الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مواكب الشهداء.. وملحمة بطولات رجال الجيش والشرطة


بحروف من نور، سطر أبطال الجيش والشرطة أروع صفحات البطولة والفداء دفاعًا عن تراب الوطن وأرواح أبنائه، وقد أثبتت الحوادث الإرهابية التي تعرضت لها مصر طوال السنوات الماضية ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ اللحظة الأولى لتحمله أمانة حكم البلاد حين أعلن تصدي رجال القوات المسلحة والشرطة لمواجهة رصاصات وقنابل التنظيمات الإرهابية بديلًا عن المواطنين الآمنين.

فمنذ الأحداث التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011، ضحى الآلاف من رجال الشرطة والجيش بأرواحهم وأجسادهم ذودًا عن مقدسات البلاد مصاب من رجال وزارة الداخلية فمنهم من فقد عينه أو قدمه، ولكن هذا لم يثن زملائهم عن مواصلة الواجب المقدس بل زادهم عزمًا وتصميمًا على الثأر لإخوانهم، فكل من يلتحق بالشرطة أو الجيش يعلم أن من الممكن أن تنتهى حياته في لحظة، لذلك فهو لا يعرف معنى الخوف من الموت.

وخير مثال على هذا إصرار المجندين على الاشتراك في خوض معركة المواجهة الشاملة للإرهاب "سيناء 2018" رغم أن مدة تجنيدهم تنتهي قبل بدء العملية أو خلالها، لكنهم وجدوا أنه من الأشرف لهم والأنصع في تاريخهم المشاركة في هذه الحرب، فإذا كتبت لهم الحياة قضوا بقية عمرهم مرفوعي الرأس خورين بما قدمت أيديهم، وإذا ما كتب عليهم الموت لقوا ربهم فرحين بما أتاهم وتركوا لأهلهم تيجان الفخر والعزة.

ولعل هذا ما يفسر التفاعل الاجتماعي والنفسي والإنساني غير المحدود مع "أنشودة الشهداء" التي تغنى بها أحد أبطال القوات المسلحة الباسلة والتي تحولت إلى أيقونة للشجاعة والفخر والاعتزاز ببذل الروح فداء لأرض الكنانة.

قوافل شهداء الجيش والشرطة
لم أستغرب ونحن أمام حالة الشهيد أحمد المنسي الذي أصيب من قبل وكان بإمكانه أن يحصل على استراحة محارب ويطلب نقله من الخدمة في سيناء ويكفيه ما قدم دفاعًا عن كل حبة رمل في سيناء، إلا أنه عصف بجميع المشاعر الإنسانية التي تقوم على الخوف والرغبة في الحياة والراحة بين الأهل والأحباب، وأبى إلا أن يجلب الشرف لأهله ولزملائه ولمصر كلها وهو يلقى ربه شهيدًا.

وكيف أندهش وأنا أسمع حكاية محمود وأبانوب اللذين امتزجت دماؤهما الطاهرة وهما يتسابقان على الاستشهاد في سبيل أن تبقى مصر حرة أبية ويواجهون رصاصات الغدر والخسة والنذالة والخيانة التي تحيك المكر السيئ ضد بلادنا ولكن يأبى الله إلا أن يحفظ مصر طاهرة من أي دنس.

ومن المواقف والتضحيات التي لا تنسى نتذكر المجند الشهيد محمد أيمن البطل، وهو من أبناء محافظة دمياط، وكان يبلغ من العمر 22 عاما، عندما احتضن الإرهابيين في مدينة العريش، وأنقذ 8 من زملائه، 2 ضباط، و4 جنود واثنين من السائقين، وكانت مهمة "أيمن" هو وزملائه تمشيط منطقة "زارع الخير" في قرية المساعيد بمدينة العريش، وفى حينها ترجل أيمن من السيارة "الهامر" في مقدمة القوة، حمل سلاحه وتوجه لتفتيش "عشة"، وشعر الإرهابي به، وفوجئ الضباط بـ"أيمن" يحتضن الإرهابي فانفجرت القنبلة، ولم يتبق من "أيمن" إلا أشلاء، غير أنه أنقذ زملاءه مؤثرا إياهم على نفسه.

كما نتذكر المجند حسام جمال، الذى كان معينا خدمة لحراسة كمين سدرة أبو حجاج بسيناء، عندما شاهد سيارة تقترب محاوِلة اقتحام الكمين، فأطلق عليها الرصاص، بعد أن رفض قائدها الامتثال لأمر التوقف. وكانت السيارة مفخخة بنصف طن متفجرات، اقترب منها المجند البطل وواصل إطلاق الرصاص من مسافة قريبة حتى انفجرت، وكانت النتيجة استشهاد البطل، لكنه أنقذ 26 من زملائه في الكمين، ولم يتم التعرف على أشلاء "حسام" لقربه الشديد من السيارة المفخخة التي فجرها قبل دخول الكمين فتناثرت أشلاؤه في أماكن متفرقة.

وقال قادة الشهيد حسام جمال إن عمله البطولي أنقذ زملاءه الذين كانوا سيلقون حتفهم إذا دخلت السيارة الكمين، حيث دفع صوت تفجير السيارة زملاءه للانتباه، ومواجهة العناصر الإرهابية وقتل عدد كبير منهم.

ومن القصص البطولية أيضًا قصة الرائد كريم بدر الذى فقد ذراعه خلال التصدي للهجوم الإرهابي على كمين "أبو رفاعي" بالشيخ زويد، فقد أصيب كريم بشظية كبيرة تسببت في بتر إحدى ذراعيه، ومع ذلك لم يستسلم وحارب بيد واحدة، حتى نجح مع زملائه الضباط وجنوده في السيطرة على الكمين وتدمير سيارتين للإرهابيين وقتل اثنين منهم ومنعهم من الاستيلاء على الأسلحة والذخيرة الخاصة بهم، وتم تكريم الرائد كريم بدر من قبل وزير الدفاع تقدير له على شجاعته.

أما المقدم أحمد عبدالحميد الدرديري، فقرر أن تكون حياته ثمنًا لإنقاذ جنوده، وهو ما رواه زملاؤه بأنفسهم، حيث أعطى "الدرديرى" الأوامر إلى الجنود بإخلاء الكمين وركوب المدرعات للاحتماء بداخلها والانسحاب بها حتى لا تسقط إحداها أو جنوده في أيدى الإرهابيين، وطلب منهم الذهاب لمكان آمن، واندفع بمفرده ومعه سلاحه ناحية الإرهابيين ليلهيهم وتشتيتهم بسلاحه، حتى يطمئن أن جنوده قد تخطوا الخطر ولا يهلك الجميع.

وبقراءة بسيطة عن ملاحم هؤلاء الأشراف الذين يستحبون الموت في سبيل الله ومصر على الحياة في رغد العيش، ويتركون أبناءهم وزوجاتهم وأمهاتهم وآباءهم وإخوانهم ويزهدون في كل متاع الحياة ويقدمون حياتهم فداءً وتضحية لهذا البلد الأمين.. نعم، بقراءة عابرة لهذه القصص البطولية التي يعجز خيال أي كاتب عن تأليف مثلها ستجد أنك أمام طائفة مختلفة من البشر.

خير الكلام
"وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط