قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الضمير.. كلمة ولكن أثارها تبنى أو تهدم وطنا


كثيرا نسمع كلمة الضمير تتردد فى الآونة الاخيرة، محملين تلك الكلمة الكثير من الأخطاء والأفعال فى السياسات والثقافات والاخلاقيات المجتمعية، وإذا ما تعرضنا لكلمة الضمير فى مفهومها هى فعل الشيء بالطريقة الصحيحة التى تتوافق مع مقتضيات العمل والثقافة والعادات والتقاليد المجتمعية وكل ما يندرج تحت فعل الضمير، ومن الممكن أن نقول إن الضمير هو الاتقان فى العمل وفى العلم وفى المسئولية.

كم من دول عانت من ويلات الحروب وتدمير كل أوجه الحياة بها، ولكن جعلت من ضميرها الهدف والطموح الأسمى فى بناء أوطانها فى إبراز الضمير فى نفس كل مواطن وفى بذل كل الجهد والوقت فى سبيل إعادة وطنهم ليجعلوه أفضل مما كان عليه، كما حدث فى اليابان والمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتعتبر هاتان الدولتان أشد الدول تدميرا فى تلك الحروب، ولكن ماذا فعلت تلك الدول هل نظرت حولها فوجدت أن بلادهم قد صارت أطلالا وأصابهم الإحباط واليأس مع العلم أن فى ذلك الوقت كانت هاتان الدولتان من المغضوب عليهم من جانب المجتمع الدولى برمته باعتبارهما دولتين مارقة تريد استعمار الدول الأوروبية.

ولكن هذا لم يمنعهم من إعلاء ضمائرهم واعتمادهم على مواردهم الذاتية فى إعادة بناء أوطانهم، وانغلقوا على انفسهم سنوات يعملون ويعمرون ويبنون المصانع والطرقات، ويزرعون الارض وها هم اليوم من أقوى اقتصاديات العالم، وتفوقوا على انفسهم وصاروا مثلا يحتذى به فى الضمير والعمل والاتقان، حتى أننا نفتخر بامتلاكنا اى منتج يكون قد تم تصنيعه فى هاتين الدولتين لشدة جودته وكفاءة تصنيعه.

وعلى الجانب الآخر اذا ما تم الاستغناء عن الضمير وتفشى الفساد فى البلاد تجد أن الوطن يضيع ويهمش، فتصبح ضعيفا، وبالتالى لا تملك قرارك، وفى النهاية تصبح لقمة سائغة فى أيدى المتربصين والغادرين وذات الميول الاستعمارية، ولكن ليس بالطرق التقليدية عن طريق التدخل العسكرى والاحتلال، وانما استعمارك فكريا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا حتى تصبح عاجزا ولا تستطيع إلا أن تنفذ وتسير فى الاتجاه الذى يرسمه لك صاحب الاقتصاد الأقوى الذى يجعلك تابعا له، لأنه يمدك بما تحتاجه من مستلزمات الحياة.

وللأسف صار هذا الوضع حال أغلب الدول العربية وكلنا يعلم ما صارت اليه من ضعف ووهن وتفكك وانشغالهم بمحاربة بعضهم البعض، كما الحال فى سوريا وليبيا والعراق، والبقية الباقية تنشغل فى محاولة تأمين نفسها من خطر الإرهاب الممتد من جراء الابتعاد عن الضمير الذى هو الاتقان، فظهر الفساد والرشوة الذى عمل بشكل كبير على ظهور كل أسباب المعاناة التى نعانى منها اليوم من تراجع فى الاقتصاد وتطبيق سياسات اقتصادية فاشلة تؤدى الى مزيد من التراجع والوهن.

إن الضمير هو منظومة عمل متكاملة الكل يعمل بها من المواطن الى المسئول الى الحكومة وأجهزتها، فإذا صحت تلك المنظومة صح جسد الوطن كله، وإذا مرضت تلك المنظومة مرض جسد الوطن كله.