قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

لسنا آمنين يا سيادة الرئيس!!


وقف الشاب الأسواني بشجاعة أمام الرئيس ليخبره بما يراه من سلبيات، وفي قناعته أنه يحمل كفنه بيديه ليقول ما يراه صوابا فقال:"هقولها وان شاالله اتفصل من شغلى...وإعملوا فيا إللى انتوا عايزينه"..وكان رد الرئيس قاطعا بحماس وحسم معبرا عن إيمانه بحرية التعبير قائلا:"أنت آمن..ما تقولش أبدا أنا معرفش هكمل ولا لأ فى وظيفتك.. لا يا ابنى أنت آمن..ده كلام مش معقول..قل ما شئت وأنت آمن..مش إنت بس..أنت وكل الناس..طالما أنت بتتكلم ومش عايز تؤذينا بالسلاح"..

إستنكر الرئيس خوف الشاب من التنكيل به فى عمله لأنه تجرأ وقال ما يراه حقا، فوجه رسالته واضحة للجميع...ولكن ألم يتساءل الرئيس ما الذى دفع الشاب للإعتقاد بأنه سوف يفصل من عمله لمجرد التعبير عن رأيه؟!..وكم شاب كاد أن يتكلم ثم صمت خشية على مصيره؟!

وما الذى جعل المواطنين لديهم الشعور بأنهم سيتعرضون للتنكيل الذى قد يصل إلى فقدان وظائفهم إذا مارسوا حقهم فى التعبير إلا بما يرونه من نماذج يتم البطش بها من بعض المسئولين كي يخرسوا الألسنة التي تحارب ما يرونه من شبهات فساد؟!

ورغم أننى من بين هذه النماذج ولست آمنة بسبب قول الحق إلا أننى سأقولها وأتمنى أن تصل للرئيس..لسنا آمنين يا سيادة الرئيس طالما من وليتموهم المسئولية لا يسيرون على نفس الدرب الذى اخترتموه.. فرئيس الجمهورية ذو الخلفية العسكرية يقبل النقد ويتسامح مع المعارضة بل ويستضيف منتقديه وأشد معارضيه ويحاورهم، بينما يتعقب المسئولون من يختلف معهم أو ينتقدهم!!

لسنا آمنين طالما مسئولونا يزرعون ثقافة القمع والإستبداد!!..طالما من يفترض أنهم الأمناء على الفكر والثقافة والإبداع يتعقبون من يعارضهم ليقمعوا الرأى ويقصفوا الأقلام!!.. طالما وزارة الثقافة ومسئولوها لا يحترمون الفكر والنقد وثقافة الإختلاف!!.. طالما وزارة الثقافة وعلى رأسها منارة الفن والفكر والإبداع "دار الأوبرا المصرية" لا يؤمنون بحقوق الإنسان وأولها حرية الرأي والتعبير، طالما لا يعرف مسئولوها أن الرأى بالرأى والحجة بالحجة!!

سيادة الرئيس أنتم تحاربون الإرهاب الذى حصدناه من التطرف، ولكن كيف نحارب التطرف إذا كان من يفترض أنهم حماة قيم الثقافة والحرية لا يؤمنون بالحرية وثقافة الإختلاف وحق النقد؟!

لقد إعتبرت الكاتبة فاطمة ناعوت أن البلاغ الذى قدم ضدها بسبب رأى قالته لم يكن سوى تطرف.. ورأت أننا لا يمكن أن نحارب هذا التطرف سوى من خلال الفن ودار الأوبرا،والتى وصفتها فى مداخلتها التليفونية مع الفنان المثقف تامر عبد المنعم فى برنامجه"90 دقيقة" قائلة:"أسميها دولة الأوبرا..لأنها تشمل كل مقومات الدولة ففيها رئيس وحكومة..وجيش وهو (العازفين)..وشعب وهو (الجمهور)..وأن من يدخل الأوبرا لا يصبح لديه حقد ولا يمكن أن يرفع قضايا ضد أحد".

لقد قارنت بين ظلامية السلفيين الذين أقاموا ضدها الدعوى القضائية وبين نورانية "دولة الأوبرا" كما أسمتها!!..ولكنها لم تعلم أن قلعة الفكر والإبداع والحرية والتى تظنها المدينة الفاضلة، ليست إلا دولة قمع لا تعترف بالحق في التعبير إلا إذا كان "تطبيلا" أو تعبيرا عن الإنجازات المزعومة.

دولة لا تعرف سوى قصف الأقلام وقطع الألسن حتى لا تسمع سوى الإطراء وكلمات المديح.. دولة تلاحق فنانيها فى النيابات بسبب مقالات الرأى!!..ويشهد أول مقال كتبته عام2007 بعنوان:"قطيع وراء التوقيع" في جريدة "صوت الأمة" على ذلك، حيث إنتقدت فيه سياسة إنتهجها بعض المسئولين فى وزارة الثقافة آنذاك من أجل مصالحهم الشخصية أو للتخلص من خصومهم، وهى جمع التوقيعات من مرءوسيهم والذين كانوا يضطرون للإمتثال لأوامرهم، وذكرت عدة وقائع منها جمع توقيعات لتأييد المايسترو أحمد الصعيدى،ثم جمع توقيعات ضده من نفس الأشخاص.

فما كان من مديرة أوركسترا القاهرة السيمفونى"رئيسة الأوبرا الحالية" سوى تعليق المقال على لوحة الإعلانات،وتلوين كلمة "قطيع" باللون الفسفورى للتحريض، ثم تحويلى إلى النيابة وإيقافى عن العمل فى الأوركسترا السيمفونى!!..ولولا ما كتبه الأستاذ وائل الإبراشى بعنوان "فضيحة لن يقبلها وزير الثقافة" لما أعادنى الوزير فاروق حسنى إلى عملى إستجابة للمقال.

ولأن قضاء بلدنا يحترم حق الإنسان فى التعبير عن رأيه طالما لم يحمل سبا أو قذفا فقد إنتهى بلاغ الأوبرا بالحفظ..ورغم أننى كتبت عشرات المقالات بعدها وإنتقدت رئيس الجمهورية ووزارات حكومته بما فيها وزارة الداخلية- منذ2007 وحتى2011- (أى فى الوقت الذى كانوا يدعون أننا دولة قمع) إلا أنهم جميعا لم يقدموا بلاغا ضدى!!..ولكننى أصبحت أكثر حرصا منذ مقالى الأول فيما يخص وزارة الثقافة والأوبرا لأنهما لا يقبلون النقد.

ورغم ذلك لم أسلم من التنكيل والملاحقة والإضطهاد،وتعودت أن كل ما أكتبه عن الأوبرا يحال إلى النيابة ..بل المقال الواحد لعدة نيابات..ورغم أننى كنت أول من ترشحه وزارة الثقافة للحصول على زمالة كلية الدفاع الوطنى بأكاديمية ناصر العسكرية العليا،إلا أن الأوبرا فسخت تعاقدى بإدعاء إنقطاعى عن العمل-أثناء الدراسة- رغم أن وزارة الثقافة ذاتها هي التى منحتنى التفرغ.

ولكن لا بأس فمن يريد قول الحق عليه أن يتحمل الثمن..ولن يثنينى التنكيل وبلاغات النيابة عن مقاومة قمع دولة الأوبرا!!.. وعلى يقين أن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.. ولكننا يا سيادة الرئيس لسنا آمنين طالما أصبح لدينا دول داخل الدولة.. وطالما أصبح إحترام حق الإنسان في التعبير سياسة الرئيس فقط دون باقى المؤسسات..وطالما من ينتقد رئيس الجمهورية آمنا،ومن ينتقد رئيسة دولة الأوبرا يلاحق بالنيابات.