الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شادية.. منتهى الحب


يقولون عنها "أقل الناس خوضا في مناقشات ومعارك أهل الفن، وإذا تكلمت خرج الكلام منها معسولا رائعا كأغنياتها الرائعة، التي لم يقدم أحد مثلها في اللون والمذاق والتأثير" أتحدث عن معشوقة الجماهير شادية، ممكن القول إن شادية وصلت لما يتجاوز حلم أي فنان في رصيده من حب الجماهير وصعب أن تجد فنانة حصلت على تلك الشعبية الكبيرة لدى الجماهير العربية.

تتأمل مشوارها فصعب أن تدرك أي معاني للتعبير عن موهبتها "الاستثنائية" مشوار طويل لم يبلغه أحد من الفنانين قبلها أو بعدها، ما بين الغناء والتمثيل جمعت شادية قلوب الملايين لا أجاوز الحقيقة اذا قلت أنها كانت حالة فنية غير مسبوقة في الفن العربي من خلال 116 فيلما وأكثر من 500 أغنية نجحت شادية في أن تكون هذه الفنانة المتفردة في مشوارها الفني فلم تكتفي بكونها الفتاة "الدلوعة" أمام أبطال السينما فقدمت مبكرا جدا أدوارا تمثيلية مغايرة ومفاجئة في تلك المرحلة من عمرها الصغير مثل فيلم "المرأة المجهولة" والذي جسدت فيه السيدة الشابة والعجوز بمهارة فائقة وضعتها في منطقة جديدة ومختلفة كممثلة متمكنة من أدواتها وكان لديها جرأة في تقديم أدوارا متنوعة ولم تحبس نفسهلا في قالب فني معين مثل الكثيرات من نجمات جيلها ومن ثم تفوقت في منافسة المطربات الممثلات في تلك المرحلة ونجحت في أن تكون نجمة الشباك الأولى لفترة طويلة متفوقة على صباح وهدى سلطان أقرب منافسيها ونجح المنتجين في الجمع بينها وبين فاتن حمامة في عملين وهو ما كان إنجازا لأنهما أكبر وأهم نجمتين وقتها ونجحت التجربة لأنه لم يكن بينهما تنافس فشادية كانت تحافظ عي علاقاتها الطيبة مع الجميع.

كيف لتلك الفتاة "دلوعة الشاشة" كما أطلقوا عليها أن تتحول إلى هذه الممثلة صاحبة الأداء الرفيع في "شيء من الخوف _ اللص والكلاب_ ميرامار _ الطريق..... وتنجح على الرغم من أن الجمهور كان دائما يراها كفنانة مرحة تخطف القلب بخفة ظل محببة للجميع وتستحوذ على "الكاميرا" وسط حضور نجوم ونجمات أخرين بجانبها، إنها الموهبة الكبيرة وحبها وإخلاصها لفنها.

ثنائيات كثيرة كونتها شادية مع أكثر من فنان، كمال الشناوي وصلاح ذوالفقار ومع أشهر المطربين أيضا عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش كانت الاختيار الأول للجميع في تلك الفترة فبالاضافة لموهبتها الكبير كانت محبوبة أيضا من الجميع، ومع ذلك فإن شادية أوشكت في بعض مراحلها على الإستغناء عن فنها الأول "الغناء" الذي أوصلها إلى شاشة السينما لتكتفي بفن التمثيل رغم أن نجاحها في السينما جاء من خلال صوتها وأدائها الغنائي الخاص قبل أي شيء ولذلك كان قرارها بالتوقف عن الغناء في أفلامها غريبا وعجيبا في فترة ما.

الحظ ساندها منذ البدايات أيضا لتقديمها أعمال للأديب العالمي نجيب محفوظ والذي قال عنها " شادية ممثلة عالية القدرة وقد استطاعت ان تعطي سطوري في رواياتي لحما ودما وشكلا مميزا لا أجد ما يفوقه في نقل الصورة من البنيان الأدبي إلى الشكل السينمائي، وكانت "حميدة" في "زقاق المدق" صورة لتلك القدرة الفائقة التي لا أتصور غيرها قادرا على الإتيان بها، وهي كذلك أيضا في غير أعمالي فقد رأيتها في بداياتها في دور الأم المطحونة المضحية في فيلم "المرأة المجهولة" وتصورت ان بمقدورها ان تحصل على جائزة "الأوسكار" العالمية في التمثيل لو تقدمت اليها.

وأيضا لارتباطها في تلك الفترة بأسماء هامة في صناع الفن أمنوا بموهبتها ومنحوها الفرص الكبيرة إلى جانب إقترابها من عمالقة الصحافة أيضا حيث ساعدوها كثيرا على رأسهم مصطفى أمين والذي تقول عنه "إنني أدين للأستاذ مصطفى أمين بالكثير، إنه صاحب الفضل في النضج العقلي الذي يظهر في تصرفاتي وعملي وأفلامي، وفي علاقاتي بالناس من حولي، لقد جعلني أحب الحياة بعد أن كرهتها، علمني كيف أفكر بعقلي قبل قلبي، وكان يعطيني الحنان بلا حساب، ويدفعني للبحث عن الأدوار الجيدة، وهو الذي طالبني بالابتعاد عن الأدوار الخفيفة التافهة، وقد أقنعني بأن أعود إلى الغناء، الذي كنت تركته لفترة، وكان يساعدني على إنتقاء الأغنية الجيدة، ومع ذلك فقد قالت الاشاعات إن زواجي منه أبعدني عن الحياة الفنية، والحقيقة أن صداقتي مع هذا الكاتب الكبير كانت من أجمل فترات حياتي، فترة عاقلة ورائعة، وجدت نفسي فيها".

لم تكتف بذلك بل دخلت لتنافس أفضل المطربات باغنيات طويلة وأداء ولا أروع مثل "خلاص مسافر" و" "قولوا لعين الشمس" فتأثر القلوب وتبكيها أيضا بعد أن أدخلت عليها البهجة والفرح بأغنيات خفيفة، من أشهر أفلامها المحببة للجمهور "عفريت مراتي" أمام صلاح ذوالفقار وعادل إمام وبعد عرض الفيلم قال المخرج فطين عبدالوهاب "فوجئت بتجسيدها شخصية إيرما لادوس في فيلمي عفريت مراتي أفضل من الأمريكية تشيرلي ماكلين"، كانت كتلة من المشاعر والأحاسيس، تقول شادية في مذكراتها "إن الفن هو قدري الذي لا أستطيع الهروب منه.. إن عذاب الفن هو حياة الفنان ومن دون هذا العذاب لا يكون لحياة الفنان معنى".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط