الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يوم تجريح اليتامى


مع اقتراب الجمعة الاولى من شهر أبريل من كل عام تنشط الهيئات والمؤسسات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية فى مصر للاستعداد للاحتفال بعدد من الاطفال المصريين ممن فقدوا آباءهم وأمهاتهم فيما يعرف بيوم اليتيم , فيتم اقامة السرادقات وكتابة اللافتات وترديد الشعارات وإلقاء الخُطب والحكم والمواعظ.

فى هذا اليوم من كل عام نُشعر هؤلاء الاطفال الابرياء بأنهم ينقصهم آباء وأمهات مثل باقى الاطفال فى مصر , نُشعرهم دون ان نشعر نحن بأنهم ضعفاء بالمقارنة بباقى الاطفال فى العالم , نفعل ذلك فى كل مكان وبخاصة فى النوادى العامة والمدارس والحضانات ودور الايتام , حيث يتم تجميع هؤلاء الاطفال فى الحدائق والاماكن العامة لالتقاط الصور التذكارية تارة ولتناول وجبات الطعام معهم تارة وكأنهم كائنات مختلفة عن باقى الاطفال ممن حولهم.

يحدث ذلك ونحن نجلس تحت لافتات كبيرة تحمل عبارات مؤلمة لا يشعر بها الا هؤلاء الاطفال الضعفاء الابرياء , عبارات تؤكد لهم انهم أيتام , عبارات تؤكد لهم أنهم فقدوا آباءهم أو أمهاتهم , عبارات مؤلمة تشعرهم بأنهم ضعفاء مختلفين عن باقى الاطفال من حولهم سواء فى المدرسة أو فى النادى أو حتى فى الشارع.

بكل تأكيد اليتامى بحاجة الى عطف ورعاية الجميع , وبكل تأكيد هم بحاجة الى من يرسم البهجة على وجوههم ولو يوم واحد فى كل عام , ولكن دون تجريح أو مهانة تحت أى مسمى , واذا كان لابد من تذكير الناس بهم فى يوم محدد من أيام السنة فليكن تحت مسمى لائق بنا كبشر، مثل (يوم البهجة ) أو (يوم السعادة ) أو (يوم المودة) أو (يوم الانسانية ) أو أى مسمى آخر لا يفرق بين الاطفال اليتامى وغير اليتامى , اسم يبدو فى ظاهره انه للجميع , وليكن غالبية الحضور وغالبية الذين يتم الاحتفاء بهم وتكريمهم من الايتام ولكن دون اعلان صريح.

فليس من المعقول ان أفصل فى التعامل بين الاطفال على أساس هذا طفل له أب حى وهذا طفل له أب ميت , حتى ولو كان الفصل للعطف أو التكريم , والاسوأ ان نجمع من فقدوا آباءهم أو أمهاتهم فى مكان واحد ويكون القاسم المشترك بينهم لجمعهم هو فقدانهم آباءهم أو أمهاتهم , انه شئ فى غاية القسوة والسوء , والاكثر سوءًا أننا نبدو كمن يحتفل معهم بيوم يتُمهم , على الرغم من ان نوايانا عكس ذلك تمامًا , فهل تخيل أحدكم السؤال الذى يسأله هذا الطفل اليتيم لنفسه عندما يتم دعوته للاحتفال به أو لتكريمه أو لمقابلة شخصية مشهورة يحبها او لتناول الطعام معها ؟ هل تخيل أحدكم الاجابة التى يُسمعها لنفسه ؟

فلنفعل كل ما نفعله للايتام فى مثل هذا اليوم من كل عام ولكن دون تجريح , فلا يوجد اى مانع فى ذهاب الفنانين والفنانات الى دور الايتام فى مثل هذا اليوم من كل عام لأسعادهم وادخال البهجة على قلوبهم , ولكن دون تخصيص مسمى يؤلمهم , وقارن بين ان تكون الزيارة لأنه يوم السعادة أو يوم الانسانية أو يوم المودة أو يوم الرحمة للجميع , وبين ان تكون الزيارة لأنه يوم اليتيم , الزيارة هى الزيارة ولكن الفرق شاسع بين المعنيين فى كلتا الحالتين.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط