار العلاقة بين المؤسسات المصرية تشريعية وقضائية، بل وداخل المؤسسة البرلمانية نفسها والتي تشهد انقسامًا غير مسبوق بين الأعضاء الذين انتخبوا في الأشهر الأخيرة من عام 2015.

نواب برلمانيون من تكتل ما يسمى بـ"25-30" (نسبة إلى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013)، راحوا يجمعون التوقيعات من النواب للإعلان عن رفضهم القاطع تسليم الجزيرتين للمملكة السعودية، معلنين تمسكهم بمصرية الجزيرتين، وفقًا لما يعتبرونه وثائق ومستندات تاريخية تؤكد ذلك.. وحتى مساء السبت كان عدد الموقعين من أعضاء البرلمان نحو 113 نائبا من جملة أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 598 نائبا، وهو عدد مرشح للزيادة في ضوء الجدل المتصاعد في مصر حول تلك القضية.

في المقابل، يقف نواب آخرون موقفًا مضادًا، ويعتبرون أن التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية جاء بعد جولات طويلة من التفاوض، وبعد أن أقرَّت مصر في سنوات سابقة، ومنذ عقود أن الجزيرتين سعوديتان وأن مصر تولت إدارتهما منذ عام 1950، بناء على اتفاق سابق بين ملك مصر (الملك فاروق) ومؤسس المملكة السعودية عبد العزيز آل سعود، وأن القرار الجمهوري رقم 27 لسنة 1990، والذي أصدره الرئيس الأسبق حسني مبارك، أقر بسعودية الجزيرتين، وأن مصر قدمت الوثائق الدالة على ذلك إلى الأمم المتحدة بشكل رسمي.

وقد بدا واضحًا، جراء الحرب المستعرة في مصرنا حول ملكية الجزيرتين أن كل طرف يتمسك بموقفه في الوقت الذي يتصاعد فيه الجدل حول دور وأحقية البرلمان في نظر الاتفاقية وفقًا لمواد الدستور المصري، باعتبارها من "أعمال السيادة" والتي يختص البرلمان بنظرها والتصديق عليها، ما يعني وفقًا لأصحاب هذا الرأي أن القضاء المصري غير مختص بنظر هذه الاتفاقية، وتخرج عن ولايته وفقا للمادة 155 من الدستور المصري الصادر لعام 2014.

وإزاء الخلاف الذي احتدم داخل المؤسسة القضائية، بعد صدور حكمين من محكمة القضاء الإداري يؤكدان بطلان اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة في الثامن من أبريل الماضي وبين صدور حكمين آخرين من محكمة الأمور المستعجلة، يلغيان الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري، ويؤكدان عدم أحقيتها في نظر هذه الاتفاقية كونها من أعمال السيادة.

وبُناءً على ذلك، لجأت الحكومة المصرية لرفع دعوى "منازعة تنفيذ" أمام المحكمة الدستورية العليا، أعلى جهة قضائية في مصر، والمعنية بمراقبة مدى دستورية القوانين والأحكام الصادرة عن المحاكم المختلفة، حيث تنظر هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا الأحد منازعة التنفيذ، ووفقًا لمصادر قضائية، فإنه في حال حجز الدعوى للحكم، ستكون الخطوة المقبلة تحديد جلسة لنظر الدعاوي المحكوم فيها أمامها، وذلك عقب تسلمها تقرير هيئة المفوضين.

المثير في الأمر، أن المحكمة الإدارية العليا كانت قد حددت 16 من يناير الجاري موعدًا للنطق بالحكم النهائي في قضية ملكية الجزيرتين، وهو نفس اليوم الذي يعقد فيه البرلمان أولى جلساته المقبلة، حيث ينتظر أن تكون هذه القضية على رأس جدول أعماله، ما أثار العديد من التكهنات حول كيفية التعامل مع القضية بتطوراتها المتلاحقة والمتزامنة.

وفي هذا الصدد، أكدت مصادر داخل مجلس النواب، أن هناك ثلاثة سيناريوهات للتعامل مع تلك القضية أمام البرلمان:
السيناريو الأول، يرتبط بحالة ما إذا صدر حكم من المحكمة الإدارية العليا يؤكد مصرية الجزيرتين، ما يعني بطلان الاتفاقية، وفي هذه الحالة فإن البرلمان لا يناقش الاتفاقية، وهو ما اتضح من خلال الإجراء الذي أعلنه الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، من عدم إحالة الاتفاقية التي تسلمها المجلس من الحكومة مؤخرا إلى اللجان المتخصصة داخل المجلس، انتظارًا لحكم القضاء.

والسيناريو الثاني، يتعلق بحالة صدور حكم المحكمة الإدارية العليا مؤيدًا لاتفاقية الحكومة المصرية مع السعودية، والتي أقرت بملكية السعودية للجزيرتين، ومن ثم تصبح الاتفاقية التي وقعت عليها الحكومة المصرية صحيحة، وعليه، يحق للبرلمان مناقشتها داخل لجانه النوعية المتخصصة، ثم في الجلسة العامة، لإقرارها.

أما السيناريو الثالث، فيتعلق بما سينتهي إليه البرلمان في مناقشته للاتفاقية، وفي حالة ما إذا صوت برفض الاتفاقية فإنها ستصبح لاغية.. أما إذا حظيت بالموافقة من أغلبية النواب، ففي هذه الحالة يتعين التصويت عليها باستفتاء شعبي وفقًا للمادة 151 من الدستور.

من كل قلبي: مما لا شك فيه، أن النزاع المؤسساتي تبعًا لسيناريوهات الأزمة يحتدم في تطور هو الأول من نوعه في مصر منذ ثورة 30 يونيو 2013.. وعليه فإن كل ما هو مطلوب، أن نصبر وننتظر حتى تضح الرؤية وتثبت الحقائق، ونتوقف عن المناحرة والجدل، ولنقبل بها ما دامت هي الفيصل!
#تحيا_مصر #تحيا_مصر #تحيا_مصر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط