- الرئيس السيسي يطالب بإصدار قانون بمنع الطلاق إلا موثقًا أمام مأذون
- خالد الجندي:
- لست أول من طالب بعدم وقوع الطلاق الشفوي.. والفتوى تحفظ المرأة
- آمنة نصير:
- يمين الطلاق سيف مسلط على المرأة.. والرئيس يرغب في تقنين المسألة
- فقيه دستوري:
- المحكمة الدستورية العليا فتحت باب الاجتهاد في المسائل الفقهية
- آراء الفقهاء الأربعة وحدها ليست كافية لإحداث تطور تشريعي
- الأزهر:
- نناقش «الطلاق الشفوي» منذ 7 أشهر.. ورفعه للنواب بعد الانتهاء منه
انتشر «الطلاق» في الآونة الأخيرة بصورة كبيرة وذكرت إحصاءات ارتفاع نسبة حالات الطلاق من 7% لتصل إلى 40% فى الخمسين عامًا الأخيرة فقط، وتجاوز إجمالي عدد المطلقات في مصر 2.5 مليون مطلقة، وتزداد النسبة يومًا تلو الآخر، حيث تقع حالة طلاق كل 6 دقائق، وتصدر محاكم الأحوال الشخصية 240 حكمًا بالطلاق يومًا.
ونظرًا لأن «الطلاق يهدد الأمن الاجتماعي» الأمر الذي دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، بمطالبة المختصين ببحث هذه الظاهرة، وإصدار قانون بمنع الطلاق الشفوي إلا موثقًا أمام مأذون.
40 % زيادة في حالات الطلاق:
وقال «السيسي»، في كلمته خلال الاحتفال بعيد الشرطة الخامس والستين، في قاعة المؤتمرات الكبري بأكاديمية الشرطة، صباح اليوم الثلاثاء: «إنه سأل رئيس جهاز التعبئة والإحصاء عن نسب الطلاق، فرد قائلًا: 900 ألف يتم زواجهم كل عام، ويتم طلاق 40% منهم خلال 5 سنوات».
الطلاق أمام مأذون:
ولفت إلى أن نسب الطلاق العالية تعني انفصال زوجين وتؤثر بالسلب على الأطفال والأجيال الجديدة، مضيفًا أننا كدولة معنية لابد أن نصدر قرارًا بألا يتم الطلاق إلا أمام المأذون للحد من تلك النسب العالية، مطالبًا الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بإصدار قانون بمنع الطلاق، إلا عند الوقوف أمام المأذون لإعطاء الفرصة للزوجين لمراجعة الأمر مرة أخرى.
الطلاق الشفوي في زمن الصحابة:
وأجمع فقهاء الأمة على أن الطلاق الشفوي يقع ولا يشترط إحضار شهود أو توثيقه، إلا أنه ظهرت آراء فقهية طالب أصحابها بضرورة توثيق الطلاق وإحضار الشهود، ولم يخلُ عصر الصحابة من ذلك فقد طالب الصحابي عمران بن حصين بذلك كما روي عن عبد الرزاق عن ابن سيرين أن رجلًا سأل عمران بن حصين، عن رجل طلق ولم يشهد، وراجع ولم يشهد، قال: بئس ما صنع، طلق لبدعة، وراجع لغير سنة، فليشهد على طلاقه وعلى مراجعته، وليستغفر الله، فإنكار ذلك من عمران، رضي الله عنه، والتهويل فيه وأمره بالاستغفار لعده إياه معصية، ما هو إلا لوجوب الاشهاد عنده، رضي الله عنه كما هو ظاهر.
وعند التابعين:
ذكر كتاب "الوسائل" أن الإمام جعفر الصادق، عليه رضوان الله، قال: الطلاق الذي أمر الله عز وجل به في كتابه، والذي سن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يخلي الرجل عن المرأة، إذا حاضت وطهرت من محيضها، أشهد رجلين عدلين على تطليقه، وهي طاهر من غير جماع، وهو أحق برجعتها ما لم تنقض ثلاثة قروء، وكل طلاق ما خلا هذا فباطل، ليس بطلاق.
وبين جعفر الصادق: من طلق بغير شهود فليس بشيء وأخرج السيوطي في "الدر المنثور" عن عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء، قال: النكاح بالشهود، والطلاق بالشهود، والمراجعة بالشهود.
من طلبوا بعدم وقوعه في العصر الحديث:
رأى الشيخ السيد سابق في كتابه في فقة السنة (2/258): «من ذهب إلى وجوب الإشهاد على الطلاق وعدم وقوعه بدون بينة: وممن ذهب إلى وجوب الإشهاد واشتراطه لصحته من الصحابة: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وعمران بن حصين، رضي الله عنهما، ومن التابعين: الإمام محمد الباقر، والإمام جعفر الصادق، وبنوهما أئمة آل البيت رضوان الله عليهم، وكذلك عطاء، وابن جريج، وابن سيرين رحمهم الله "ففي جواهر الكلام" عن علي رضي الله عنه، أنه قال لمن سأله عن طلاق: "أشهدت رجلين عدلين كما أمر الله عزوجل؟ قال: لا، قال اذهب فليس طلاقك بطلاق".
وأيضًا طالب بعدم وقع الطلاق الشفوي إلا عند مأذون الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وألف في ذلك كتابا بعنوان ««كتاب فقه المصريين في إبطال الطلاق الشفوي للمتزوجين بالوثائق الرسمية»، كما نادى بذلك أيضًا الشيخ خالد الجندي الداعية الإسلامي، الذي أيد «الهلالي» في فتواه هذه التي نشرها منذ نحو «عامين ونصف العام تقريبًا»، وطالب الأزهر بإصدار فتوى بمنع الطلاق إلا عند مأذون، ولكن دون جدوى.
الجندي لم ييأس من مطالبته:
ولم ييأس «الجندي» بعدم إصدار الأزهر فتوى عن الطلاق الشفوي، حتى نادى أمس خلال تقديمه برنامج «لعلهم يفقهون» بأن الطلاق الشفوي لا يقع إلا عند مأذون وبعقد، موضحًا في فتوى له لإحدى المتصلات، أنه "بشكل واضح وقطعي طالما يوجد عقد زواج، فلا يُلغي ولا ينتهي إلا بعقد طلاق، واللفظ لا يُنهي الزواج، فلا قيمة للتلفظ بالطلاق، لأنه كلام المجتمع.
وأوضح «الجندي»: أنه "لابد من وجود عقد طلاق عليه ختم النسر كما عقد الزواج، حيث لابد من الختم الأزرق المكتوب عليه وزارة العدل الذي ربط به عقد الزواج، حتي يقع الطلاق"، قائلًا: «لو راجل قال لمراته انتي طالق 20 ألف مرة لا قيمة ولا وزن له".
وأفاد: "باختصار أن التي طلقها الرجل بلفظ أنت طالق، ثم سافر ولم يُخرج قسيمة العدة إلا بعد عودته، يتم حساب مدة العدة منذ استخراج قسيمة الطلاق"، مستشهدًا بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» الآية الأولى من سورة المائدة.
الرئيس يفاجئ الجميع:
وفاجأ الرئيس عبد الفتاح السيسي، الجميع، بعد مطالبته الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بإصدار فتوى بعدم وقع الطلاق إلا عند مأذون، وأشاد الشيخ خالد الجندي، الداعية الإسلامي، باستجابة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لفتواه؛ بعدم وقوع الطلاق الشفوي إلا موثقًا عند مأذون، مؤكدًا أنها تكريم للمرأة المصرية.
الطلاق أمن اجتماعي:
وأثنى الداعية الإسلامي، على برنامجه، معربًا عن سروره باستجابة الرئيس السيسي لفتواه، منوهًا بأنه فوجئ من الرئيس اليوم في عيد الشرطة بحديثه عن الفتوى ومطالبته للأزهر الشريف ببحث المسألة وإصدار تشريع بمنع الطلاق إلا أمام مأذون.
وألمح إلى أن كثرة الطلاق أمن اجتماعي ويجب الانتباه إلى المسألة، لأن السكوت عنها مصيبة، مشيرًا إلى أنه ليس أول من طالب بفتوى عدم وقوع الطلاق الشفوي إلا عند مأذون ولكنه سبقه علماء كثيرون في ذلك، منهم عمران بن حصين، والشيخ سيد سابق، والشيخ جاد الحق والإمام الغزالي والشيخ أحمد محمد شاكر، والدكتور سعد الدين الهلالي الذي ألف كتابًا خاصًا بذلك.
مشروع قانون عن الطلاق الشفوي:
وكشفت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب، عن أنها ستتقدم بمشروع قانون في مجلس النواب بعدم وقوع الطلاق الشفوي إلا موثقًا عند مأذون، في حالة عدم تقديم اللجنة الدينية مشروع قانون بهذا الأمور، فسأكون أول من أطالب به.
الطلاق مصدر تهديد ورعب:
ونوهت أستاذ العقيدة، بأنها ناقشت الطلاق الشفوي في كتاب لها يحمل اسم: «المرأة المسلمة بين عدل التشريع وواقع التطبيق»، منبهة على أن يمين الطلاق يسلطها الرجال على رقاب النساء من باب التهديد، وتسبب فجوة كبيرة وحالة من الرعب والخوف لدى الزوجة من هذا القسم العظيم -يمين الطلاق.
واستنكرت عضو مجلس النواب، استخدام الرجل ليمين الطلاق كمصدر تهديد للزوجة، محذرة من أن هذه الأعمال لا تليق بما يسمى بالميثاق الغليظ، الوارد في قول الله تعالى: «وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا» (النساء: 21)، أي عهًدا وثيقًا مؤكدًا مزيد تأكيد، يعسر معه نقضه، كالثوب الغليظ يعسر شقه.
اليمين سيف مسلط على الرقاب:
وطالبت أستاذ العقيدة والفلسفة بأن يحترم الرجال هذا الميثاق الغليظ ولا يجعل يمين الطلاق مصدر رعب للزوجة أو وعيد وتهديد لها، لأن هذا ينعكس على الزوجة من الجانب النفسى فتبقى مزعزعة ومهددة بهذا السيف المسلط عليها وهو ما يسمى بالطلاق.
وألمحت إلى أن كثيرًا من الرجال يستخدمون الطلاق حتى في أتفه الأسباب: «لو فعلت كذا تبقي طلاق»، منوهة بأن طلب الرئيس السيسي هو تقنين للمسألة، حيث إن الزواج يكون بالإمساك بالمعروف أو تسريح بالإحسان، كما ورد في قوله تعالى: « فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ» سورة البقرة الآية 229، وقوله تعالى: : "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" سورة النساء الآية 19.
الطلاق الشفوي في الدستور:
ونبه المستشار نور الدين علي، الفقيه الدستوري، بأن المادة الثانية من الدستور تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، والمرجعية في ذلك لتفسير المحكمة الدستورية العليا».
واستطرد «نور الدين»: أنه بالرجوع إلى تفاسير المحكمة الدستورية العليا بما يخص هذا الأمر، فنجد أمرين مهمين، الأول: أنه يجوز الأخذ بأي رأي لأحد المُجتهدين طالما كان كلامه مُعتبرًا ولا يُخالف الشرع، و«الأمر الثاني أن المحكمة الدستورية العليا فتحت باب الاجتهاد، حيث إنها أكدت أن آراء الفقهاء الأربعة وحدها ليست كافية لإحداث تطور تشريعي في المسألة، وبالتالي فتحت الاجتهاد لأي أحد من العلماء دون تحديد هيئات معينة.
وذكر: «أنه عند سن التشريعات فيضع المُشرع أمام عينه مصلحة الطرف الضعيف وهو قد يكون المرأة في هذه المسألة، ذاكرًا قاعدة قانونية مهمة وهي: «توازي الأشكال» بمعنى أن الأمر الذي يسن ويشرع بطريقة ما يجب أن يُحل ويلغى بذات الطريقة، فعلى سبيل المثال حينما نقوم بوضع قانون ما فلا يلغي إلا بقانون مثله من السلطة التشريعية التي أصدرته».
آثار الطلاق وما يترتب عليه:
واستكمل: «أنه لو طبقنا نفس القاعدة في عقد النكاح فإنه يحل بالطلاق، فإن كان عقد الزواج مكتوبًا وموثقًا أمام مأذون فيجب أن يلغى عقد النكاح بهذه الطريقة التي وثق بها وهي أمام مأذون، ولكن بضوابط، ومنها: أولا: مراعاة الطرف الضعيف وهو المرأة، لأن الرجل هو من بيده وقوع الطلاق، ولكي يستفيد من آثار الطلاق فلابد أن يكون أمام مأذون، ويحق للمرأة أن تثبت الطلاق قبل أن يوثقه عند الماذون بكافة السبل حماية لها، وثانيًا: لا ينتج الطلاق أثره من الحصول على نفقة أو ميراث إلا بالتوثيق أمام المأذون».
الأزهر والطلاق الشفوي:
وصرح الدكتور محيي الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، بأن إلغاء الطلاق الشفوى، يتم مناقشته بالتنسيق بين هيئة كبار العلماء ولجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية منذ سبعة أشهر، وسيتم رفعه إلى مجلس النواب بعد الانتهاء منه لإصدار تشريع به على حسب ما انتهت إليه.
وأردف «عفيفي» أن هذه المسألة فى البداية تتطلب التوعية الكافية للأزواج؛ حتى يكونوا على دراية بالنتائج المترتبة على الطلاق ولفظه، كما أنه لابد من تقوية الوازع الدينى لديهم؛ ليحافظوا على حياتهم الزوجية واستقرار بيتهم.
الإشهاد أمر ضروري:
ورأى أن مسألة الإشهاد والإثبات على لفظ الطلاق أمر ضرورى من شأنه الحفاظ على الحياة الزوجية؛ نظرًا لظهور حالات طلاق عديدة بسبب سرعة التلفظ بالطلاق، حيث إن هذا التسرع من شأنه ضياع حقوق وتشريد أطفال قد يشكلون ضررًا على المجتمع فيما بعد.
وشدد على أن هذا الإثبات أو التوثيق عند القاضي يمنح الزوج الفرصة لمراجعة نفسه، والتريث فى إطلاق هذا اللفظ الذي يهدم الأسرة، منوهًا بأن الإمام الأكبر شيخ الأزهر يولى اهتمامًا كبيرًا بهذه القضية، والتى من شأنها الحفاظ على المرأة وحقوقها.