الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شيرين وإفيهاتها


لم تكن تتخيل وهي تخطو أولى خطوات الشهرة ، أنه في يوم من الأيام ستحاسب علي كل نفس تتنفسه، وكل حركة تتحركها ، وكل كلمة تنطق بها ، وربما تعاقب علي ما تكمنه بداخلها أو ما يدور بأفكارها ، مُحَرّم عليها ما هو مُتاح للعامة ، مَحْظور عليها ما هو مشروع لنا ، فَرْض عليها ما هو مُستحب لنا ، صغائرها كبائر ، عفويتها جريرة وجرم وجناية وذنب ، تُعاقب بالرّجم بفعلة يعاقب بها غيرها باللّوم والتنبيه ، تُعَلّق لها المشانق وتُصوّب تجاهها البنادق والآلي بسبب "زلة لسان" إذا وقع فيها غيرها اعتبرها أهل القانون جنحة لا يستحق مرتكبها حتي لفت النظر، تقودها عفويتها إلي ساحات المحاكم بينما الأخرون تقودهم الإرادة مع سبق الإصرار والترصد .

فقد أصبحت الطفلة البسيطة بنت منطقة القلعة الشعبية شخصية عامة ومطربة مشهورة ، ذاع صيتها في كل الدول العربية وغيرها، ويسبق اسمها لقب المطربة المصرية ، غنّت لمصر وشهدائها ، رفضت الغناء في أي دولة علي خلاف سياسي مع وطنها مهما كانت الإغراءات أو المقابل و دون أن يطلب منها أحد ذلك ، ولكنها ما زالت تحتفظ بطفولتها وعفويتها وهو ما يسبب لها الكثير من المشاكل.. إنها المطربة "شيرين عبد الوهاب" التي مازحت جمهورها بشأن وجود بلهارسيا بنهر النيل ، عندما طلبت منها إحدي المعجبات غناء " ماشربتش من نيلها " فردت "هبجيلك بلهارسيا " .

هذه المقدمة ليست للدفاع عن خطأ ارتكبته شيرين ، فبكل المقاييس دعابة سخيفة ليست في محلها ، وقد خانها التعبير ، وسقطت في اختبار تحمل المسئولية تجاة مَعْلَم من معالم حضارتنا وهو " النيل " أمام عفويتها ، وهنا لا أعفيها من وجوب اعتذار وقد فعلته بالفعل ، واعترفت فيه بخطأها ، لكن حتى موقفها وحرصها على الاعتذار يُحسب لها، فالخطأ خطأ والصواب صواب .

ولكن ما أعنيه وأحاول لمسه ومناقشته هو المطالبات بإسقاط الوطنية عنها ، من قبل من لم يستهو "زلة لسانها" هواه ، ومحاولات نزع الجنسية المصرية عن جسدها ، وردود الأفعال القاسية التي طالت الأخضر واليابس من حياتها الشخصية والفنية ، من جعلكم أوصياء علي وطنيتنا وجنسياتنا ؟ ومن منحكم الصكوك لتعطوها لمن تشاءون وتنزعوها ممن تشاءون .

فوطنية الفنان والمغني والسياسي والصحفي والإعلامي علي المحك ، وسهل الطعن فيها وتقديمها فداء أو فدية لعفوية أو تصريح أو دعابة أو مزحة ، وهذا في حد ذاته سفه لا يمكن قبوله في تهمة سهلة الإلقاء والقذف دون دليل دامغ، لتصبح رد فعل واجب النفاذ ضد من أختلف مع توجهاته أو سياساته أو حتي من أُصّفِي معه حسابات لتضارب المصالح أو كونه فقط ابن "كاري" .

فمن السخافة أن نمنح أو ننتزع أو نشتري أو نبيع أو نعطي أو نأخذ الوطنية التي تصب في مصلحتنا الشخصية لا في مصلحة الأوطان.

ومن الغباوة أن نطالب بإسقط الجنسية لهفوة لفظية أو رأي ، فسحبها يجب أن يتعلق بصدور حكم قضائى يثبت تورط الانضمام إلى جماعة، أو جمعية، أو جهة، أو منظمة، أو عصابة، أو أى كيان، أيًا كانت طبيعته أو شكله القانونى أو الفعلى، سواء كان مقرها داخل البلاد أو خارجها، وتهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعى أو الاقتصادى أو السياسى لها بالقوة، أو بأية وسيلة من الوسائل غير المشروعة .

فإدخال الشعارات الوطنية والجنسية بمسألة بسيطة لا تتعدى زلة لسان أو رأي تستوجب الرحيل من قواميسنا، فالاختلاف في الرأي أو العفوية أو الدعابة لا يفسد للوطنية والجنسية انتماء !

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط