الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من بلد المعز نقول..


الحاجة أم محمد تخرج يوميا فى السادسة صباحا لتنتظر من يوزع عليها وعلى غيرها الجرجير والبقدونس لتقوم هى بعد ذلك باعادة توزيعه مرة اخرى وتحويله الى ربطات تسمى حزمة، وبالطبع هى تقلل الحجم وتزيد العدد مع مراعاة ان تغرقها بالمياه حتى تظل جاذبة لمن يشترى .

أم احمد لم تكن مستاءة من عملها هذا الذى لم تجد غيره حينما مات زوجها بمرض الفشل الكلوى لانه لم يكن يشرب مياه نقية كما قال لها الاطباء حينها مع انها اقسمت لهم انها تغسل القلل والازيار الا انهم ضحكوا ولم يستطيعوا ان يقنعوها بسبب موت زوجها ذي الـ٤٥عاما تاركا لها خمسة من الابناء .

لم تكل يوما وهى تصحو باكرا وتجلس امام بضاعتها فى الحر والبرد وتجمع فى نهاية يومها ما جاد به الكريم عليها والذى مكنها من تعليم ابنائها كلهم تعليما عاليا كما يقولون ..وفى نهاية المطاف اجمعوا امرهم واتفقوا على ان يمنعوا امهم من العمل ليس من قبيل تعويضها ولكن لأنهم يخجلون منها ومن كونها بائعة خضار وان مستقبلهم سيصبح مهددا اذا ما فكروا فى الزواج او الترقى الوظيفى ..

وفى يوم من ايام الله الطيبة وحينما كانت تستعد امهم للخروج باكرا لكى تتسلم بضاعتها اليومية كانوا هم امام الباب واقفين ليعلنوا لها رفضهم ويمنعوها من ان تكمل خطاها التى بدأتها منذ ربع قرن او اكثر ..عبثا حاولت تقنعهم بأنها لن تترك عملها ولن تنتظر ان يكون مصيرها فى ايديهم وعبثا حاولوا ان يؤكدوا لها رفضهم ما تقوم به لانه عوار لهم ويهدد حياتهم المستقبلية.. وبين اصرارها واصرارهم فشلوا جميعا فى ان ينتصر احدهما واجتمعوا على تركها والفرار عنها ومنها والتنصل من بائعة الخضار. وعلى قدر تألمها مما فعلوه على قدر كذبها امام كل الجيران وتأكيدها أنهم سافروا للعمل ولتغيير واقعها وتبديله بحياة افضل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط