الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أخطر حَشَرَة في العالم وصلت مصر


امتلك نفسك أرجوك! فقد تنتابُك حالة من الهَرْش الشديد وربما لم يتوقف ظافرك عن حك جسدك أثناء قراءة المقال ، فأخطر حشرة في العالم ظهرت في المعادي وأصابت أسرة مصرية! وطردت مستشفي بالمعادي المريض المصاب بعدما تَمَلّك الذُعر نفوس المرضي وطاقم الدكاترة والتمريض من هول الموقف ، وأصاب الأطباء المعالجون "العجز الكلي " للتشخيص والعلاج ، بينما أُصِيبت التحاليل والأشعة "بالسكتة الدماغية" ولم تستطع التعرف علي الحشرة " الغريبة " فيما أغلقت باقي المستشفيات بمحافظة القاهرة أبوابها "بالضبة والمفتاح" في وجه المريض.

ما سبق ليس سيناريو مسلسل ستشاهده في رمضان وأحاول فك لغز شفرته الدرامية قبل الحلقة الأخيرة ، بل واقع فجرته وسائل الإعلام المختلفة والتي سارعت بمقابلة المريض وأسرته والتقطت صورة للحشرة الخطيرة ، وكتبت ببنط أسود سميك مانشيت "أخطر حشرة في العالم تصيب أسرة بالمعادي والسكان يستغيثون".

ومن إقتباس ما نشر قال "خال" المريض إن الحشرة تخرج من كافة أجزاء جسد (ابن) شقيقته وانتشرت العدوى بالمنزل وأُصِيبت "اخته" بنفس الأعراض وانتقلت العدوي إلى (الجيران) مما أشاع الذعر بين المواطنين كسريان النار في "كومة قش".

فيما أكد مصدر طبى مسئول أن هذا النوع من الحشرات يتغذى أسفل جسم الإنسان حتى يقضى عليه فى أقل فترة فضلا عن إنتشاره وسرعة العدوى للآخرين.

مما إستدعي ذاكرة أهوال ميكروب الكوليرا الذى قبض أرواح الآلاف من المصريين ، حيث تستولى جرثومته على شريان الحياة فى جسد الإنسان فتصيبه بالإسهال والقىء الهستيرى الذى يفرغ الشرايين والأوردة من محتوى الماء فيهلك الإنسان فى ساعات من الجفاف .

دقت التقارير الصحفية مسمارا يؤلم القلب ويدميه بعجز العلم والعلماء عن الوصول إلي التشخيص المبدئى لحالة المريض أو إلى اسم أو نوع المرض، غير أن المعلومة المتداولة أن المريض مصاب بأخطر بعوضة فى العالم وتندُر الإصابة بها خاصة داخل البلاد.

إنتشرت الشائعات كالرياح فأثارت الرعب في نفوس قيادات وزارة الصحة ، فشمر وزير الصحة د أحمد عماد "أكمامه" وهرول بكونسولتو طبي مكون من قطاع الطب الوقائى والإدارات العامة لمكافحة الأمراض المعدية و الوبائيات والترصد ومكافحة ناقلات الأمراض ، مصطحبين سيارات مجهزة بأدوات الترصد والمكافحة وأدوات الفحص الحشرى ومبيدات الصحة العامة، بزيارة الأسرة المصابة وتم التحفظ علي الحشرة تمهيدًا لفحصها ووضعها تحت الميكروسكوب.

وذاع صيت الحشرة والمريض وأصبحا حديثى الصباح والمساء في منطقة المعادي وضواحيها وربوع مصر كلها ، وبدي الجميع يترقب الكشف الأثري عن الحشرة وماذا سيفعل الوزير مع المستشفيات التي رمت "جَتّة" المريض المصاب؟

لتأتي المفاجأة أن المريض منذ اليوم الأول تم إستقباله في مستشفي -الحوض المرصود- ولم تلفظه أي مستشفي ، وأن الحشرة التي حرمتنا النوم خوفا من الإصابة بها هي" القملة " وقد أصيب بها المريض نظرا لتغيبه عن منزل والديه منذ فترة ومكوثه في الشوارع أكثر من 5 أيام، وتم العثور عليه في حالة مزرية من ناحية النظافة العامة بما فى ذلك جسده وملابسه ، ليُكتب التشخيص " المريض يعاني من قمل بالشعر والجسم وبعض آثار الهرش بعدة مناطق بالجسم، ولا توجد أي حشرات أخري وتم إعطاؤه العلاج المناسب والتنبيه بإعادة مناظرة الحالة بعد أسبوعين (وبهذا يكون الإعلام وقع في فخ تضليل الرأي العام بل وإفزاعه )

ليُطْلق المجتمع كل أدوات الإستفهام أين ومتي وكيف ومن ولماذا فعلت الصحافة والإعلام هذه الخدعة والتزوير المعلوماتي وانغمست في محلول –عار تماما من الصحة - ولمصلحة من تكون أداة ترهيب لا ترغيب لكن كل هذه الأدوات ستنهار أمامك تماما عندما أخبرك بأن الإجابة " السبق الصحفي المزعوم " والذي كثيرا ما يوقع الصحافة في خانة " خيانة الأمانة ".

خالص التهاني لوزارة الصحة للإستجابة السريعة لشكوي المواطن ، وخالص التعازي لوسائل الإعلام التي تعجلت ونصّبت نفسها "أبو العُرّيف" دون تدقيق أو توثيق.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط