الأهم من قَسم رئيس المخابرات

انتبهت، بناء على كلام الأستاذ إبراهيم عيسى، لمضمون قَسم رئيس المخابرات الجديد. اختلف القَسم الذى تلاه اللواء رضا شحاتة عن القسم الذى تلاه أى مسؤول آخر. بما فى ذلك قَسم رئيس الجمهورية أمام المحكمة الدستورية. توقف الأستاذ عيسى عند عبارة «الولاء للرئيس». لفتت نظر نشرات الأخبار كذلك. لفت النظر أن هناك مصحفاً حلف عليه رئيس المخابرات. قال الأستاذ عيسى إنه قسم لا يليق بعصر ما بعد ٢٥ يناير ولو كان موجوداً من قبل!
يقسم المسؤولون فى الولايات المتحدة على الكتاب المقدس. سواء كان هناك كتاب مقدس أو لم يكن، فإن القسم فى حد ذاته هو يمين له هيبته وقيمته الدينية. حين اعتقد البعض أن الرئيس مرسى خالف القسم الدستورى الذى قال فيه إنه سيحترم أحكام الدستور سخر البعض وقال: فليصم ثلاثة أيام مقابل الحنث باليمين. حدث هذا بعد أن أعاد الرئيس مجلس الشعب مخالفاً بذلك ما أصدرته المحكمة الدستورية من أحكام!
القسم فى حد ذاته عملية شكلية. يتوقف الالتزام بها على ضمير من أقسم. ذاته هى التى تراقبه. يمكن يومياً أن نستنتج أن مسؤولاً - أياً من كان - قد خالف القسم الرسمى. مصلحة الوطن التى أقسم الرئيس مرسى على الحفاظ عليها أُهدرت فى مذبحة سيناء. هل هذا يعتبر ضرراً من قبل الرئيس ضد مصالح الوطن؟ هل إذا أحضرنا لرئيس الوزراء ألف شخص بلا مأوى يكون بذلك قد خالف القسم الذى نص فيه على مراعاة مصالح الشعب؟ هل إذا لم يوفر محافظ ما كوب ماء نقى لكل مواطنى المحافظة يكون قد حنث باليمين الذى بمقتضاه عليه مراعاة مصالح الناس؟
لقد توقف المعلقون عند قول رئيس المخابرات إن ولاءه لرئيس الجمهورية. واقعياً هو أقسم على كل المصالح الأخرى. بالتأكيد رئيس المخابرات سيكون ولاؤه للرئيس المنتخب. اللافت لدى المعلقين هو تساؤل يقول: هل هذا النص كان موجوداً من قبل، أم أنه أضيف حديثاً؟ لو كان موجوداً من قبل.. لا غضاضة. لو أضيف فإنه يعنى أن رئيس الجمهورية لا يثق فيمن حوله. ويطالبهم بالولاء.. كلاً فى يمينه! هل عدم قول وزير الدفاع نفس العبارة فى قسم اليمين يعنى أنه غير ملتزم بالولاء للرئيس الذى أقسم أمامه اليمين؟
الولاء يبدأ من عند صدور قرار تعيين أى شخص. اختاره من قرر تعيينه. أقسم أمامه اليمين يعنى أنه ملتزم بما يحلف عليه أمامه. هذا نوع من الولاء. يجب أن نناقش كذلك نقطة مهمة: هل الرئيس المقصود هو الشخص أم المنصب؟ هل الولاء لرئيس الجمهورية أم أنه للدكتور محمد مرسى شخصياً؟ فهمى الخاص هو أن الولاء للمنصب وليس للفرد. تصدر الجماعات المتطرفة دينياً فى أحيان كثيرة فتاوى تسحب بها صفة ولى الأمر أو الرئيس من الرئيس بناء على أنها وجدت أنه خالف قواعد تؤمن بها.
الأهم من قسم رئيس المخابرات أن نسائل السيد الرئيس مرسى عن تعهداته للناخبين. لقد وعدهم بالكثير. على أساس هذا انتخبوه. قال لهم إنه سوف يحقق الكثير فى مائة يوم. تعهد لهم بما عُرف باسم مشروع النهضة. تعهد بأنه سوف يجلب مائتى مليار دولار استثمارات لمصر. قال إنه سيكون رئيساً لكل المصريين. لم يحقق الكثير فى مائة يوم كادت تنقضى. تبين أن مشروع النهضة فكرة لا وجود لها. لا توجد دلائل على أن هناك مائتى مليار دولار فى الطريق. أو مائتى مليار جنيه. يرى بعض المصريين أن الرئيس مرسى ليس رئيساً لكل المصريين. هذه التعهدات أهم بالنسبة إلىّ من غيرها من قسم تلاه مسؤول هنا أو هناك قبل أن يبدأ عمله الرسمى.
[email protected]
نقلا عن المصري اليوم