الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نبض مصري جديد .. الثقة والشعب


يظهر التأمل فى واقع الحياة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية غيابا واضحا لكيان يمكن ان يملأ الفراغ القائم فى كافة المناحى ( سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا ) كيان يستطيع توحيد وتحفيز المصريين على الاجتماع من خلاله فى إطار وطنى واضح وفعال، حيث لم تستطع الاحزاب السياسية ( القائمة او الناشئة حديثا ) وكذلك النخبة والشخصيات العامة .. ان تملأ هذا الفراغ السياسى لعدة اسباب أهمها.

• إن هذه الاحزاب تتبنى ايديولوجيات وافكار ( مستوردة ) ليس لها جذور فى التاريخ المصرى ولا تمت بصلة لوجدان وعادات وتقاليد الشعب المصرى ... فالشعب المصرى لم يكن يوما ما علمانيا ولا ليبراليا بنفس التوجه الذى يحاول الغرب تصديره لنا عبر شخصيات تم تصديرها لنا على انها ( النخبة السياسية ) او عبر مؤسسات تم تصنيفها على انها المراكز البحثية المعتمدة من الغرب.
 
كذلك لم يكن الشعب المصرى يوما ما شيوعيا ولا اصوليا او راديكاليا على منهج او طريقة مبدعى هذا الفكر
فالشعب المصرى ... فى كتلته الكاسحة شعب " وسطى معتدل " له خصوصيته وهويته المتفردة بعادات وتقاليد أصيلة لها جذورها الحضارية منذ فجر التاريخ .

• بطبيعة الحال لم تستطع الاحزاب الحالية ان تنشئ لها ارضية فى الشارع المصرى ( لأنها لا تعبر عنه ) فراحت تبتعد تدريجيا عنه وتتلمس مصالحها الشخصية وتحصل على مكاسب مؤقتة ومحدودة (كمقاعد فى البرلمان او منصب حكومى ) متناسية المواطن المصرى ومشاكله وهمومه فكان طبيعيا ان يعطيها الشارع المصرى ظهره.

• غاب عن هذه الاحزاب تماما وجود رؤية متكاملة ومنهج علمى وعملى ( قابل للتنفيذ ) يمكن ان يطرح على الشعب المصرى وظل الجميع فى اطار عناوين وشعارات ترفع دون آليات او برامج تنفيذ ( حقيقة وواقعية ).

هذا من ناحية الفراغ السياسى أما من ناحية الفراغ الاجتماعى والاقتصادى والثقافى فللاسف لم تستطع المؤسسات والجمعيات الاهلية وغيرها فى ملء هذا الفراغ على الرغم من (الجهود الحثيثة لبعضها ) لعدة اسباب اهمها ان بعض هذه المؤسسات كانت ومازالت تستخدم العمل الخيرى كنقطة ارتكاز بغرض تحقيق اهداف سياسية مستقبلية (كالترشح فى الانتخابات البرلمانية وغيرها ) او بغرض التربح المادى او للوجاهة الاجتماعية .

مع التأكيد أن هناك مؤسسات وجمعيات كان كل هدفها هو خدمة المواطن المصرى البسيط ... وعندما شعر المصريون بصدق نواياها قاموا بدعمها والتبرع لها ( مثل مستشفى 57357 ) وغيرها .... فقط لانها حازت على ثقة الشارع المصرى وهنا مربط الفرس ..... الثقة.

عندما يثق الشعب المصرى فى ( شخص ما او كيان ما ) فإنه يدعمه بكل قوة بل ويقف وراءه حتى يحقق نجاحا تلو نجاح.

والامثلة على ذلك كثيرة ومتعددة ولعل اكثرها وضوحا هى علاقة الجيش المصرى بالشعب وهى علاقة تاريخية اهم ركائزها هى ثقة الشعب فى الجيش المصرى وانه جيش وطنى يحافظ على سلامة الوطن ووحدة اراضيه.

كذلك ضرب الشعب المصرى مثالا واضحا لفكرة الثقة فى ثورة 1919 وكيف انه بعد ان وثق فى الزعيم سعد زغلول ورفاقه قام بجمع التوكيلات ( للوفد ) ليصبحوا وكلاء عن الشعب المصرى فى كفاحه ضد الانجليز.

وليست ثورة 30 يونيه ببعيدة عن هذه الفكرة وكيف ان الشعب المصرى وثق فى انحياز الجيش وقياداته الى مطالب الشعب المصرى ضد جماعة غلبت مصالحها الشخصية على مصلحة الوطن ففقدت ثقة الشعب المصرى خلال عام واحد .

من كل هذا نخلص الى وجود فراغ ناتج عن عدم ثقة الشعب المصرى فى الاحزاب والشخصيات العامة والمؤسسات الاهلية.

وهنا ينبغى أن نطرح على انفسنا السؤال .... الاهم هل نحتاج الى كيان جديد ... يعبر عن هوية الشعب المصرى ووسطيته واعتداله هل نحتاج الى كيان جديد .. يثق فيه الشعب المصرى ويدعمه؟.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط