الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ظاهرة الألتراس .. 10 سنوات من الشغب والأزمات

صوره ارشيفية
صوره ارشيفية

  • معني ألتراس وتاريخ إنشاء الروابط
الألتراس أو الأولتراس هي كلمة لاتينية تعني المتطرفين، وتظهر بصورة مجموعات مشجعي الفرق الرياضية والمعروفة بانتمائها وولائها الشديد لفرقها، وتتواجد بشكل أكبر بين محبي الرياضة في أمريكا الجنوبية حيث نشأت هذه المجموعات لتدعيم اندية بوكاجونيور وريفربلات من الأرجنتين وسانتوس واتليتكو مينيرو وبالميراس في البرازيل وغيرها من فرق أمريكا اللاتينية، ثم انتقلت الظاهرة إلى أوروبا وبالتحديد إلى يوغوسلافيا ثم كرواتيا وصربيا حيث اتخذت من العنف في التشجيع واستخدام الألعاب النارية مبدأ لها. 

وسرعان ما نقلت هذه الثقافات إلى دول شمال إفريقيا في الجزائر والمغرب وتونس مثل رابطة البلاك ارمي المنتمية للجيش الملكي المغربي والجرين بوينز المنتمية للرجاء البيضاوي، وبدأت في استخدام الشماريخ وهو المصطلح الذي أطلق علي الألعاب النارية فيما بعد، وحتى تكتسب هذه المجموعات إعجاب الكثير قامت بعمل دخلات خاصة في المباريات الهامة ليصبح لها شكل جمالي في المدرجات متخذين من بعض المبادئ الأساسية لهم، وأبرزها عدم الجلوس علي المقاعد أثناء المباريات والتشجيع بدون ارتداء تيشيرتات مع الولاء الكامل "للكابو" قائد "الكورفا"،
وقبل نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة وبالتحديد في عام 2007 بدأت روابط الألتراس في مصر في الظهور وابتعدت في البداية عن حمل الألعاب النارية أو الهتافات المسيئة.

وتكونت رابطة التراس أهلاوي والوايت نايتس عام 2007 عن طريق مجموعة من الشباب واجتذبت العديد من المحبين لها من الفئة العمرية في العقد الثاني، وأبهرت المجموعة بدخلاتها وأهازيجها الجميع في الوسط الرياضي بعد ان حولت المدرجات من مكان للمشاهدة الصامتة إلى مسرح للأغاني والتشجيع الحماسي للفريق.

  • ثقافة العنف تجتاح الملاعب 
لم يمر عامان علي نشأة المجموعة حتى بدأت في إدخال ثقافة العنف في المدرجات وحمل الألعاب النارية والهجوم المستمر علي خصمك بالسباب والهتاف المسيء، بل ووصل الأمر إلى محاولة التعدي علي الجمهور المنافس، وتفضيل الانتماء للفريق عن تشجيع منتخب البلد.

وفي عام 2008 بدأت بعض الروابط الأخرى في الظهور في بعض الأندية الجماهيرية مثل رابطة اليلودراجونز المنتمية للنادي الإسماعيلي والجرين ماجيك لنادي الاتحاد السكندري والجرين ايجلز للنادي المصري البورسعيدي، وأصبح لهذه الروابط حضور حقيقي وشبه سيطرة كاملة علي المدرجات المصرية.

ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتعدد الصفحات الخاصة بهذه الروابط علي الفيس بوك، أصبحت لغة السباب بين الجميع هي السائدة وأصبحنا نرى صفحات تحمل عناوين "أنا بكره الأهلي" و"أنا بكره اللماليم" و"أنا بكره البوابين" وغيرها من الصفحات التي يستخدمها جيل لم يتعد العشرين من عمره.

  • حرق مشجع زملكاوي
لم يمر من عام 2008 الكثير حتى استيقظ الوسط الرياضي علي أول حادثة شغب بين هذه الروابط، وذلك عندما قامت رابطة ألتراس أهلاوي بحرق مشجع من نادي الزمالك يدعى محمد عبد المولى أثناء إحدى مباريات كرة السلة لتبدأ موجة جديدة من العنف بين ألتراس أهلاوي والوايت نايتس.

  • شغب بين ألتراس أهلاوي ويلودراجونز
في مطلع يناير 2009 ومع استمرار حالة الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اندلعت أزمة داخل ملعب ستاد الإسماعيلية بين التراس أهلاوي واليلودراجونز وتوقفت المباراة لأكثر من مرة بسبب إلقاء الجماهير للشماريخ داخل أرضية ملعب المباراة التي انتهت بخروج لاعبي الأهلي داخل ممر أمني بعد أن قامت جماهير الإسماعيلي بتحطيم مدرجات ملعبها وإلقائها علي اللاعبين والمدير الفني مانويل جوزيه وخرجت حافلة النادي الأهلي من مدينة الإسماعيلية في عربات مصفحة.

  • الوايت نايتس تحطم بوابة الأهلي
ومع مرور عام 2010 وأثناء إحدى مباريات كرة اليد بين الأهلي والزمالك ذهبت رابطة الوايت نايتس في " كورتيج " من ميت عقبة إلى الجزيرة من أجل حضور الديربي، ومع منع الأمن لهم بالحضور قامت الرابطة في واقعة مشينة بتحطيم بوابة النادي الأهلي واقتحام مقره وبإلقاء الكراسي في حمام السباحة، وسط زعر الأعضاء في واقعة وصفها الإعلام المصري وقتها ببداية الكارثة بين هذه الروابط.

لم يفت أعضاء التراس أهلاوي الفرصة وأثناء إحدى مباريات فريق الشباب مع الزمالك في ملعب حلمي زامورا، حضرت رابطة التراس أهلاوي بكثافة واشتبكت مع الوايت نايتس، وانتهى الأمر بقيام التراس أهلاوي بتحطيم غرفة ملابس فريق الناشئين بنادي الزمالك وسرقة جميع متعلقاتهم بحسب رواية محمود أبورجيلة مدير قطاع الناشئين وقتها. 

ولم يمر الكثير حتى اشتبك أعضاء ألتراس أهلاوي مع أفراد الأمن أثناء مباراة الأهلي الودية مع كفر الشيخ انتهت بالقبض علي بعض أفراد المجموعة.

  • 25 يناير والاتجاه السياسي
مع اندلاع أحداث الخامس والعشرين من يناير وحدوث انفلات أمني في الشارع المصري استمر ما يقرب من عامين، وجدت روابط الالتراس بمختلف انتماءاتهم الأرض الخصبة للانتقام من المنظومة الأمنية التي حرمتها مرارا وتكرارا من الظهور داخل المدرجات حاملين الألعاب النارية.

وفي شهر مارس عام 2011 كانت أولى الأزمات الكبيرة عندما اقتحمت رابطة الوايت نايتس ملعب القاهرة الدولى قبل نهاية مباراة الزمالك والإفريقي التونسي في واقعة تحدثت عنها جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية وصدرت صورة سيئة عن الحالة الأمنية في مصر.
 
وفي شهر سبتمبر من نفس العام وقبل نهاية مباراة الأهلي مع كيما أسوان قامت رابطة الالتراس أهلاوي بالتعدي بالشماريخ وأكياس البول علي أفراد الأمن المركزي، مما دفع رجال الأمن إلي إخراجهم من ملعب المباراة والقبض علي مجموعة كبيرة منهم لتبدأ معها موجة غضب جديدة بين عناصر الألتراس والمنظومة الأمنية. 

لم يفت مجموعات الألتراس ماجرى عقب 25 يناير والتغيير السياسي الذي طرأ في المنطقة العربية حتى قامت بإقحام نفسها في العمل السياسي أو بمعنى أدق العمل الثوري وانضم العديد من أفراد الرابطة إلى بعض الحركات الثورية مثل 6 إبريل وحازمون وأحرار. 

وبدأت في اتخاذ شعارات هذه الحركات داخل المدرجات مثل ما فعلته رابطة الوايت نايتس، عندما اتخذت من اسم قادمون علي وزن حازمون وغيرها من الشعارات السياسية وقتها وتواجد أفراد الرابطة في مؤتمرات أفراد النظام السابق ومؤيديهم.

 نفس الأمر بالنسبة الالتراس أهلاوي الذي ظهر أفراده بقوة في مدعمين لجماعة الإخوان المحظورة، وكان لأعضاء الرابطة حضورا مميزا في اعتصام مجلس الوزراء واشتباكات محمد محمود وغيرها.

  • مذبحة بورسعيد وسقوط 72 أهلاويا
في الأول من فبراير عام 2012 ونتيجة لحالة الكراهية والعنف المتبادل بين المجموعات، وبعضها وعقب مباراة الأهلي والمصري في بورسعيد سقط 72 شابا من أفراد مجموعة التراس أهلاوي في كارثة دموية لم تحدث في ملاعب العالم. 

وهي الحادثة التي هزت الوسط الرياضي بالكامل وتم إلغاء المسابقة في هذا العام ومنع حضور الجماهير في المدرجات المصرية حتى وقتنا هذا باستثناء بعض مباريات منتخب مصر.

لم تكن حادثة ملعب ستاد بورسعيد مجرد حدث كارثي فقط، فقد تبعها العديد من الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات من جانب رابطة التراس أهلاوي مطالبين بالقصاص لزملائهم، وبالطبع حدثت العديد من الاشتباكات بين أفراد الأمن وبين أعضاء الرابطة الذين تعمدوا قطع الطريق في أكثر من وقفة احتجاجية إلى جانب إيقاف مسيرة مترو الأنفاق بعد أن تجمهر أفراد المجموعة داخل محطة العباسية.

وعقب النطق بالحكم في القضية في فبراير عام 2013 بإعدام بعض المتهمين وحبس البعض الآخر بما فيهم مدير أمن بورسعيد حتى وقامت رابطة التراس أهلاوي بحرق مقر اتحاد الكرة المصري بالكامل ونادي ضباط الشرطة اعتراضا منهم علي الحكم.

  • اقتحام مدينة الإنتاج الإعلامي
لم تكن القبضة الأمنية في تلك الفترة بالقوية حيث تركت أعضاء المجموعة يفعلون ما يحلو لهم لدرجة وصلت الى اقتحام مقر مدينة الإنتاج الإعلامي عام 2013، ومحاولة منع بعض الإعلاميين من الظهور أمام مرأى ومسمع من الجميع، ووصل الأمر إلي محاصرة المدينة ومنع خروج بعض الإعلاميين منها.

  • الوايت نايتس يحاصر الزمالك وسقوط "ضحية"
ومع تطور الأوضاع داخل نادي الزمالك وسقوط فريق الكرة الأول في دوامة الهزائم قررت رابطة الوايت نايتس محاصرة مقر النادي وإجبار رئيسه ممدوح عباس على التنحى. 

وفي سبتمبر من نفس العام ذهب مايقرب من 10 آلاف من رابطة الوايت نايتس وحاولت اقتحام نادي الزمالك حتى تصدى لهم الأمن، وسقط أحد أفراد المجموعة ويدعى عمرو حسين ليكون بداية الشرارة والصدام بين الوايت نايتس والمنظومة الأمنية.

تم تنظيم العديد من الوقفات في أكثر من مكان لرابطة الوايت نايتس مطالبين بالقصاص لزميلهم، ولم تكن الوقفات الاحتجاجية بالسلمية حيث دأب أفراد المجموعة علي الاشتباك مع الأهالي وأفراد الأمن كما حدث في دوران شبرا وغيرها.

  • الذكرى الأولى للمذبحة
ومع الذكرى الأولى لمذبحة بورسعيد وأثناء مباراة الأهلى مع توسكر الكيني في ملعب برج العرب، قامت رابطة التراس أهلاوي بحمل لافتة مسيئة ضد المجلس العسكري والهتاف ضد المنظومة الشرطية مما دعى الجهات الأمنية لرفض إقامة أي مباراة للنادي الأهلي علي ملعب برج العرب.
 
لم تفت روابط الألتراس بمختلف انتماءاتهم الفرصة في أي تجمع سواء كان داخل الصالات المغطاة للفرق إلا ودأبت علي مهاجمة المنظومة الأمنية ورفع لافتات مسيئة لهم مما دفع الأمن إلى رفض إقامة مثل هذة اللقاءات وتوقفت الحياة الكروية بشكل قصري طيلة مايقرب من عامين.

  • الاختراق السياسي والانتماء الإخواني
مع اندلاع ثورة الـ 30 من يونيو وسقوط النظام السابق كان لأفراد الألتراس تواجدا ملحوظا في تجمع رابعة العدوية والنهضة رافضين إقصاء الرئيس السابق محمد مرسي وعبروا عن ذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

ومع رفض الاتحاد الإفريقي إقامة مباراة السوبر بين الأهلي والصفاقسي بدون جمهور، حضرت رابطة التراس أهلاوي لملعب ستاد القاهرة، وعقب نهاية اللقاء الذي انتهى بتتويج الأحمر باللقب اندلعت الاشتباكات مجددا بين أعضاء الرابطة وأفراد الأمن بسبب رفض ألتراس أهلاوي أخذ البانر الخاص بهم من جانب قوات الأمن وانتهت بالقبض علي بعض المشجعين الخارجين عن القانون.

  • مرتضي منصور يعلن الحرب علي الوايت نايتس
ومع انتخاب رئيس جديد لنادي الزمالك هو مرتضي منصور في مارس 2014 دخلت مجموعة الوايت نايتس في صدام من نوع خاص مع رئيس ناديهم، وتعددت محاولات اقتحام النادي في عهد المجلس الحالي كان أبرزها ما قام به أحد أفراد المجموعة من محاولة التعدي علي مرتضي منصور أمام بوابة نادي الزمالك.

  • كارثة جديدة "الدفاع الجوي" وسقوط 20 مشجعا زملكاويا
وبرغم تعنت رئيس القلعة البيضاء ضد أفراد المجموعة ومنعهم من حضور تدريبات الفريق ووسط أجواء مليئة بالكراهية بين الطرفين إلا وقد وافقت الجهات الأمنية علي عودة الجمهور للمدرجات في فبراير 2015، وبالتحديد قبل لقاء الزمالك مع إنبي ليستيقظ الجميع في المنظومة الرياضية علي كارثة جديدة، وهي سقوط 20 مشجعا من نادي الزمالك أمام بوابة الدفاع الجوي بسبب التدافع والاختناق لرغبة القلة منهم في الدخول بدون تذاكر.

لم تمر حادثة ملعب الدفاع الجوي إلا وتم تنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجية من جانب رابطة الوايت نايتس، وقامت بحرق ملعب الهدف وارضية ملعب ستاد القاهرة رافضين إقامة إي مباراة للزمالك قبل القصاص لزملائهم.
 
ومع المطاردات الأمنية لأفراد المجموعة بدعم من رئيس نادي الزمالك اختفى الدور العنيف للوايت نايتس في الأيام الأخيرة، واقتصر حضورهم في المباريات الإفريقية علي حمل بعض الألعاب النارية.

  • المناشدة بعد فوات الأوان .. وإعلان التجميد
وطوال السنوات الماضية لم تمر مناسبة إفريقية وبعد معاناة لحضور عدد من الجماهير إلا وتحدث الأزمات المتكررة والهتافات المسيئة، كانت آخرها مباراة الأهلي ومونانا والتي أثبتت التحقيقات أن مجموعة من 6 أبريل اخترقت الرابطة.

وعقب تلك الأحداث وعدم الاستجابة لمناشدة الرابطة للدولة للعودة للمدرجات من جديد عقب أزمة مباراة مونانا، بل واتخاذ النادي الأهلي موقفا صارما تجاه المشاغبين، أعلنت الرابطة تجميد نشاطها إلى أجل غير مسمى.