الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شطرنج


تخيل أنك قطعة من قطع لعبة الشطرنج قد تلعب دورا صغيرا أو أقل أهمية متمثلا في قطعة شطرنج العسكري، وقد تكون أشد قوة وتأثيرًا فتصبح كقطع الحصان والفيل والطابية، وربما يأتي اليوم الذي تصبح فيه أكثر أهمية فتمثل الوزير أو الملك، كلنا قطع من لعبة الشطرنج تأخذنا الدنيا إلى حيث المصير المحسوم، ربما نسعد ونربح ونتقدم إلى الأمام في قوة وثبات وربما نكون كبش الفداء.

والأخطر في تلك الأدوار هو دور الملك الذي يضحي بالجميع من أجل البقاء على الرغم من أن الجميع يحاولون جاهدين الحفاظ عليه وتأمينه وحمايته، العسكري يفعل ما في وسعه للحفاظ على من هم أهم منه في اللعبة، والحصان والفيل يتقدمون بكل ثبات وشجاعة لحماية من هم أعلى منهم في تلك اللعبة، ويأتي دور الوزير والملك كل منهما قد يحمي الآخر أو قد يضحي بالآخر في سبيل نجاته.

هكذا بعض المهن وربما جميع المهن ولكن يظهر بوضوح أسلوب الشطرنج في بعضها عن البعض الآخر، أحيانًا تجبرك الظروف على أن تعمل تحت قيادة رئيس عمل لا يفكر إلا في نفسه ويحول نفسه من رئيس إلى ملك متوج، يحارب من يحميه، المهم أن يحافظ على كرسيه، مهما كانت النتائج، وربما تكون سيئ الحظ لتعمل تحت قيادة رئيس عمل يكره من يليه في المدرج الوظيفي ويحارب كل منهما الآخر بكل ما أوتي من قوة، وفِي سبيل ذلك يُكَوِن كل منهما مجموعة تعمل لصالحه تصبح عينه علي زملائه وقد يستعين ببصاص من البصاصين يأتي بالخبر اليقين، حرب لا يفكر فيها كل منهما سوي في نفسه وكيف يزيح كل منهما الآخر لينفرد هو بالسلطة.

إذا كنت عاثر الحظ فأنت تلعب دورا صغيرا في تلك اللعبة ويسهل التضحية بك والاستغناء عنك في أي لحظة، قد تصبح كبشًا للفداء يضحي بك الملك أو الوزير دون رحمة ليكيد كل منهما الآخر، دون التفكير فيك أيها المسكين، ينسى كل منهما تاريخك وتضحياتك ومجهوداتك في سبيل حفاظ كل منهما على كرسيه وينتهي دورك فجأة وتموت وأنت حي ترزق، تختل الأرض من تحت أقدامك وأنت تراجع ما قمت به من أعمال وما ضحيت به من جهد وعرق وعمر في سبيل حماية هؤلاء، ولا يتذكرك أحد.

السبيل الوحيد الذي يستطيع أن يبقيك حيًا تُرْزَق دون أن تمرض أو تختل هو أن تعمل لوجه الله تعالي وتنسى أنك قطعة شطرنج، تتذكر فقط أن كل منهما الملك والوزير في تلك اللعبة لا يملكون تقسيم الأرزاق، قد يكون انتهاء دورك خير لك وشر لهما، فلا تحزن عليهما، وتذكر قدرة المولى عز وجل في قلب موازين الأمور، قد ينتهي دور الملك فجأة وتراه أمامك مهزوما مقهورا، وقد يضيع حلم الوزير في أن يصبح ملكًا وينهار هو الآخر، يتناسى كل منهما ما فعلوه بك أنت المسكين الذي لولاك ما كان هذا ملكًا والآخر وزير، فأنت وأمثالك من عسكري وفيل وحصان وطابية تمثلون القوة الحقيقية وليس الملك والوزير، وفقًا لتلك اللعبة، كل منهما لا يفكر سوى في نفسه على حساب باقي قطع الشطرنج.

وتدور الدوائر وينتصر الملك الذي يلعب بذكاء محافظًا على زملائه وينهزم من يتحول إلى إله يدوس على الآخرين دون تفكير مجرد أنه أراد أن يصفي بعض الحسابات مع وزيره أو ربما للحفاظ على عرش الملك الزائل، وليتنبه الجميع في تلك اللعبة، ما يحدث من ظلم وتجاهل لقطعة من الشطرنج قد يحدث لغيرها وغيرها، قد يأتي الدور علي غيرك كما أتى اليوم عليك، راقب الأمور في صمت واحتساب وتذكر أن لكل ظالم متكبر متعال نهاية، وتيقن أنك يومًا ما سوف تشهد على هزيمته، فالملك لا يدوم، والديان لا يموت، وليفعل كل منهما ما يريد، فلا أحد يعلم ما تحمله له الأيام، كن على يقين أن الله مالك الملك.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط