الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصة أقدم وثيقة لإعلان حقوق الإنسان.. أعلنها شعب مصر عام 1795

عمر مكرم
عمر مكرم

أورد الزعيم الراحل "محمد أنور السادات" في كتاب له بعنوان "يا ولدي هذا عمك جمال"، موقفا من بين المواقف التاريخية التي لا حصر لها والتي تثبت قوة الشعب المصري وصلابته وكفاحه من أجل القيم البشرية ضد الطغاة والمحتلين.

وأشار "السادات" إلى أنه في عام 1795، وفي الوقت الذي كانت فيه العديد من الدول العظمى في وقتنا الحالي، لا تزال شعوبها تجهل القيم الحضارية والحقوق الأساسية للإنسان، تمكن الشعب المصري من إصدار وثيقة أجمع المؤرخون المصريون والأجانب على أنها بحق وثيقة لإعلان حقوق الإنسان.

وأوضح قائلا إنه " في سنة 1795 قرر الشعب المصري ما يأتي: ألا تفرض ضريبة إلا إذا أقرها مندوبون عن الشعب، وأن ينزل الحكام على مقتضى أحكام المحاكم، وألا تمتد يد ذي سلطان إلى أي فرد من أفراد الأمة إلا بالحق والشرع".

واضطر الوالي العثماني وحكام مصر آنذاك إلى التوقيع على تلك الوثيقة والاعتراف بخطأهم في حق الشعب.

وسرد "السادات" تفاصيل تلك القصة كما رواها الشيخ "عبد الرحمن الجبرتي"، المؤرخ المصري الشهير، والذي قال: "في أوائل عام 1795، جاء رجال من بلبيس إلى المشايخ في الأزهر يشكون الظلم وتقابلوا مع الشيخ الشرقاوي يعلنون سخطهم من الاستبداد الجاهل".

وتابع: "غضب الشيخ لكرامة الشعب فتوجه إلى الأزهر، وجمع المشايخ، وقفلوا أبواب الجامع وأمروا الناس بترك الأسواق والجوامع والمتاجر.. وركب الشيخ في اليوم التالي وخلفه خلق كثير، إلى منزل الشيخ السادات، وكان منزله قريبا من منزل إبراهيم بك شيخ البلد، الذي لم يلبث حين رأى هذا التجمع أن أرسل مندوبا عنه.. هو أيوب بك الدفتردار، إلى العلماء، وهم قادة هذا الجمع الشعبي".

وبعد ذلك وقف المندوب أمام العلماء يسألهم عن مطالبهم، فردوا بأنهم يطالبوا بالعدل ورفع المظالم، ودارت ملحمة كلامية بين العلماء وبين المندوب.

واستطرد "السادات" موضحا أن "ابراهيم ومراد"، حكام مصر آنذاك خشوا من مغبة الثورة، فأرسلوا يسترضون العلماء ويستجيبون لمطالبهم، وفي اليوم التالي اجتمع الأمراء مع ممثلي الشعب، وكان من بينهم الشيخ "السادات" والسيد "عمر مكرم" والشيخ "الشرقاوي" والشيخ "البكري" والشيخ "الأمير".

واحتد النقاش بين ممثلي الشعب وبين الأمراء، وفي نهاية المطاف أعلن الأمراء أنهم "تابوا ورجعوا" وأنهم سيرفعون المظالم عن الشعب، وسيلتزمون العدل في معاملة الرعية.

ولفت "السادات" إلى أن قاضي القضاة كان حاضرا في ذلك الاجتماع، وإلى أن "وثيقة رسمية سجلت على الأمراء أمضاها الوالي العثماني وأمضاها ابراهيم ومراد"، مضيفا أنه تم دمغ ذلك الصك الذي سجل حقوق الشعب المشروعة، بالدمغة الرسمية والشرعية، و"هو وثيقة لحقوق الإنسان كأقدم ما تكون الوثائق" أعلنها شعب مصر منذ مئات السنين.

وأكد الزعيم الراحل أن تلك الواقعة تعكس روح شعب مصر الصبور المكافح، ومدى فهمه للقيم والمعاني الإنسانية منذ القدم، وتدل على ما يتمتع به من "وعي ديمقراطي أصيل منذ القدم".