براءة «عفريت العياط» من دم سكة حزين مصر

أطالب المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، بالاعتذار في مؤتمر صحفي لـ"عفريت العياط" المتهم من عشرات السنين بالتسبب في مصرع المئات من الركاب المصريين الغلابة وإصابة مئات آخرين في حوادث قطارات تعدد ووقعت بكثرة في مدينة العياط بمحافظة الجيزة على طريق الصعيد أو على مشارفها أو بالقرب من قراها وأيضا تبرئته من تهمة الإطاحة بعدد لا بأس به من وزراء النقل.
وكنا جميعا على يقين بأن تكرار حوادث القطارات بمدينة العياط أو بالقرب منها كان المتسبب فيه "عفريت" بيكره القطارات والسكة الحديد وكان يتعمد إخراجها من على القضبان أو إحراقها.
وعلى ذكر العياط، يمكننا العودة بالذاكرة لسنوات بعيدة نجدها لعبت دور البطولة هي ونفس قضبان السكة الحديد في حوادث بشعة متعاقبة حتى أثارت تساؤلات في أذهان الجميع؛ لماذا العياط ولماذا هذه القضبان.
وأقيل عدد لا بأس به من وزراء النقل بسبب قضبان السكة الحزينة بالعياط بالتحديد، وأقرب هذه الحوادث بالذاكرة كانت في 24 أكتوبر 2009 وكان السبب فيه جاموسة بتعبر السكة الحديد، فتوقف قطار الجيزة الفيوم بعد اصطدامه بها، ووفاة الجاموسة أثارت الأهالي فتوقف سائق القطار لتهدئتهم بدون أن يعطي أي إشارة للتوقف للمزلقانات الأخرى، فتسبب بخلاف وفاة الجاموسة في مقتل 30 شخصا آخرين.. وخرجت نفس التبريرات والبطل هو الإهمال يا سادة، الإهمال يا سادة، وهو نفس بطل حادث أمس الأول، الجمعة، (الإهمال) مش العفاريت ولا عفريت العياط .
وعفريت العياط اتهموه أيضا في حادث بشع آخر وهو المعروف إعلاميا بـ "حادث قطار العياط" واللي كان الأكثر بشاعة وتسبب في حزن عميق للشعب المصري كله بسبب صور الحادث وبشاعتها، ويقال إنه أشعل الشرارة الحقيقية للثورة على الفساد والإهمال وراح ضحيته أكثر من 361 شخصا ماتوا محترقين، بسبب الإهمال والفساد وانعدام الضمير وانعدام كل شيء آدمي، ثم حادث عبارة الموت وغيرها من تراكمات فساد وغياب الصيانة لمرفق السكة الحديد وتهالكها تلك التي كانت ثاني محطة سكة حديد في العالم بعد بريطانيا.
ولكن للأسف عفريت الفساد والإهمال وليس عفريت العياط قضى عليها تماما وحولها إلى نعوش متحركة على قضبان سكة حزينة وليست حديدية، على الرغم من أن عدد الضحايا الذين راحوا على قضبان السكك الحديدية في العياط ورغم تكرار الحوادث سواء في العياط أو غيرها وحبس عامل تحويلة أو عامل مزلقان أو سائق قطار، وللعلم لا أحد يستطيع فصل سائق قطار مهمل أو مستهتر في مصر بسبب البيروقراطية وغابة القوانين والنقابة، وعلى الرغم من استقالة أو إقالة عدد كبير من المسئولين والوزراء، إلا أن الكارثة لم تتغير بعد وللأسف ستتكرر بعدد ضحايا مختلف ومكان آخر ندعو الله ألا يكون العياط أو غيرها.
للأسف مادام الإهمال والتراخي والفساد وانعدام الصيانة، ستتكرر المآسي بدون الحاجة إلى عفريت العياط أو غيره.. عفريت الإهمال والفساد أشد خطرا.
وها هو حادث الجمعة عند منطقة خورشيد بالإسكندرية وقع حادث تصادم قطارين أسفر عن وفاة 43 بني آدم بدون ذنب ولا جريرة، وإصابة أكثر من 160 آخرين وفي منطقة بعيدة عن عفريت العياط.. إذًا عليكم الاعتذار لعفريت العياط.. ولكل العفاريت.. والله المستعان.