الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لستُ إلهاً


منذ قديم الأزل وحتي اليوم، تحكم العلاقات بين البشر الكثير من القيود، قد تكون علاقة صداقة أو قرابة وقد تكون علاقة مصلحة أو عمل، وتمر الأيام لتختلف تلك العلاقات فقد يكون الطفل يومًا محكومًا بسلطة أبيه وتتبدل الأيام ويصبح مع الزمن يتحكم في أبيه ومصيره، فهي أيام دول يوم لك والآخر عليك فأحسن التصرف يوم تكون السلطة والتحكم في زمام الأمور بيدك حتي تدور الأيام وترد لك أعمالك بصورة ترضيك.

وقد تتحوّل العلاقة بين الزملاء في العمل إلي علاقة رئيس بمرؤوسيه وبالتدريج تختلف تلك العلاقة من المحبة وحقوق الزمالة إلي علاقة بين ملك وَعَبَد، فالبعض يظن عندما تأتيه القدرة علي السيطرة بمصائر الخلق أنه قد أصبح إله يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز كيفما يشاء من يشاء ويذل وقتما يشاء من يشاء، يتناسي الكثيرون أنه لا يوجد سوي ملك واحد فقط يحكم تلك الأرض التي مصيرها إلي زوال مهما ظن البعض أنه خالدًا فيها. 

من الحكايات المكررة التي نراها بصور متعددة بين الحين والآخر علاقة التجبر والتحكم في المرؤوسين بصورة تتسم بالعشوائية والتسلط وحب السيطرة متناسيًا ذلك الرئيس حقوق الآخرين، يدوس البعض أحيانًا علي زملائه دون رحمة أو عقلانية حتي يضمن لنفسه البقاء حتي ولو كان ذلك البقاء سوف يكون علي حساب دماء وجثث زملائه القدامى ، المهم أن يظل هو الملك الآمر الناهي ويضمن لنفسه أن يظل في مكانه كما هو وأن يرضي من هم أعلي منه في السلطة مهما كان عدد الضحايا ومهما ظَلَم. 

والغريب في الأمر هو التمسك بالخطأ علي حساب الحق دون تفكير ربما مكابرة منه أن يعود للحق وربما رغبة خفية منه في التخلص من أحد زملائه ، ربما تحكمه مشاعر الحب والكره ويتناسي أن العمل يجب أن يكون بمنتهي الحيادية والعدل ولا تتحكم فيه المشاعر، فالحكم علي المرؤوس يأتي بناء علي تاريخه في العمل وقدرته علي تحمل المشاق و قراراته التي يأخذها لتسيير الأعمال، وليست المشاعر هي من تحكم عليه، أحبِبْ من تشاء وأكره من تشاء ولكن لا تتحكم في مصائر البشر وفقًا لأهوائك ولا تترك رغبتك الملحة في الإستمرار في الملك أو السلطة تقضي علي تاريخ من حولك من مرؤوسين بكل تجبر ودون رحمة أو عقلانية في التصرف مجرد أنك أردت الإحتفاظ بالملك مهما كانت الظروف ومهما كانت النتيجة.

يجب أن يتذكر الجميع أن الملك إلي زوال مهما طالت مدته، وأن الحق لا يضيع مهما مرت الأيام، فالظالم تؤرقه دعوة المظلوم مهما ظن أنه محصن وأنه مازال ذو سلطة وجبروت ، يقول الرسول صلي الله عليه وسلم اتَّقوا دعوةَ المظلومِ فإنَّها تصعدُ إلى السَّماءِ كأنَّها شرارة""، «اتقوا دعوة المظلوم، وإن كان كافرًا، فإنه ليس دونها حجاب» (صحيح الجامع الصغير). من أراد أن يحتفظ بالملك فليتعلم من مالك الملك أصوله الذي حذّر من ظلم الكافر به إحقاقًا للحق ولَم يحكم علي عباده بالأهواء.

وتتغير الأيام مهما طالت وتختلف الوجوه من كان اليوم ذو سلطة يصبح غدًا ذكري ، ربما يستطيع أن يتبع سَنَن من سبقوه فيصبح أسطورة في العدل والحق، وتكون ذكراه طيبة، وربما ينتهج بنهج الطغاة فيلفظه التاريخ ويتجاهله البشر ويصبح في طَي النسيان. أنت من تسطر تاريخك فانتبه لما تكتب في كتابك ، ولا تنسي عدالة السماء.يقول المولي عز وجل يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16).
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط