ست سنية فاتحة الميه

ترشيد استهلاك المياه من المواضيع الحيوية التي تشغل الرأي العام العالمي ولا ينبغي تجاهلها وهي مسئوليتنا جميعًا للحفاظ على الموارد الطبيعية، وممارسة الأساليب الحضارية في التعامل مع المياه وتكييف عاداتنا اليومية مع الحلول العملية التي تقدمها الدراسات العملية في هذا المجال.
كثيرًا ما نرى القهوجى ممسكًا بخرطوم المياه "ويرش" أمام القهوة حتى تتكون برك صغيرة أمامها، ومن المألوف أيضًا أن نرى ربة المنزل تغمر الشقة والسلم بالمياه وتترك الحنفية تنزف مياهًا مدة طويلة، ولو الحنفية بايظة لا مانع من تركها عدة أيام أو أشهر، ومن المألوف في أي مصلحة حكومية أو مؤسسة أن يغرق الحمام بالمياه، خاصة أثناء الوضوء، كأن الشخص يأخذ حمامًا كاملًا، والنتيجة مياه في كل الحمام وفوق البلاط وتحت البلاط.
والمقولة الشعبية أن "المياه خير" حقيقة إذا عرفنا كيف نعامل هذا الخير رغم أن الحكومة الآن تقول إننا دخلنا مرحلة "الندرة"، وبعد أن أصبح سد النهضة واقعا يؤرق المسئولين، علينا أن نغير عادتنا في إساءة استغلال المياه التي تصل إلى مصر.
الحروب القادمة لن تكون حروبا بسبب البترول والغاز ولكن بسبب المياه وندرة المياه، ولا يخفى أن إسرائيل تسحب مياها كثيرة من نهر الأردن حتى أصبح منسوبه في بعض المناطق دون المستوى، لذا موضوع الماء بالنسبة لمصر ليس فقط من أجل الشرب والنظافة ولكن موضوع أمن قومى، إذ إن ندرته تبشر بعواقب وخيمة.
وافق مجلس الوزراء، خلال اجتماعه الأخير برئاسة المهندس شريف إسماعيل، على مشروع قانون الموارد المائية والري، الذي يغلظ العقوبة على من يسيئون استخدام المياه.
وقال الدكتور محمد أحمد عبد العاطى، وزير الري، في مؤتمر صحفى بالمجلس، إن مصر دخلت في مرحلة الندرة المائية، وإن القانون يغطى مجالات لم تتم تغطيتها من قبل؛ مثل التعامل مع السيول ودورة مستخدمي المياه والمياه الجوفية.
وأضاف أن القانون يواجه تحديات زيادة عدد السكان، خاصة أنه من المتوقع أن يزداد عام 2050 ليتخطى 150 مليون نسمة، إضافة إلى محدودية نصيب الفرد من المياه والذي يصل إلى 600 متر مكعب، ومن المنتظر أن يقل هذا النصيب بعد زيادة عدد السكان، وأن مصر في حاجة إلى المياه في ظل تحديات أخرى، منها التعديات على نهر النيل ومنافع الري بنحو 470 ألف مخالفة، أزيلت منها الغالبية وتبقى 150 ألفا.
وأوضح أن الوزارة تواجه مشكلات ضعف الاعتمادات المالية، ومحدودية الموارد المائية، والتعديات المائية ومشاكل التلوث والتغيرات المناخية وتأثيرها على الفيضانات والسيول.
وأكد أن الاستراتيجية الجديدة هي الترشيد والتنمية والتوعية وتهيئة المناخ الملائم والقانون جزء من تنفيذ هذه الاستراتيجية، وهناك خطة قومية بمشاركة 9 وزارات قدرت استثمارتها بـ900 مليار جنيه حتى يكون لدينا أمن مائي ويتم توفير جميع الاحتياجات المائية للمواطنين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لترشيد الاستهلاك في الاستخدامات المختلفة للمياه، وضرورة نشر الوعي بثقافة الترشيد وضبط الاستهلاك، وأن الأمر لم يعد يمثل رفاهية في ظل ثبات موارد المياه وزيادة الاستهلاك نتيجة النمو السكاني والاستخدامات الزراعية والصناعية والإنتاجية الأخرى.
وأشار إلى أنه سيتم عمل حوافز لتحويل الري من التقليدى إلى الوسائل الحديثة لترشيد الاستهلاك، وتمت الموافقة على تفعيل المجلس الأعلى لحماية مياه النيل برئاسة رئيس الوزراء والوزارة تجهز اللائحة التنفيذية التى سيصدرها رئيس الوزراء.
وقال الدكتور رجب عبد العظيم، وكيل وزارة الرى، إن القانون يركز على تغليظ العقوبات على التعديات النيلية وتحويلها إلى جناية بدلًا من جنحة لحماية الموارد المائية لمصر، كما يجرم إهدار استهلاك المياه، بالإضافة إلى تجريم زراعة المحاصيل الشرهة للمياه والتى تستنزف الموارد المائية لمصر.
تغليظ العقوبة هام ولكن الأهم العمل على توعية المجتمع وتغيير عاداته السيئة، ليس بالقانون وحده تغير العادات ولكن بالتوعية، وهذا هو دور الإعلام في تنوير الناس على ما عليهم أن يفعلوه ويغيروه من أجل حياة أفضل.