الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اليونسكو..وحلم الشتاء المنتظر


ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يصل فيها مرشح مصري وعربي للمراحل النهائية في السباق على منصب مدير عام منظمة اليونسكو ولكن حتى الآن الحلم يبدو صعب المنال! لاعتبارات دولية وسياسية يلعبها لوبي العلاقات والمصالح العالمي والذي لا يعمل "حساب" لدول العالم العربي، إلى جانب عدم توحيد الأصوات العربية لمرشح عربي واحد، وسنكتشف أن العرب خاضوا المنافسة ثلاث مرات في أعوام ١٩٩٩ و ٢٠٠٩ و ٢٠١٣ وكانت الخسارة حليفا لهم في كل الجولات!

هذه المرة رشحت مصر السفيرة مشيرة خطاب للمنصب وبدعم من عدد كبير من الدول العربية والإفريقية ولكن قابل هذا الترشيح "كالعادة" منافسة عربية من "قطر" ثم توالت الترشيحات العربية من العراق ولبنان رغم ما تم الاتفاق عليه ضمنيا بين العرب لدعم المرشح المصري للمنصب وتوحيد الجهود العربية لذلك الأمر والمفاجأة الأخرى كانت من دولة المقر "فرنسا" بإعلانها عن مرشح في اللحظات الأخيرة وهو ما أعتبره المثقفون العرب إستفزازا فرنسيا بعدما أتفق عليه أن يذهب المنصب هذه المرة للعالم العربي، ولكن الرئيس الفرنسي "اولاند" قرر بنفسه ترشيح وزيرة ثقافته "أودرى أزولاي" في اللحظات الأخيرة وهو ما جعل المثقفين العرب يرسلون بيانا للرئيس الحالي "ماكرون" يطالبه بسحب ترشيح سلفه "اولاند" وترك المنصب للعرب هذه المرة رغم أن العرب حتى هذه اللحظة منقسمون حول اسم مرشح واحد!؟ وهو ما يزيد مهمة مصر والعرب صعوبة للفوز بالمنصب الثقافي الدولي الرفيع.

والسؤال الملح الآن بعد تجارب العرب السابقة والتي باءت بالفشل بسبب عدم الاستقرار على مرشح واحد أبرزها كان عام حينما 1999 حينما خاض المنافسة "المصري" إسماعيل سراج الدين و"السعودي" غازي القصيبي، وفي 2009 كان هناك "الجزائري" محمد بجاوي و"المصري" فاروق حسني، وفي 2013 "اللبناني" جوزيف مايلا و"الجيبوتي" رشاد فرح، هذه المرة يوجد أربعة مرشحين عرب للمنصب ، مشيرة خطاب من مصر، وحمد بن عبد العزيز الكوارى من قطر، وصالح الحسناوى من العراق، وفيرا خورى لاكويه من لبنان، إلى جانب فولاد بلبل أوغلو من أذربيجان، وفام سان شاو من فيتنام، وكيان تانج من الصين، وجوان ألفونسو فونتسوريا من جواتيمالا، وأودريه أزولاى من فرنسا، لذلك المرحلة القادمة حاسمة وربما يسفر الدعم السعودي والاماراتي للمرشح المصري عن موقف عربي موحد مع إقتراب موعد الانتخابات.

الموساد ودرس إنتخابات 2009!
خلال المنافسات التي خاضها العرب كان فاروق حسني الأقرب للحصول على المنصب بعدما وصل لجولة التصويت النهائية وفازت بها البلغارية ايرينا بوكوفا بفارق ضئيل جدا "3 اصوات" وجاء فشل فاروق حسني في إنتخابات 2009 ليكشف الكثير من خبايا إنتخابات اليونسكو فرغم تأكيدات زعماء دول كبرى بأن دولهم ستصوت له إلا أن الواقع كان مغايرا وهو ما كشفه الصحفي الفرنسي "ريشار لابفيير" وقتها أن خلية من الموساد الإسرائيلى أدارت الحملة ضد المرشح المصرى " فاروق حسنى" من داخل مقر اليونسكو، وأوضح أن المخابرات العسكرية الفرنسية رصدت وصول 8 عملاء للمخابرات الإسرائيلية إلى باريس، وترددهم على مقر اليونسكو،مشيرًا إلى أن العملاء الـ8 واثنين آخرين انضما لهم خبراء إعلاميون ومتخصصون فى تقنيات "التأثير النفسى" أجروا بأنفسهم اتصالات مكثفة مع سفراء الدول الأوروبية، كما كانوا وراء الحملة التى شنتها الصحف الفرنسية، خاصة "ليبراسيون" ضد المرشح المصرى واستغلال المناقشة الشهير لفاروق حسني عام 2008 بالبرلمان ضد أحد نواب الاخوان المسلمين وقتها حينما قال انه مستعد لحرق أي كتب إسرائيلية توجد بالمكتبات! ووصفوه وقتها "بحارق الكتب" ومعاداة السامية ولم يشفع له إعتذاره بعد ذلك ويكشف فاروق حسني من خلال كتاب الزميلة "فتحية الدخاخني" عن أسرار تلك المعركة بأنه "رأى بعينيه" كيف أسقط ممثل فرنسا ورقة بيضاء فى صندوق الإنتخابات، وهذا ما حصل أيضا مع إيطاليا التى أعطت فاروق حسنى كل تأييدها خلال الحملة الانتخابية لكنها تهربت من التصويت له فى الجولة الخامسة والأخيرة من الانتخابات، ومع النرويج رغم أن ملكة النرويج زارت فاروق حسنى فى بيته وقبلت دعوته للعشاء وأكدت له أن النرويج سوف تسانده لكنها لم تف بوعدها لأن المشكلة لم تكن أبدا فى الجدارة والإستحقاق ولكنها كانت دائما فى الواقع السياسى وضغوط الهيمنة من جانب القوى الكبرى.

الآن هل يستسلم العرب ويصرفون النظر عن حلم الحصول على هذا المنصب الدولي الرفيع! بعد أن بات هناك إصرار غربي على عدم حصول مرشح "عربي" عليه ومنافستهم بقوة حتى ولو كان هناك اتفاق "ضمني" لترك المنصب للعرب مثلما حدث وأقدمت فرنسا على المنافسة في مفاجأة للجميع! هل بالفعل الخوف من فتح ملفات الإعتداءات الإسرائيلية المستمرة على التراث العربى فى القدس، وعمليات التهويد التى تجري فى الأرض المحتلة على قدم وساق، من أسباب عدم ذهاب المنصب الدولي الرفيع لمرشح عربي؟!

رغم أن المؤشرات تثبت تفوق المرشحة المصرية السفيرة مشيرة خطاب منذ البداية وحتى الأن إلا أن ما حدث في عام 2009 ليس ببعيد أن يتكرر في الجولات الأخيرة من الانتخابات الحالية ويذهب المنصب للمرشح الفرنسي، والمطلوب زيادة الضغط الدولي على دول المنظمة من خلال اللوبي العربي بالمنظمة وأيضا وزارة الخارجية المصرية عليها الدور الأكبر في الأشهر المقبلة لدعم المرشح المصري.

ومن المنتظر أن يتم اختيار الشخص الذى رشحه المجلس التنفيذى بعد إجراء اقتراع سرى خلال الدورة الثانية بعد المائتين للمجلس خلال أكتوبر القادم ثم يبلغ رئيس المجلس المؤتمر العام خلال دورته التاسعة والثلاثين، فى نوفمبر أسم المرشح الذى وقع الاختيار عليه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط