EN
على واقع التعددية اﻻثنية الهائلة التي تميز القارة الأفريقية كان اﻻقتراب من جماعة الدينكا فى شرق القارة تلك الجماعة التى تعكس تراثًا ونموذجًا واقعيًا إحدى اﻻثنيات التيلعبت دورًا مهمًا في السودان وخاصة فى الجنوب.
وعانت القارة ومازالت من الفشل الممتد فى إدارة التنوع على كافة المستويات.. على الرغم من القوة التى ستكون عليها دول القارة لو تم استغلال تلك التعددية فى تحقيق التكامل واﻻندماج الذى لم يتحقق حتى الآن لأسباب كلها ترجع إلى التهميش وانتشار قيم التحيز وغياب العدالة لذا كان من الطبيعى العودة إلى الوﻻء القبلى وانتشار الصراعات التى أقعدت الدول الأفريقية ومازالت.
وتعتبر السودان صورة مصغرة من القارة الأفريقية من حيث المساحة الشاسعة والطبيعة التى تسيطر عليها أقاليم مناخية ونباتية تعكس التنوع فى كل شيء.. كما أنها من أكبر البلاد الأفريقية التى بها جماعات اثنية متعددة.
وقد كانت تلك الجماعات سببًا من أسباب عدم اﻻستقرار السياسي وانتشار الصراعات الاثنية التى أدت ﻻنفصال الجنوب بسبب ممارسات الأنظمة المتعاقبة، وآخرها نظام اﻻنقاذ الذى كان راعيا وراغبا في إتماماﻻنفصال على الرغم من كارثيةالتداعيات التى نراها الآن فى الداخل والمحيط الإقليمي والدولي.. وهذا حديث يطول.
ونحاول اﻻقتراب قليلًا من الدينكا أحد أهم وأكبر الجماعات اﻻثنية فى شرق القارة عمومًا وفى الجنوب السودانى على وجه الخصوص حيث تنتمى جماعه الدينكا إلى القبائل النيلية فى مناطق بحر الغزال وجونجلى وكردفان واعالى النيل وحرفتهم اﻻساسية هى الرعى والزراعة وفى مناطق نفوذهم يتداخلون مع اثنيات وجماعات اخرى مثل قبائل النوير والمسيرية.
وينسبون أنفسهم إلى النبى يعقوب عليه السلام وكذلك يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار على واقع ذكرهم في كتاب العهد القديم.
ولديهم قيم وعادات كلها تسير نحو الفخر والعزة بأنفسهم وتراثهم وذلك يمثل مصدر قوتهم أحيانًا ومعظمهم على ديانات تقليدية طبيعة على الرغم من انتشار الإسلام والمسيحية بنسب متفاوتة.. إﻻ أن قيم احترام الأجداد مازالت على حالتها عندهم.. لدرجة التقديس أحيانًا.. ويؤمنون بقوة الأرواح التى تعرف اﻻسرار عنهم.. ومصدر قوتهم حتى الآن يتمثل فى تمسكهم بالتقاليد والعادات التى تجمعهم حتى فى المواقف السياسية.
وقد كان للدينكا دورًا رئيسيًا وممتدًا منذ نشأة جيش تحرير الجنوب ومن قبله حركة انيانيا التى خاضت صراعا شرسًا مع النظام السودانى منذ اﻻستقلال حتى بعد اﻻنفصال.
والدينكا الآن لها دور في الصراع الذى يمكن وصفه بالعبثى في الجنوب السودانى لأنه صراع اثنى سابق نشأة الدولة وممتد ﻻن الحلول لم ترق حتى الآن لتحقيق التسوية العادلة التى يبحث عنها الناس هناك والنخب ﻻهم لها سوى مصالحها.
كانت تلك لمحة بسيطة عن الدينكا تلك اللمحة التى تعكس تمايزا وإعلاءً للقيم والهوية القبلية عن أى وﻻءات أخرى وستظل تلك الجماعة على حالها والجماعات الأخرى طالما غابت السياسات التى من شأنها تحقيق التكامل واﻻندماج الوطنى وﻻ سبيل الى ذلك إﻻ بالعدالة وإعلاء قيم التعاون والبعد عن الصيغ والحلول التقليدية التى لم تؤد إﻻ إلى المزيد من الصراعات والتفكك.
